أحلام الفتى الطائش (( قصه قصيره ))

**مصطفى الطنطاوى** · 11-29-2008, 09:58 PM

بعد الألم وليالي الحرمان, بعد إن جف ينبوع دموعي, بعد إن شربت كأس المرار حتى الثماله, بعد أيام الوحده التي قاسيت فيها العذاب. افتكرت صديقاً عله يطفئ نيران قلبي, ويخفف حدة أحزاني, فقررت أن أشكو إليه عذابي وجراحي, فأمسكت به انسابت أفكاري إليه تتدفق كأمواج البحر, وكسيلان النهر, تفيض بما يجيش به صدري. أفكار تتدفق بغير ترتيب, قلمي يكتب, أوراقي تشرب, كلمات غير منمقه تخرج وحيده بغير ترتيب.. حب.. حبيبتي.. قمر.. ليل.. نجوم.. حنين وأشواق.. دموع وعذاب.. دوامة أفكار تدور وتدور وتأخذني بعيداً. ها قلمي توقف أوراقي تصرخ تريد هي الأخرى أن تشرب حتى الثمالة. ها هو قلمي يعاود الكتابه, لكن الكلمات تخرج بانسياب كلمات رقيقه, أين أنا؟ لا ادري!! لكني أرى قلم يخط على ورقة بيضاء. سأقرأ لكم ما يكتبه لعل حديثه يعجبكم ويعجبني.. أنا حزين, أمواج حريتي تتكسر على الشاطئ الصلب, قطيع من الذئاب يهاجم مَنّْ حولي, لم يصل إلي بعد, ولكنه سيصل في يوم من الأيام. أقف لا أحرك, ساكناً, لا أستطيع فعل شيء غير الكلام وبما يفيدني الكلام فلذلك سأبقى في صمتي حتى يحين دوري وتمزقني الذئاب مثلما مزقت غيري سأتكلم بما يفرح قلبي ويأخذني بعيداً عن الواقع المرير يأخذني إلى عالم لا تعرفه هذه الذئاب عالم جميل مليء بالمحبة مليء بالزهور مليء بعواطف وأحاسيس فُقِدَت من عالمنا إنها تتجمع في ذاك العالم تهرب من عالمنا لأنها لا تستطيع العيش هنا. سأتجول في هذا العالم الجميل أمتع عيناي بألوان الزهور البنفسج الياسمين القرنفل ألجوري من كل الألوان وكل الأصناف أرى خيال يقترب ها هو يتضح أكثر وأكثر إنها فتاه تقترب مني اتضحت لي ملامحها يا للهول... توقف القلم عن الكتابه صحت به أكتب لماذا توقفت بقى صامت لا يتحرك بدأت صورة القلم تتشوش وتهتز. أشعر بعاصفة في رأسي أشعر وكأني أفيق من غيبوبه لكن فجأه عادت صورة القلم وها هو يعاود الكتابه سأتلى عليكم بما يكتبه علكم تستمتعون.. كانت تتقدم نحوي بلا صوت. الابتسامه تملئ وجهها الصبوح دنت مني وقالت ماذا تفعل هنا؟ لم أستطيع جواباً. ضحكت وقالت ماذا جرى لك فتمتمت بكلمات غير مفهومة ل لا شششيء.. إني خجول لا اعرف هل أستطيع وصفها سمراء وعيناها الزرقاوتين الساحرتين كالسماء الصافيه تراهما كينبوع يتدفق حنان سحرهما لم أرى مثلهما في عالمنا يحرسهما سيفين حادين أنفها الصغير كالنبقه خدودها كالتفاح اللبناني إذا ابتسمت تظهر غمازتين فمها دقيق وشعرها الأسود ينسدل على كتفيها كشلال من الحرير أنشرح قلبي لرؤيتها قالت لماذا تقف كالصنم تقدمت مني وأمسكت يدي وقالت هيا سر معي نتجول في هذا العالم سرت معها مشدوهً لا أرى غيرها تحدثني ولا أفهم ماذا تقول.. أزهار وأشجار وعصافير تغرد بدأت أنسجم في هذا العالم الجميل استيقظ عقلي من صدمته لرؤية جمالها قلت لها إلى أين نحن نسير قالت إلى شجرة العصافير المكان الذي أقضي وقتي هنا بغير رفيق وها قد أصبح لي رفيق قلت هذا شرف لي أن أكون رفيقك ولكني أتيت إلى هنا بطريق الصدفة ولا
أستطيع العوده إلى هنا ثانية قالت لا تخف ستعود وسيطيب لك المقام هنا ستهرب من عالمك إلى عالم الأحلام لتنسى عذابك وتذوب في أروع أحاسيس كما حدث لي.. ها قد وصلنا هكذا قالت لم اسمعها كنت منتبهاً إلى ما تنقله عيناي إلى عقلي شجرة سنديان كبيرة جذعها لا يستطيع عشرة رجال أن يضموه أصوات العصافير كفرق موسيقيه تخطف الألباب اقتربت من الشجرة وجدت بجانب جذعها مقعد يتسع لخمسة أشخاص جلست عليه وأنا غائب عيناي تبعث لعقلي ما تراه وعقلي يبعث لقلبي وقلبي يبعث لروحي وروحي تسبح الخالق بما خلق أعضاء جسمي المتبقيه لا أدري وجودها من عدمه لا أدري ما أقول ولكن سأقول ما أرى. شجرة العصافير تقع على سلسلة تلال موقعها يطل على شلال وينابيع المياه التي تحيي الشلال تتفجر من صخور عاليه وتسقط إلى الأسفل هدير صوتها ينعشك كذلك الرذاذ وعبق البخار منظر تكل عنه الأوصاف عذراً لعجزي عن وصف المنظر الخلاب.. ها هو شعوري بأعضائي يعود نَظَرْتُ إلى فاتنتي فرأيت ثغرها مبتسم قالت لي رأيت ماذا حل بك فتذكرت قدومي للمرة الأولى إلى هنا فتقدمت وجلست بجانبي فقلت لها ما اسمك قالت إسمي في عالم الأحلام {نور}, أختر إسم لك قلت أسمي {أحمد} قالت لي يا أحمد ستجد كل ما تتمناه في هذا العالم لكن كل ما تراه من وحي خيالك ودخولك إلى هنا فتقضي ساعات ربما أيام في حياتك العاديه تكون مجرد دقائق أرجو أن نصبح أصدقاء كنت منتبه لكلامها وشارد بما حولي من مناظر خلابه تحدثنا كثيراً عن أحلامنا وعن ما نتمنى أن يتحقق لكن هيهات ليس كل ما يتمناه المرء يدركه, دخلت إلى قلبي وامتلكته وأنارت به شموع حبها. حديثها العذب يملئ كياني ووجهها يملئ عيناي وقلت لها حقاً أنت من أراكي دائماً في أحلامي قالت ها قد التقينا في عالم الأحلام وسنكون قصصاً في هذا العالم ليقرأها كل من يأتي بعدنا سنبني أجمل القصور سنروي قلبينا من ماء الحب الذي هو حياتنا والآن حان موعد الرحيل سألقاك قريبا هنا إلى اللقاء يا حبيبي.. إلى اللقاء يا أغلى حبيبة..

