أرصفة السراب
عبد الحميد شوقي
جبتُ البحار
تناثرتْ قدمي على
رمل الرصيف المر
آوتْني غرابات وأسراب انكسار
سكنتُ أقبية التواريخ الجريحة
كل شيء كان ينهار :
القرى الزرقاء
والمدن الصغار،
مدافن الأمم القديمة
وانتظارات النهار،
كل شيء كان ينهار...!
احضنيني في مجاريك الحميمة يا دمائي
قد آن لي
أن أستريح من الغبار
أن أنسف الأشياء في تكوينها
هي رؤية أخرى تفل عفونة الفوضى
وتصنع من دمي
جسرا إلى ملح الغياب
وغفوة الشمس الرقيقة
فوق أرصفة السراب..
تستيقظ الآن القبائل في :
أرى قرى تخفي اغتراب الماء في شهواتها
وأرى مدائن لا تموت من العذاب
فيا لجسمي المستباح
على تفاصيل النهار..!
ما زلت أطلب شهوتي
زبدا رهيفا في حواشي الأمكنه
وأرى فتاة تدخل العتمات في قلبي
ليشهق كهرباء الأزمنه
وتطير أسراب الفراشات الحليمة
آه أيتها الجراح المزمنه
أنت النشيد
وصبوة الشجر الوديع
أنت المساء يفض أغنية البهاء
على مدى قلبي الشريد
وأنت سر صلاتي الأولى
لأحمل للوجود
وجها يدوم و لا يعود..
فبراير 1993