حينما يسقط القناع تظهر الوجوه .... تلك الوجوه التي لطالما استترت خلف الألوان المزيفة والابتسامات المصطنعة أي وجوهٍ تلك التي لا تظهر حقيقتها ولا تعترف بمكنونها هي تعرف حقيقة نفسها جيداً ولا تتوانى عن خداع ذاتها وذوات الجوار, وجوهٌ في مقدمة رأسٍ لا تحوي من الأفكار شيئاً , إنما هي البهلوانية والدونية مع أشخاص لا تصلح معاملاتها إلا مع السيرك وأهله فهم مهرجين في داخلهم مزيفين أمام الناس ؛ يدَّعون الأحترام ويصنعون من أجله الأزياء والأوسمة , وتناسوا أن الفوضى بداخلهم وأن المرآة ربما تُخدع من تلك الاغطية والرداءات المتردية .... أما المرآة الحقيقية هو ذلك الشخص الذي يعكس أفعالي بمنتهى المصداقية ويسطر كلماته على جدران روحي بمنتهى الشفافية ؛ لكن لا أدري ثم لا أدري هل نجده في هذه الأوقات التي امتثلت فيها المتشابهات وتجانست فيها الشخصيات وتماثلت فيها أبسط الجزيئات , حتى تعدى الأمر أبناء الجنس الواحد فأصبح الجنسين متماثلين في الشكل والمضمون لا تكاد تفرق بين جنسٍ وجنس , بين من يمتلك القوامة وبين قصيرة القامة كلهم في الهواء سواء , يرتدي جمع المذكر السالم ما يرتديه الضد وهن يفعلن ما يفعلونه نداً بند ..... تباً لتلك الحريات التي لم تفرق بين المضاجع وسوَّت الأبكم بالسامع .
نرتدي الأقنعة حتى نصل إلى تلك المرحلة وبعدها لا يعرفنا أحد وكيف لا ! لأننا وببساطة أضحينا عاملين وعاملات أسياداً وسيدات , مديرين ومديرات , رؤساءً ورئيسات .... ولا نملك أن نكون سواسية إلا إذا كنا من نفس النوع المتماثل أما إذا غلب الهجين وانتكس المالكين صار السقوط أسفل الطاولة من أبناء النوع الأصلي إلى من جاءت من ضلعه فقط لأنها من النوع الغالب وهو المتدني لازال على الدرجة الخامسة وبينه وبينها درجات ودرجات ....... تباً لدرجات الدنيا
عندما يسقط القناع عن الوجه المالك ونرى من خلف القطبان سيناريوهات , والخارج به فوضى لاتكاد تفصح عن عبارات , فلننتظر البقية فالحلقة ليس لها أولٌ من آخر ولكن المسلسل مصيره مجموعة من الحلقات .
تنظر في وجهه ترى مصادر الطُهر وفي القلب طاءُ الطُهر عين , تسمع كلماته كأنها الدواء ولكن إذا تمعنتها طارت تلك الألِف من بعد الواو , تسمع سيرته تحسبه القعقاع تنظر لحالته تجده في القاع , من هذا الذي حيَّر الجموع وأفتى الناس حتى تنسكوا بالخشوع وأبكاهم حتى امتزجت سوائلهم بشلال الدموع ... نعم هو هذا الذي يرتدي القناع .... أتُراه سينزعه ؟
هذا الذي يخدعنا بمهارة ويأخذ أطراف أصابعنا لنبصم له وبجدارة , يتنقل برواياته بين الحارةِ والحارة لكن إذا سلكت الطريق خلفه أوصلك حتماً لداره فهو لها يحِّن ويساوم من أجلها ولا يئِّن يتمنى أن لو صار الجميع جيرانه , غطى بكلماته العقول وسحر الألباب والأفئدة , صارت له محبةٌ منا مؤكدة وعند انكشاف القناع وجدناه بعينٍ واحدة , لا يرى بها إلا بين الزوايا والنتوءات الزائدة حتما سنسلبه قناعه إن أردنا لرؤيانا فائدة .