أمسية أدبية مفتوحة في ملتقى رابطة الأدب الإسلامي العالمية
الرياض خاص المجتمع

خمسة عشر أديباً شاركوا في الأمسية الأدبية المفتوحة التي أقامها المكتب الإقليمي لرابطة الأدب الإسلامي العالمية في الرياض، والتي حضرها "د.عبدالقدوس أبو صالح" رئيس الرابطة، ومجموعة من محرري الصفحات الأدبية، في عدد من المجلات والمواقع الثقافية بالسعودية، كما احتشد جمهور من متابعي الثقافة والأدب، وأدار الأمسية "د. وليد قصاب" أستاذ النقد ومنهج الأدب الإسلامي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ومدير تحرير مجلة الأدب الإسلامي.

الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم


في البداية شدا الشاعر خالد الغانم بقصيدته "ذابت جبال الليل" دفاعاً عن الرسول [ أمام الإساءة إليه من رموز غربية حاقدة، وتميزت أبياته بعمق معانيها وقدرتها على ملامسة وجداننا
أيعوق الدجى خطا الإصباح
حين يغري كلابه بالنباح
ذاك ظن الذين بالكفر باءوا
وأساءوا إلى رسول الفلاح
وقد جاءت قصيدة الشاعر "جبران سحاري" مبحرة في محبة الرسول [ وهي ميميّة صاغها بعذوبة في مدح النبي الصادق الزكي الذي خصّه الله بالخلق العظيم، وهي بعنوان "تنوير الملامح في معارضة المدائح"، وهي من أجمل قصائد الملتقى في معانيها وإيقاعها وألفاظها لولا طولها الذي جعل الشاعر يخرج أحياناً إلى الفخر بنفسه وشعره، وكان الأولى أن يركز على مدح الحبيب صلوات الله وسلامه عليه
تفوق بدر الدجى في الحسن من صغر
وأنت أطهر شخص حل في الحرم
علوت في الكون بالوحيين منتصراً
أحيا بك الله أجيالاً من الرمم
لك اتبعنا وصدقنا نبوتكم
من لم يقر بها قد تاه في الظلم
إذا دعوت على الجبار أهلكه
ربي ببطش عزيز منه منتقم
أعطيت خمساً، فخص الله جانبكم
بها عن الأنبياء من سائر الأمم
والكوثر العذب أعطاك الرحيم بنا
وفيه ما ليس في بال ولا حلم

طيبة وألق المجد


وتنبض قصيدة الشاعر محمد عبدالله عبدالباري "طيبة ومهرجان الروح" بأَلَق المجد، وتزهر من روضة النبي الطاهرة ليغدو المكان جدولاً من النور ممتداً إلى عطر التاريخ الإسلامي؛ إذ تشع منائرها الجذلى وترف بألحانها تشدو، وتلح العاطفة المتدفقة على شاعرنا في طيبة الروح وكيف لا؟ وهي مدينة رسولنا [، وقد تكحلت الأرجاء من فيض نوره؟ وإذا الصور الشعرية تتقاطر بين ضمائر ثلاثة "هي" طيبة الطيبة و"هو" محمد [، و"هم" أصحابه من المهاجرين والأنصار رضوان الله عليهم هكذا نصغي لشدو الشاعر
وجاء وأعراس الضياء تزفه
لطيبة والأقمار من حوله وفد
مشى في مغانيها فأعشبت الرؤى
وغنت لياليها ورفّ بها السعد
تكحلت الأرجاء من فيض نوره
وعانقت الأضواء أجفانها الرمد
إذا هزت الأمجاد يوماً لواءها
تلقفه "عمرو" وسار به "سعد"
هم الأنهر البيضاء تجري هداية
وإن خفقت راي الجهاد هم الأسد

مع الوطن


أما قصيدة الدكتور "حيدر مصطفى البدراني" (مع الوطن) فتمضي إلى الوطن في حوار نازف، وتشعل فينا غربة قاسية، وألماً دفيناً حين تفجعنا المنافي، كما تتسامى إلى أشواق روحية وكذلك جاءت قصيدة "يا بيروت" للشاعر "محمد منذر قبّش" تناجي الوطن، وترق حتى ترتشف الندى، وهي من شعر التفعيلة، وتقنص الصور المبتكرة في أكثر من مقطع، كما تعتمد على تراكيب جديدة في علاقتها نابضة بالهم من خلال استدعاء الحكايات والأناشيد الشعبية فلنقرأ
للفراشات التي رقصت
على نور العيون
للورد في حمر الخدود
للنحل يلتمس الرحيق
سأشرع صبوتي
أدنو لأرتشف الندى
وفي قصيدة الشاعر "عماد علي قطري" (نوبة رجوع إلى نيل مصر)، مشاهد حية يرسمها في قراءته لمواجد المكان، وهو يوازن بين همومه الخاصة وهموم الأمة ساخراً من الواقع المضني، متطلعاً إلى أمل قادم مكرراً عبارة (هو النيل) ليظل في ذاكرته رمزاً للنهوض
هو النيل ما كان جدباً
وما كانت الأرض يوماً عقيمة
فكن بذرة شكلتها الصباحات نوراً
تكن كالذي لم تكنه
ابنتي عائشة
ألقى المشاركون في هذه الأمسية ثلاثة نصوص نثرية هي خاطرة (ابذل الوصل لتجد الهجر) ل "موسى أبو حيمد" ممن يشارك في لقاءات الرابطة لأول مرة، وقصة للأطفال بعنوان "صحوة سلمى"، وقصة قصيرة مترجمة من الأدب التركي عنوانها "ابنتي عائشة".
وعبَّرت الخاطرة عن رؤية اجتماعية بين صديقين أحدهما مخلص للصداقة واصل لصديقه، والآخر هاجر له غير مكترث، ورغم محاولات صديقه المتكررة في بذل التواصل الحميم، وقد وفق الكاتب في رسم صور صادقة لما قد يحدث في علاقاتنا الاجتماعية بلغة واقعية، وفكر نيّر وفي للصداقة، أما قصة (صحوة سلمى) ل "عبدالإله بكار" فقد حملت مضامين تعليمية مشرقة لأطفالنا لإدراك أخطائهم، والتعلم منها وتميزت ببساطتها الفنية، ولكن يؤخذ عليها كثرة أحداثها، ولو ركزت على حدث واحد لكانت أكثر تأثيراً في النفس وأقرب لفهم الطفل.
وأما القصة المترجمة عن التركية "ابنتي عائشة" للكاتب "عبدالرحمن شن" فقد ترجمها الأديب شمس الدين درمش، وأرى أنه وفق في نقل مشاعر الكاتب وأشجانه في الحزن لمرض ابنته "عائشة" ثم وفاتها وجاءت بلغة رصينة، وعبارات متمكنة في رصد المشاعر النفسية لدى "عائشة"، كما أنها تأوي إلى حس إسلامي في الأوبة إلى الله في مصيبة الموت.>