منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1

    السراج المنير صل الله عليه وسلم



    ونحن فى ذكرى ميلاد سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم نود أن نوضح قضية هامة لنا مع حضرته ، لا يسوقها المستشرقون ولا المستغربون ، ولكن للأسف يرددها بعض المسلمين والمؤمنين نحو السيد السند العظيم الذى أعلا الله شأنه ورفع الله قدره وبيَّن حقيقته فى كتابه حتى لا يكون هناك شك فى أوصافه وفى مقامه عند ربه

    يقول هؤلاء القوم من المسلمين: إن النبى بشر مثلنا وما زاد علينا فى شئ ، ونسوا أن هذه الحُجة ذكرها الله فى القرآن على لسان الكافرين ، فقد قالوا لحضرته عندما أُرسل إليهم لهدايتهم إلى رب العالمين: {مَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا} الشعراء154
    {فَقَالُوا أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ} القمر24
    هذه كانت حجة الكافرين، بماذا ردَّ عليهم رب العالمين؟ قال: يا حبيبى قل لهم: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ} الكهف110
    أنا معىَّ الوحى ، والعبرة كلها بالوحى ، مَن منكم آتاه الله وحى السماء؟ مَن منكم يتنزل الله على قلبه بالإلهام الفورى من الربِّ العلى؟ مَن منكم نَقَّى الله سريرته وكشف عن بصيرته فيرى ما فى القلوب ويرى ما فى البيوت وينبئ الناس عن أحوالهم وعن أخبارهم؟ وما أكثر الروايات التى تَحْفل بها السُنة المطهرة فى هذا الشأن الكريم
    فإذا كان الله فضَّله على الأنبياء وفضَّل بعضهم على بعض ، فهل يصح أن نقول أننا مثل الأنبياء وكلهم بشر؟ فما بالنا بسيِّد الأنبياء وسيِّد الأولين والآخرين إلى يوم الدين ، وهذه هى المصيبة التى نحن فيها الآن أن بيننا جماعة المسلمين من ينتقص سيد الأنبياء والمرسلين ، ألم يقرأوا كتاب الله
    فكتابه عز وجل فى كل آياته يمجِّد قدر رسول الله عند الله فى الدنيا وفى الآخرة ، بيان شافى لا يحتاج إلى تأكيد و لا إلى مزيد لأنه كلام الحميد ، فلو رأينا آية واحدة أو استبصرنا فيها ، آية واحدة فقط من كتاب الله مثلً قوله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} الكوثر1
    فلو مكثنا عمر نوح عليه السلام لنفسر هذه الآية لنبين ماهو الكوثر أو الخير العظيم الذى أعطاه الله لحبيبه ما انتهينا منه ولو جلسنا إلى آخر الزمان ، والكوثر ليس الحوض فقط ، فالحوض من بينها، أما الكوثر فهو الخير الكثير الذى لا حدَّ له ولا منتهى {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا} إبراهيم34
    لم يقل الله (نعم الله) ولكنه قال: {نِعْمَتَ اللّهِ} فنعم الله تعنى النعم التى معنا من المأكولات والمزروعات والحيوانات والشمس والقمر وغيرها ولكن نعمة الله هى نعمة واحدة يتحدث عنها الله فى الآية: {وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ} فى ماذا يارب؟ {إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ} مَن النعمة التى ألفت بين القلوب؟ أليست رسول الله؟ {فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً} آل عمران103
    فمن الذى يستطيع أن يعدَّ ما خصَّ به الله حَبيبه ومُصطفاه فى الدنيا والآخرة من نعم باهرة وأفضال ظاهرة؟ ناهيك عن الجنان ، فإن هذا أمر غامض لم يحن بعد الوقت لكشفه فى هذه الدار وإنما سنراه بعيون البصائر والأبصار إذا رزقنا الله هذا الجوار إن شاء الله ، فهل يستطيع أحد أن يبين ماذا أعدَّ الله فى الجنة لرسول الله؟ لا يوجد:
