جدل حول ادخال الحرف العبري لتعليم الآرامية في معلولا
تتفاقم أزمة الحرف المربع في معلولا وتتناقل الأخبار حول إشكالية الحرف المستخدم في معهد اللغة الآرامية بين الآرامية الأصلية والحرف العبري (المربع ) فهل نحن وسط أزمة ثقافية يتدهور فيها التاريخ العربي للحرف العربي الحقيقي أم أننا نندرج تحت أزمة كبيرة في الوعي الفكري والثقافي وحتى التاريخي
تم اعتماد الحرف المربع ذي الحركات في معلولا وكتب به على الجوامع والكنائس والمقابر وهو ذاته الحرف الذي يستخدمه الكيان الإسرائيلي (كحرف مطبعي رسمي) في مطبوعاته وإعلامه وكتبه التدريسية والدينية بدءا من النسخة العبرية لكتاب العهد القديم ( التوراة), فما الذي يدفع معهد اللغة الآرامية في معلولا لاعتماد الحرف المربع الذي لم يسجل حضوره في التركة الأبيغرافية الآرامية في سورية والمنقوش بعض حروفها على تمثال الملك الآرامي(هديسعي) المعروض في متحف دمشق الوطني, إضافة للدهشة التي ترتسم على وجوه السياح العرب والأجانب لدى اطلاعهم الفجائي على الحرف المربع الذي بات شائعا استخدامه في معهد اللغة الآرامية وعلى المقابر و المعالم الدينية وأذرع الشباب في معلولا.
في هذا الإطار تؤكد الإدارة في معهد اللغة الآرامية: الحرف المربع حرف آرامي أضاف له العبريون الحركات لسهولة لفظه فلمَ لا نستفيد من إضافاتهم؟!
تؤكد الإدارة والأستاذ "عماد ريحان" في المعهد الآرامي أن الحرف المربع المستخدم حاليا في كتبهم التعليمية هو الحرف الآرامي المربع الذي أخذه اليهود منذ ألفي عام وأدخلوا عليه الحركات التي تسهل لفظه وعلينا استرجاعه منهم وما من مانع أن نستعيد حرفا سلبونا إياه رغم أنهم أجروا التعديلات التي ستساعدنا على لفظه أيضا, وعلينا أن لا نترك لهم حرفنا الآرامي بل علينا استرجاعه منهم.
لكن يستغرب أهالي المنطقة مطالبة إداريي المعهد باستخدام الحرف المربع الذي يستعمله اليهود وفق ما يسمى بالحرف العبري. كما أن الإدارة تطلق دورات جديدة لم تعد في معهد معلولا فقط بل تنتقل تدريجيا إلى العاصمة دمشق فهل سينتشر الحرف العبري (المربع) في دمشق ليغزو العين والأذرع أيضا؟.
الدكتور ابراهيم خلايلي –الباحث في تاريخ الشرق القديم- فيرى في هذا الاطار .,,
ان علينا إحياء اللغة الآرامية بالحروف التي استخدمها الآراميون السوريون وهي الموجوده في التركة الأثرية السوريه واستخدام الحرف العبري هو خطأ أكاديمي لا يجب أن يتحول إلى خطأ قومي فالحرف الذي تم تدريس الآرامية به في معلولا هو الحرف الذي تقوم جامعة دمشق بتدريسه تحت اسم اللغة العبرية ولا توجد نصوص آرامية مكتوبة بهذا الحرف الذي يسميه المسؤولون عن المعهد الحرف المربع , فاستخدام الحرف العبري ( المربع ) في معلولا يعرّض المدينة للدعاية المغرضة من قبل جهات أجنبية , لا نريد أن نسميها فبعض بعثات التصوير الأجنبية قد تركز في معلولا على هذه الحروف دون اعطاء معلومة صحيحة واحدة عن معلولا . واذا كانت الادارة في المعهد الآرامي حتى تاريخه مازالت تبحث عن رابط غير موجود بين ما يسمونه الحرف المربع وآرامية معلولا فعلى أي أساس شرعوا بتدريسه منذ عام 2004 !!؟؟.
الأولوية هي لإحياء الخط الآرامي السوري الأصلي والحفاظ عليه
تؤكد كتب التاريخ وتحت رأي غالبية المختصين أن الآراميين أخذوا أبجديتهم الأولى عن الكنعانية الجنوبية التي سميت بالفينيقية, ذلك قبل القرن الثامن قبل الميلاد, الذي بدءاً منه بدأت اللغة الآرامية تتوضح وتتغلب على الكنعانية لتصبح اللغة الأولى لمناطق سورية المختلفة, حيث انتشرت بخطها اليدوي مع الإمبراطورية الفارسية_ الأخمينية, كما أن الآرامية تكتب وتقرأ من اليمين لليسار منفصلة عن بعضها البعض، شأنها شأن سائر اللغات الهجائية السورية القديمة.كما تختلف الآرامية عن اللغة العربية بأنه لا إعراب لأواخر الكلمات فيها.