كانت صدفة جميلة لا أدري كيف دخلت إلى أحلامي ووجدتها هناك عن طريق ذاك القلم شعرت بالراحة خلال الأيام التي مرت علي بعد ذلك اللقاء لقاء الحبيب خلال الأحلام... هذه حياتي المريره تدور بي وتدور وتمتص ينبوع عيوني ليتها تمتصه من عيني لا بل تحب تعذيبي فقد فتحت طريق في خدودي فيسل نهر الدموع إلى خدودي يحرقها بلهيبه وبعدها تمتصه, وبعد أن يطفح قلبي من الجراح يأخذني إلى عالم الأحلام فينسيني عالمي وحياتي المريره ويعيدني ممتلئ النشاط والثقه متفائل بالحياة فيرسل الزمن أشعته إلى أن ينشف نشاطي ويكويني بناره ويبدأ قلبي يخزن حرارته إلى أن يمتلئ فيعيدني إلى عالم الأحلام, كمخزن الطاقه نعيد شحنه.. قبل الذهاب إلى عالم الأحلام سأروي عن عالم الواقع قليلا وبعدها نسافر إلى عالم الأحلام. هي بعيده عني في عالم الواقع لكن في آخر فتره تقابلنا كثيراً كنت أراها في عالم الواقع وبعد غيابها عن عيناي يدخلني عقلي في دوامة الأحلام في أخر لقاءين لنا في الواقع شعرت بخفوت دوامة الأحلام وفي آخر لقاء تحدثنا طويلاً في أمور عده وسمعت منها كلام لم أتوقعه.. أراها أمامي تاره تتكلم كلام أو تسال سؤال يخيب لي أمالي وتاره ينقل عقلي ما يجري في عالم الأحلام أراها تقع في الهوة التي بجانب شجرة العصافير صوت صراخها مع هدير الشلالات مع زقزقة الطيور ماذا يجري لا ادري لم أعد أستطيع التركيز لا في عالمنا ولا في عالم الأحلام.بعد هذا اللقاء لم ادخل إلى عالم الأحلام كالعادة, ممكن بسبب صديقي الذي بقى بجانبي مدة من الزمن وممكن بسبب آخر, ولم أتذكر أو لم اسأل عقلي عن مقاطع عالم الأحلام التي كان يدخلها في حواري مع أقربائي وحبيبتي حتى هذه اللحظات, تذكرت الآن فها عقلي يأخذني ويبث أمام عيناي ذاك القلم الذي يكتب ويرسم عالمي المجنون عالم الأحلام....
لكن في هذه المره أرى ورقه سوداء والقلم مكسور وهناك قلم {(تيبكس) الذي نمحى به أخطائنا إذا كتبنا بقلم حبر} لا ادري لماذا الورقة سوداء ولماذا هذا القلم بالذات تركت لكم الجواب وبدأت أقرأ لكم ما يخط ودخلت إلى العالم عالم الأحلام...
في هذه المرة لم انتقل إلى نفس الموقع الذي انتقلت إليه في المرة السابقة بل انتقلت إلى شجرة العصافير ها هي تجلس على المقعد بجانب الشجرة اقتربت وجلست بجانبها دون أن أتحدث إليها وأخذت أراقب منظر المياه لم تلتفت إلي ولم تحدثني التفت إليها إذا بها تلتفت إلي التقت عيوننا. في عيناها كلام طويل وعتاب وحزن واني أرى اثر الدموع لم اشعر باني حزين لحزنها لم ادري لماذا هل انتقلت عدوى عالمي الحقيقي إلي وأنا في عالم الأحلام أبعدت عيناي عن عيناها وأخذت أتأمل منظر المياه لكني أراها بطرف عيني ما تزال تنظر إلي شعرت بحاجتها إلي والتحدث معي لكن لم اعرها التفات مشاعري نحوها تغيرت لكن لماذا؟؟ لماذا أتيت إلى هنا أذاً؟؟ هل أتيت لأعاتبها!!! لماذا لا أتكلم إذاً. لكني رأيت في عيناها نظرة عتاب لماذا!! تعتب علي ما فعلت ؟؟ هل فعلت شيئا لتعاتبني عليه لا ادري... هي تنظر إلي وأنا انظر إلى الماء عيونها تنطق بما في قلبها لكني لا التفت نحوها لا ادري من أين أتتني تلك القسوة.. رايتها بطرف عيني تشيح بوجهها عني
والدموع تتساقط من عيناها سماء صافية تمطر من غير غيوم عيون زرقاء جميلة يسقط منها حب بلور ها هو قلبي يخفق ها هو حناني يعود لا ادري أين كان وكيف تبدل بهذه القسوة كيف أقسو على مثل هذا الملاك وفي هذا العالم بالذات المليء بالمحبة والحنان لم استطع حبس دموعي فمددت يدي ومسحت دموعها ومسحت بيدي شعرها فلم استطع تحمل المزيد فضممتها إلى صدري علي ابرد ما في قلبها نحوي وتبرد ما في قلبي نحوها...
نغمة عتاب