    عجز الورى عن فهم سرِّ محمد لم يدره إلا الإلــه القادرُ
    لابد أن يكون الذى أرسل إلى البشر بشراً ، لماذا؟ لأن الله جعله هو النموذج القويم الذى نتعلم منه ما يريده منا العزيز الحكيم
    فقد أمرنا الله فى قرآنه بالصلاة فى أكثر من موضع فى كتاب الله: {فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً} النساء103
    {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى} البقرة238
    ما الصلوات التى أمرنا بها الله؟ ما عددها؟ وما أسماؤها؟ وما أوقاتها؟ وما عدد ركعاتها؟ وما الكيفية التى نؤديها بها لنُرضى رب العزة عز وجل؟ مَن الذى فعل ذلك وأمرنا الله أن نهتدى به فى ذلك؟ الذى قال لنا صلوات ربى وتسليماته عليه: {صلُّوا كما رأيتمونى أصلى}{1}
    فجعل وقتاً للصبح ووقتاً للظهر ووقتاً للعصر ووقتاً للمغرب ووقتاً للعشاء ، وجعل الصبح ركعتين والظهر والعصر والعشاء أربعاً والمغرب ثلاث ، وجعل فى الصلاة ركوعاً وسجوداً ، والركوع مرة فى كل ركعة والسجود مرتين فى كل ركعة ، وهناك موضع لتلاوة القرآن ، وهناك موضع لتسبيح الله ، وهناك موضع للدعاء ، ثم قال لنا الله فى ذلك: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} الحشر7
    وإلا فانظر يا أخى المؤمن أين تجد ما ذكرناه عن الصلاة فى كتاب الله؟ ليس فيه إلا الأمر الجامع للصلاة ، أما الذى وضَّح وبيَّن هيئاتها وأقوالها وأفعالها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كيف يفعل ذلك ببشريته إذا لم يكن معصوماً من الله فى كل حركاته؟ فلا يتحرك حركة من قِبَل نفسه ، ولا يتكلم كلمة من عند ذاته ، وإنما كل حالاته يقول فيها رب العزة عز وجل: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى{3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى{4} عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى{5} النجم
    وكذلك فى شأن الزكاة ، فقد فرض الله علينا الزكاة ، فما مقدار زكاة الزرع؟ وما نصاب زكاة المال؟ وغيرها من صنوف الأموال والأعراض التى تجب عليها الزكاة؟ ، الذى وضَّح وبيَّن هو الذى قال له الله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا} التوبة103
    هو الذى أمره الله أن يتقاضى هذه الزكاة ليوزعها كما أوحى إليه مولاه ، وليس بناءاً عن حظ أو هوى - حاشا لرسول الله صلى الله عليه وسلم - وكذلك الصيام والحج ، نسَّك المناسك ومشى أمامهم فى المناسك تطبيقاً وقال لهم: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ خُذُوا عَني مَنَاسِكَكُمْ، فَإني لاَ أَدْرِي لَعَلي لاَ أَحُجُّ بَعْدَ عَامِي هَذَا}{2}
    وليس أمر العبادات فحسْب بل إن الله جعله صلى الله عليه وسلم بشراً ليعلِّمنا كيف نأكل؟ ويعلِّمنا كيف نشرب؟ ويعلِّمنا كيف نلبس؟ ويعلِّمنا كيف نتحدث؟ ويعلِّمنا كيف نمشى؟ ويعلِّمنا كيف نعامل زوجاتنا؟ وكيف نربى أولادنا؟ وكيف نصل أرحامنا؟ وكيف نحسن إلى جيراننا؟ وكيف نتعامل مع أعدائنا؟ ويعلمن كبف نتصرف وفقا لما علمه له مولاه فى كل شأن من شئون الحياة ، هذا ليضرب لنا المثل الأعلى فى ذلك كله؟ ليقربنا بذلك إلى ربنا عز وجل فكان لابد من بشريته لأنه أرسل ليُعلِّم البشر ، وكان لابد لهذه البشرية أن تتنزل لنا ويتنزل فيها وحى ذى الجلال والإكرام لنتعلم المنهج الصحيح القويم الذى يريده منا ربُّ العزة

    {1} السنن الكبرى للبيهقى، أحمد والبخارى وغيرها عن مالك بن الحويرث
    {2} النسائى عن جابرٍ ، والطبرانى فى الكبير عن ابن عمرٍو ، جامع الأحاديث والمراسيل