الحرف المربع هو الحرف الرسمي لليهود وهو الذي يستعمل حاليا في فلسطين المحتلة
أما الحرف المربع الذي اتخذه أحبار اليهود بعد أن طوروه ليصبح الحرف الرسمي للكتب الدينية اليهودية, فمازال هو الحرف الرسمي لليهود وهو الذي يستعمل حاليا في فلسطين المحتلة.
وبخصوص الحركات التي يستخدمها الأساتذة في معهد معلولا على الحروف المربعة، فهي من صنع أحبار اليهود الذين شرعوا باستخدامها بدءاً من القرن السادس الميلادي، وظهرت رسمياً في نسخة التوراة العبرية العائدة إلى القرن العاشر الميلادي, أما الحركات فيها دخلت بعد أن أوجدها أحبار مدرسة طبرية اعتبارا من القرن الميلادي الثالث عندما أعطوا لكتاباتهم المربعة , بعض الأصوات معتمدين على الحروف الصوتية مثل الواو والألف والياء,أما اللغة المربعة العبرية فحركاتها المستعملة هي الخط الصغير أو النقطة و عدة نقاط ترسم داخل الحروف أو تحتها أو فوقها وفق ما يحتاجه ضبط اللفظ
كتاب تعليمي يبث ثقافة العنف ولغة الشارع للطلاب
الدكتور "عصام" من أبناء منطقة معلولا قام بكتابة تقرير يوضح وجهة نظره للسكان المخدوعين برأيه ويثبت من خلاله أن الحرف المستخدم (المربع) عبري بحت ولا يمت للآرامية الأصلية بصلة.
وفي مركز اللغة الآرامية يدرس كتاب بعنوان: (المدخل إلى اللغة الآرامية في لهجة معلولا المحلية) للمؤلف جورج حنا رزق الله, والمخصص للتدريس في معهد اللغة الآرامية ضمن دورات نظامية يعلنها المعهد, كما يستعمل في الكتاب جمل تبث ثقافة العنف والحرب والقتل في عقول المتوافدين إلى المعهد إضافة للغة الشارع التي لا يصح أن تتواجد في كتاب تعليمي يتلقاه الكبار والصغار مثل (ضحايا, شجار, ضرب بالسكاكين) مع الأخذ بعين الاعتبار أن الكلمات والجمل الموضوعة داخل قوسين ليس لها أي علاقة بالترجمة الآرامية. ومن الأمثال الشعبية التي لا يصح أن توجد في كتاب مثل ((الكنيسة معتمة والخوري أعمى (مابيشوف) بمعنى أن الطاسة ضايعة –وربطوا الحمار على باب الحلاق فتعلم الحمار الحكي ونسي الشنهقة, أي أن الحلاقين كثيرو الثرثرة)). وتفسيرات لجمل القتل والضرب مثل ضربته سكينا أي ضربته بالسكين ويبول تحته ولاينام إلا في الوسط ( شخاخ وما بينام إلا بالنص).
وأخطاء كثيرة أخرى لا يصح ذكرها في أي مطبوعة محترمة, وتجاوزت الأخطاء ال 200 خطأ في صفحات الكتاب التي نستثني منها صفحات الإهداء فقط. ومن الجدير بالذكر أن الأهالي يتناقلون فيما بينهم خبر التقرير الذي كتبه د .عصام فرنسيس ووزعه على الأهالي بهدف التوعية وناقش من خلاله الكلمات النابية في الكتاب والأخطاء اللفظية والكتابية فيه، إلا ان هذا لتقرير –حسب ما يقال- قد سحب من بين أيديهم بأساليب مختلفة من جهات ظن الأهالي أنها تريد التعتيم على هذا الموضوع.
وعود وورشات عمل وقرارات تصدر بتغيير الحرف المربع وما من مجيب
جاء في توصيات تقرير ورشة العمل الصادر بتاريخ 3/6/2009 عن أهم المكلفين المختصين، ومنهم د.نواف مخلوف، و د. محمد محفل، ود.أحمد هبو، ود.صالح الآلوسي، وأ.جورج رزق الله بدعوة المعهد العالي للغات إلى:
ضرورة اعتماد حرف غير الحرف المربع لتدريس اللغة الآرامية به في معهد معلولا_ لأن هذه الحروف تدرس من العام 1950 وحتى الآن على أنها اللغة العبرية وهي موجودة في مناهج جامعة دمشق وتدرس تحت عنوان اللغة العبرية, ومنها ( اللغة العبرية لربحي كمال ودراسات مقارنة في اللغة العبرية (جزءان) للياس بيطار).
وقد طالب بعض المشاركين في ورشة العمل بأن يكون للمديرية العامة للآثار والمتاحف ممثل عنها في عضوية لجنة مناقشة الخط المناسب لآرامية معلولا. علما أن ورشة العمل اقترحت استخدام الحرف الآرامي السوري القديم الذي تضم متاحف القطر نماذج أثرية واضحة منه وذلك توخيا للدقة وإحياء للخط الآرامي السوري القديم الذي تنحصر آثاره القليلة في النقوش الحجرية المسطورة المتبقية, وأرسل أحد المشاركين في الورشة نسخا منه للاطلاع إلى الرقابة الداخلية والمدير العام والتنظيم النقابي ومدير العلاقات العامة الثقافية في وزارة الثقافة والمعهد العالي للغات في جامعة دمشق, لكن ما من صدى أو نتيجة رسمية أو تغيير في الحرف جرى في معهد اللغة الآرامية الذي مازال مصرا على استخدام الحرف المربع ذي الحركات.
