مهما شعر بالألم يقطع حسيا أوصاله ، لم يغادر فكره بها وصاله ، ظلت بالنسبة له نفس الفتاة التي التقى بها ذات يوم من عمر الزمان في مدينة القصر الكبير ، لم يغير ما حدث رؤياه المدفونة في كيانه من ملامح محياها قيد أنملة ، بيضاء البشرة ، ممتلئة البدن ، شقراء الشعر ، بعينين عسليتين في إشعاع أساسه البراءة والفطنة والالتصاق بما يساير الرغبة الطبيعية دون تدخل عوامل تملي إتباع ما يرضي الآخر لا غير، وإنما الانطلاق من قرار الإقناع بالاقتناع وبعدها الارتباط الكلي بما شاء القلب الخافق مع الخير بالخير، المتطلع لعقل له ميزة التحليل قبل الارتماء بين أحضان تلك الرغبة الطبيعية نفسها ، بفم متناغم مع استدارة الوجه ،المقبولة مع حجم الرأس، شيمته الميل لابتسامة تجر المقلتين لانكماش تلقائي يوحي بالانسجام الروحي مع من يبادلها الحديث الهادئ المفعم بحب عذري لم تشهد مدينة القصر الكبير مثيلا له على أرض الواقع في مثل التوقيت، غير البعيد عن استقلال المغرب وإنعثاقه من استعمار ثلاثي الأطراف (فرنسي جهة الجنوب/اسباني ناحية الشمال/دولي في طنجة) كلما التقيا خلسة عن مراقبة أثقل الرقباء وأمكرهم وشاية وتدخلا في شؤون غيرهم الخاصة ، وتهامسا بلغة الجفون ، وحيرة اختيار ألطف العبارات وأقربها معانقة لشغاف الفؤاد ، مخارجه أصوات نابعة من صدر حديث عهد بمثل الانفعالات البهية الوَقْع ،على اللحظة الرومانسية الملونة بالحياء الحق، كنتيجة ايجابية لتربية غلب عليها الابتعاد عن مقاسمة التعابير متى انفرد ذكر بأنثى ولو بإيعاز من حب طاهر شريف نمى بينهما تلقائيا بلا مقدمات ، اللهم ميل احداهما للآخر، جمعت بينهما الأقدار، لأقل من ثانية ، وكانت كافية، لتتشابك أناملهما في حنان جميل المقصد نبيل المرصد ، لمرحلة ما ، ابتدأت بسعادة في حجم الدنيا ، فتدرجت بما يترك الفراق من لوعة وحسرة وذرف للدموع ، وتصورات طال أمدها لتصل هذا اليوم واليد المحملة بمسؤولية الكتابة، تُنقلها بأمانه عسى أن يحتضنها من يعاود التجربة ، ويفكر عكس ما ألزمتني الظروف الملعونة لأفكر فيه مضحيا بأحق حقوقي كإنسان أحب إنسانة جرفته التقاليع والتقاليد البالية لينزوي في ركن الانتظار قبل الانطلاق للمضي قدما بلا راحة إخلاصا لمصير أراد أن أكون ما كُنتُ بتصرف لا زلت حرا في بدله . (يتبع)
ذ .مصطفى منيغ
مدير نشر ورئيس تحرير جريدة الأمل المغربية
عضو الأمانة العامة لحزب الأمل