    منقول من كتاب {السراج المنير}
    اضغط هنا لقراءة أو تحميل الكتاب مجاناً





  2. #2
    [frame="9 10"]
    كان العرب يأتون لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليسألوه عن أمره وكيف صار رسولا من الله وهم يعلمون بفهمهم وفطرتهم أنه لابد له من تأهيل خاص يجعل بشريته قابلة لهذا الأمر العلى ، واسمعموا لحديث سيد بنى عامر وكبيرهم الذى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستوثق من أمره قبل أن يسلم ، فقال:

    يا ابن عبد المطلب إني نبئت أنك تزعم أنك رسول اللـه إلى الناس أرسلك بما أرسل به إبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم من الأنبياء ألا وإنك تفوَّهت بعظيم ، إنما كان الأنبياء والملوك في بيتين من بني إسرائيل ، بيت نبوة وبيت ملك ، ولا أنت من هؤلاء ولا من هؤلاء ، إنما أنت من العرب ممن يعبد الحجارة والأوثان ، فما لك والنبوة؟ ولكل أمر حقيقة فأنبئني بحقيقة قولك وبدء شأنك؟ فأعجب النبي صلى الله عليه وسلم مسألته ، وقال:
    {يا أخا بني عامر ، إن حقيقة قولي وبدء شأني دعوة أبي إبراهيم وبشرى أخي عيسى ، إني كنت بكرا لأمي وإنها حملتني كأثقل ما تحمل النساء وإن أمي رأت في المنام أن الذي في بطنها نور ، قالت: فجعلت أتبع بصري النور ، فجعل النور يسبق بصري حتى أضاء لي مشارق الأرض ومغاربها ، ثم إنها ولدتني ، فلما نشأت بغِّض إلي الأوثان والشعر ، فاسترضعت في بني بكر ، فبينما أنا ذات يوم في بطن واد مع أتراب لي ، إذا برهط ثلاث ، معهم طشت من ذهب ملآن نور وثلج فأخذوني من بين أصحابي ، فعمد إلى أحدهم فأضجعني إلى الأرض إضجاعا لطيفا ثم شق ما بين صدري إلى منتهى عانتي وأنا أنظر ، فلم أجد لذلك شيئا ثم أخرج أحشاء بطني فغسلـه بالثلج ، فأنعم غسلـه ثم أعادها في مكانها ثم قام الثاني فأدخل يده في جوفي فأخرج قلبي ، وأنا أنظر فصدعه فأخرج منه مضغة سوداء رمى بها ، ثم إذا بخاتم في يده من نور: نور النبوة والحكمة يخطف أبصار الناظرين دونه ، فختم قلبي فامتلأ نورا وحكمة ثم أعاده مكانه ، فوجدت برد ذلك الخاتم في قلبي دهراً ، ثم أمرَّ الثالث يده بين ثديي وصدري ومنتهى عانتي فالتأم الشق بإذن اللـه ، ثم أنهضني من مكاني إنهاضا لطيفا ، ثم قال الأول: زنوه بعشرة من أمته ، فوزنوني فرجحتهم ، فقال: زنوه بمائة من أمته ، فوزنوني فرجحتهم ، فقال: زنوه بألف من أمته ، فوزنوني فرجحتهم ، فقال: دعوه فلو وزنتموه بأمته جميعا لرجحهم ، قال:ثم أقبل الحي بحذافيرهم ، فجاءت ظئري حتى أكبت علي فضمتني إلى صدرها وإن يدي لفي يد بعضهم فظننت أن القوم يبصرونهم ، فإذا هم لا يبصرونهم ، فجاء بعض الحي ، فقال: هذا الغلام أصابه لمم أو طائف من الجن ، فانطلقوا به إلى الكاهن ينظر إليه ويداويه فقلت لـه: يا هذا ليس بي شيء مما تذكرون ، فذهبوا بى إلى الكاهن فقصصت عليه أمري فضمني إلى صدره ونادى بأعلى صوته: يا للعرب اقتلوا هذا الغلام واقتلوني معه ، واللات والعزى لئن تركتموه ليبدلن دينكم وليسفهن أحلامكم وليخالفن أمركم وليأتينكم بدين لم تسمعوا بمثلـه ، فقالت ظئري: لأنت أعته منه وأجن ولو علمت أن هذا يكون من قولك ما أتيتك ، ثم ردوني إلى أهلى ، وأصبح أثر الشق ما بين صدري إلى منتهى عانتي كأنه شراك ، فذاك حقيقة قولي وبدء شأني فقال العامري: أشهد أن لا إلـه إلا اللـه ، وأن أمرك حق}{1}
    فللقصة دلائل كثيرة تدلُّ على أن الله جهَّز بشريته صلى الله عليه وسلم تجهيزا خاصاً لحمل الرسالة فصارت بشريَّةً نورانيَّةً ، ولذا لما سمع سيد بنى عامر القصة من النبى أدرك وفهم ووجد الإجابة عن تساؤله وأسلم فى الحال ، بل لما سمع الكاهن ذلك علم أنه النبى المنتظر الذى يعدُّ لحمل الرسالة فى المستقبل