لماذا تم تجاهل توصيات ورشة العمل بتشكيل لجنة ثانية تساعد على اختيار الحرف الأصلي الذي يجب أن يكون بديلا للحرف الحالي في المعهد؟ رغم تأكيدها على تأمين نسخ عن كتب قديمة مكتوبة باللغة الآرامية أو دراسات عن طريق المكتبات العالمية أو الجامعات العالمية المتخصصة باللغات السامية والقديمة؟!!علما أن السادة المشكلين هم د.نواف مخلوف, د. وائل بركات, السيد بشار مسعد. وتشكيل لجنة أخرى لاختيار القلم الآرامي من السادة (د. محمد محفل, د. جباع قابلو, د. الياس نصر الله, الأستاذ جورج رزق الله, الأستاذ الياس تجرة, والمهندسة سعده سرحان).
الرجوع عن الحرف المربع قضية دفاع عن قضية وطن وتاريخ
ومن الجدير بالذكر أن أهالي ( معلولا وبخعة وجبعدين) يطالبون بتغيير الحرف المربع ويتمسكون باللغة الآرامية الأصلية ويدافعون عنها .كما أن بعض الأهالي يرون في الرجوع عن الحرف المربع قضية دفاع عن قضية وطن وتاريخ, علما أن أكثر المهتمين بهذا الحيز من الموضوع يرون من المفيد والمهم جدا أن نتعلم لغة العدو ونفهمها ونتحدثها لا أن نوثق تاريخنا وآثارنا بها وندرسها على أنها لغتنا الأم, فالعبرية لغة العبريين والعربية لغتنا ونحن لا نريد أي تدخل عبري على الآرامية بل نريد الحفاظ على لغتنا دون تدنيس حرفي إسرائيلي ثقافي وفكري لها.
ويؤكد بعض المشاركين في ورشة العمل (مثل د.ابراهيم خلايلي) قوله ان الحركات على الحروف المربعة ظهرت في نسخة القرن العاشر الميلادي من التوراة العبرية أي إنها حديثة ولا تنطبق على لغة معلولا الأصلية الآرامية أو الآرامية بشكل عام الأمر الذي أيده بشدة أحد الحضور المتخصصين (د.صالح الآلوسي) ملاحظا أنه لا يجوز وضع حركات النص العبري الحديث على حروف اللغة الآرامية تحت أي ظرف أو بند علما أن غالبية الكادر التوظيفي في المعهد بعيد تماما عن أصول اللغة الآرامية واختصاصها فالبعض كان مقيما خارج معلولا ولا يتحدث الآرامية إلا حديثا واختصاصه العملي هندسة زراعية والبعض الآخر ما زال جاهلا بأكثر الكلمات الآرامية ويخطئ في لفظها عند تواجده مع الأشخاص الأكثر خبرة وارتباطا باللغة الآرامية الحقيقية.
العبرية ....من اللافتات في الأراضي المحتلة إلى معلولا!!!!
تنتقل الكتابة العبرية من اللافتات في فلسطين المحتلة إلى ارض معلولا على جدران دور العبادة والمقابر...فهل هي مجرد خروقات دينية تحفر على الجوامع والكنائس والمقابر وباتت صرعه (توشم) على الأيدي لتعتاد العين رؤيتها الموضوع خرج عن إطار إحياء الآرامية إلى ترويج الحروف العبرية وهي هفوة يجب تداركها فورا كي لا تغيب الهوية الآرامية السورية ويحل مكانها ما هو أبعد من ذلك كخروقات ثقافية ودينية تغيب التاريخ والوعي الفكري والعربي فنحن أبناء اللغة العربية –أم لغاتنا القديمة- وليس (العبريه) التي تعبر حالياً عن الاحتلال الغاشم لا أكثر، ويجب إزالة مظاهرها فورا . ولو كان الفارق بالنسبة للبعض مجرد هفوة لا أكثر.
الجديد بين المستجدات والتنفيذ ...
ستقام محاضرة في معلولا في ال19 من الشهر الحالي يحضرها جميع الأطراف المذكورة في التحقيق لاختيار الحرف الأفضل كما أن قرارات استبدال الكتابات العبرية ذات الحروف المربعة قيد التنفيذ .
كما الاتفاق على تجميد التدريس في معهد اللغة الآرامية لمدة 6 اشهر و إقامة لجنة لاعتماد الحرف المناسب بعد المحاضرة المذكورة علما أن بعض الجهات االمعنية بالموضوع تحاول التعتيم على جذور المحاضرة التي سيلقي عليها الضوء الدكتور ابراهيم خلايلي في المركز الثقافي في معلولا.
ديمة داوودي - صدى سوريا
المصدر
http://www.alhwash.org/mag/modules.php?name=News&file=article&sid=4181