بعد شرارة الشر بعد ذهاب الغيوم بعد حلول الربيع بعد ما سمعت عن حبيبتي بأنها تصلح خطاها وتتعمق في العلوم لتتعلم وتعرف وتتقدم إلى الأمام فتدخلت وساعدتها مساعدة غير مباشرة لأزيد حماسها ورغبتها في اكتساب العلوم وأخذ الجليد في قلبي يذوب رويداً..رويدا
وفي ذات يوم شدني الحنين إلى قلمي السحري الذي يأخذني إلى عالم الخيال فجلست تحت ضوء القمر أمام أوراقي وأمسكت بقلمي فهاجت عواطفي وتحركت أحاسيسي فتاهت عيناي بلهيب أفكاري وتأثير ضوء القمر الفضي وبدا كل شيء من حولي يدور والأشياء تتداخل يبعضها وها أنا أغيب عن الواقع وادخل عالم الخيال قلم وورقه وكلمات فلأبدأ بالقراءة..
ها هي تجلس على المقعد المطل على النهر وأنا أتقدم نحوها ببطيء وعندما اقتربت منها وجلست بجنبها قالت من غير أن تلتفت إلي ما الذي عاد بك الى هنا قلت لها أما تزالين غاضبة مني وعلى ما اعتقد قد إندمل الجرح الذي بيننا قالت وهي تلتفت الي هناك جروح تبقى ولا تندمل رايت الدموع في عيناها فمسحت خدها بيدي وقلت لها اتبكين يا حبيبتي وانتي في هذا المكان الذي يشرح القلب ويسره الا يكفي البكاء في عالم الواقع لقد كنتى فيما مضى وحيده وها انا قد اتيت واصبحت في جانبك فقالت قسوة قلبك معي قد جرحت قلبي وهدت كياني وعذبت احاسيسي وكسرت عواطفي ليتني لم اقابلك هنا ليتك لم تاتي الى عالمي وابقى وحيده ويكسر وحدة املي بك بحبك بحنانك بهمسات قلبك النابض بحبي كم كنت سعيدة عندما قابلتك هنا لكنك حطمتني وهبت العواصف في بحر الحب وتكسر المركب على شاطئ الأمان وعدت الى الوحده رغم وجودك بجانبي وحده بلا امل ..
وبعد انتهائها من كلامها القاسي تراخت في جلستها وراحت تتامل منظر المياه كانها لم تقل شياء او كانها كانت تحمل حملاً ثقيلاً وانزاح عن كاهلها فلم اقطع صمتها رغم الم قلبي صمتت وقلبي ينبض بقوه ودموعي تتلألأ في عيناي وافكاري لا تهداء وتدور وتعيد كلامها وتزيد عذاب قلبي حتى تفجرت دموعي ولم اعد استطيع الإحتمال نظرت اليها وقلت لها حبيبتي .. قلبي يخفق ودموعي تسيل وكلامك يدور في عقلي كدوامة تجذبني اليها ارحميني ...

توقفت الأمال وإنتهت احلام الفتى الطائش وأكلته الذئاب وذهب فى مهب الريح...