    وأنظروا إليه صلى الله عليه وسلم لما وزنوه بعد أن جهزوه وطبعوه بخاتم النور والحكمة ، ماذا كانت النتيجة؟ كان وهو فردٌ وحيدٌ يساوى الأمة كلها ببشريته التى أعدها الله بقدرته فجعلها نورانية فى صورة بشرية ، وإذا كان رجل من أُمته وهو الصديق رضي الله عنه يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم فى تفضيله: {لَوْ وُزِنَ إِيمَانُ أَبـي بَكْرٍ بِإِيمَانِ النَّاسِ لَرَجَحَ إِيمَانُ أَبِـي بَكْر}{2}
    فما بالكم بمن كان السبب فى إيمان الأمة جميعها وإيمان أبى بكر ، الرحمة المهداة والنعمة المسداة التى خلقها لنا الله
    روى الإمام أبو المواهب الشاذلى رضي الله عنه أنه كان فى الأزهر الشريف يُدَرِّس ، وإذا برجل معاند جاء إلى مجلسه ، وأخذ الرجل يتحدث فى هذه القضية ويُصر على أن الحبيب صلى الله عليه وسلم بشرٌ كسائر البشر ، قال: فقمت من هذا المجلس مهموماً لأنى لم أدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ينبغى ، قال: فنمت فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المنام وقال لى: يا محمد هلا قلت له: "محمد بشر بين البشر كالياقوت وهو حجر بين سائر الحجر"
    هل يساوى حجر الياقوت بقية الأحجار؟ هل يساوى حجر الذهب بقية الأحجار؟ والنبى صلى الله عليه وسلم يقول فى الخلق والناس أجمعين: {النَّاسُ مَعَادِنُ كَمَعَادِنِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ}{3}
    ولِمَ نذهب بعيداً وهذا الزجاج الذى نضعه فى نوافذنا ، ما أصله؟ أصله رملٌ ولكننا عالجناه حتى صار شفافاً يبين ما وراءه ، فما بالكم بحَبيب الله ومُصطفاه الذى شفَّ الله جسمه ونوَّر الله هيكله حتى صار ظاهره نور وباطنه نور وكله نور ، وقال الله فى شأنه: {نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ} النور35
    ولذلك كان صلى الله عليه وسلم إذا انتهى من الصلاة يلتفت إلى من خلفه ويقول لهم أنت فعلت كذا أو قلت كذا ، قال سيدنا ابو هريرة رضي الله عنه: {صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ الظُّهْرَ ، فَلَمَّا سَلَّمَ نَادَى رَجُلاً كَانَ فِي آخِرِ الصُّفُوفِ ، فَقَالَ: يَا فُلاَنُ ؛ أَلاَ تَتَّقِي اللَّهَ. أَلاَ تَنْظُرُ كَيْفَ تُصَلِّي؟ ، إنَّكُمْ تَرَوْنَ أَنِّي لاَ أَرَاكُمْ ، إنِّي وَاللَّهِ لأَرَى مِنْ خَلْفِ ظَهْرِي كَمَا أَرَى مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ}{4}
    ومَن الذى يرى من خلفه؟ إلا إذا كان جسمه شفافاً نورانياً ، لأنه ليس له عين فى مؤخرة رأسه ولكن له قلب مملوءٌ بالنور يقول فيه مولاه: {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي} يوسف108
    بهذه البصيرة النورانية كشف لنا كل ما حدث مع أنبياء الله ورسل الله مع أممهم السابقين ، وحدثنا عن كل شئ سيحدث لنا أو بيننا إلى يوم الدين ، فما من شئ يحدث فى الأكوان إلى الآن وبعد الآن إلا وأنبأ عنه النبى العدنان وحدَّث عنه بأبلغ بيان
    بل إنه صلى الله عليه وسلم حدَّثنا عن القيامة كأنها رأى العين وحدَّثنا عما يدور فيها وكيف يكون حالنا بينها وكيف حال المؤمنين وكيف حال المنافقين وكيف حال الكافرين ، بل حدَّثنا عن الجنة ودرجاتها وقصورها وحورها وأنهارها وكل شئ فيها ، وكذا النار وكل مافيها من أهوال وأحوال ، ذلك لأن الله كشف له عن بصيرته فرأى ما لم نرَ ، قال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً{26} إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ} الجن
    وقد ارتضى هذا الرسول وأعطاه مالم يعط الأولين والآخرين ، فيجب أن نعلم قدر نبينا عند ربه وعظمة نبينا بين أنبياء الله ورسله ونفرح بالنعمة الكبرى التى وهبها الله لنا وهو هذا النبى وهذا الرسول وهذا الحبيب الذى جعله الله نبينا وجعله شفيعنا وجعله إمامنا ، قال صلى الله عليه وسلم: {أَنَا أَوَّلُ النَّاسِ خُرُوجاً إِذَا بُعِثُوا وَأَنَا خَطِيبُهُمْ إذَا وَفَدُوا ، وَأَنَا مُبَشِّرُهُمْ إذَا أَيِسُوا ، لِوَاءُ الحَمْدِ يَوْمَئِذٍ بِيَدِي ، وَأَنَا أَكْرَمُ وَلَدِ آدَمَ عَلَى رَبِّي وَلاَ فَخْرَ}{5}

    {1} عن شداد بن أوس، المطالب العالية (ابن حجر العسقلاني) مع اختصار الرواية ، وفى كنز العمال ودلائل النبوة وغيرها
    {2} قال صاحب كشف الخفاء: رواه إسحاق بن راهويه والبيهقي في الشعب بسند صحيح عن عمر من قوله، وأخرجه ابن عدي والديلمي كلاهما عن ابن عمر مرفوعا بلفظ "لو وضع إيمان أبي بكر على إيمان هذه الأمة لرجح بها"، وفي سنده عيسى بن عبد الله ضعيف لكن يقويه ما أخرجه ابن عدي أيضا من طريق أخرى بلفظ لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجحهم ، وله شاهد أيضا في السنن عن أبي بكرة مرفوعا أن رجلا قال يا رسول الله كأن ميزانا نزل من السماء فوزنت أنت وأبو بكر فرجحت أنت ثم وزن أبو بكر بمن بقي فرجح -الحديث ، وقال ابن تيمية لما سأل عنه هذا جاء معناه في حديث معروف في السنن أن أبا بكر رضي الله عنه وزن هذه الأمة فرجح، مجموع فتاوى ابن تيمية
    {3} صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وفى الحديث {خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلاَمِ إِذَا فَقُهُوا}
    {4} الترغيب والترهيب، صحيح ابن خزيمة عن أبى هريرة
    {5} سنن الترمذى عن أنس




    منقول من كتاب {السراج المنير}
    اضغط هنا لقراءة أو تحميل الكتاب مجاناً








المواضيع المتشابهه

  1. ماذا تعرف عن صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم المعجزة .....؟
    بواسطة راما في المنتدى فرسان السيرة النبوية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-16-2016, 03:54 PM
  2. إختصار سيرة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم
    بواسطة أبو فراس في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-19-2014, 08:16 PM
  3. مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 08-12-2013, 06:22 PM
  4. مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 04-15-2012, 06:39 AM
  5. مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 03-19-2012, 03:12 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •