وفد وزاري عربي يتوسل المفاوضات
د. فايز أبو شمالة
لن ترد أمريكا الوفد الوزاري العربي خائباً، ستعطيه شيئاً ما، ستبل ريقه، وتنقي وجهه أمام الشعوب العربية، فالسياسة الأمريكية أعقل من امتهان كرامة العرب إلى أبعد من حد التذلل المهين على أعتاب البيت الأبيض.
الوفد الوزاري العربي سيناقش مع المسئولين الأمريكيين أنسب الطرق والوسائل للخروج من الحالة المستعصية، هذا ما ذكرته وزارة الخارجية الفلسطينية، وهذا هو هدف زيارة الوفد الوزاري العربي لواشنطن؛ الخروج من الحالة المستعصية، ولأجل ذلك يعكف وزير خارجية أمريكا على إعداد صيغة لاستئناف المفاوضات.
إن الخروج من هذه الحالة المستعصية لا تسمن القضية الفلسطينية سياسياً، ولا تغني أمة العرب من جوع، لأن الوفد الوزاري العربي سيدعو المسئولين الأمريكيين لإطلاق عملية تسوية شاملة بالمنطقة، ووضع حد لحالة الاحتقان والتوتر القائمة.
فعن أي سلام شامل يتحدث الوفد الوزاري العربي في واشنطن؟ وكيف يتحقق السلام الشامل والقتال في شوارع لبنان وسوريا الغائبتين عن الوفد؟ وأين هي مبادرة السلام العربية؟ ألم يحتقرها الصهاينة رغم مساعي السلطة الفلسطينية الجبارة لتسويقها عبر إعلانات مدفوعة الأجر في الصحف الإسرائيلية ؟.
لم ترق أفكار الوفد الوزاري العربي إلى أمريكا إلى مستوى الأحداث الجسام التي تمر بها البلاد العربية، إذ لم تتغير المفاهيم السياسية للقيادة العربية، رغم الربيع الذي أنهى حكم مبارك وأمثاله في بلاد العرب، إذ كيف يدعو الوفد الوزاري العربي إلى الدخول في مفاوضات الحل النهائي مباشرة، بهدف التسوية التي ستحقق مصالح الجانبين!
ـ مصالح الجانبين ـ إنها لغة الهزيمة في زمن الربيع العربي، إذ كيف يصير من مهمات الوفد الوزاري العربي مراعاة مصالح الجانبين، وهل صارت دولة الغاصبين الصهاينة جانباً يحظى بنفس الاهتمام الذي تحظى فيه القضية الفلسطينية؟ وهل صار للوجود الصهيوني مكاناً في الوجدان العربي، وصارت مصالح الصهاينة جزءاً من الهم العربي؟ وكيف يؤكد الوفد الوزاري العربي الذي تتصدره السلطة الفلسطينية، علي عدم جدوى أي حديث عن إجراءات لبناء الثقة، باعتبار مبادرات بناء الثقة تسهم في إضاعة الوقت لمصلحة الطرف الآخر! فأين ذهبت اشتراطات إطلاق سراح الأسرى لاستئناف المفاوضات؟
سيعود الوفد الوزاري العربي مجبور الخاطر، وسيضمن استئناف المفاوضات قريباً جداً، وسيكون الوفد الفلسطيني أكثر سعادة لأنه حقق الغطاء الرسمي العربي الذي يسمح له باستئناف المفاوضات، دون الالتزام بالشروط التي طالما تغنى بها، وستتخلص أمريكا مؤقتاً من الحالة المستعصية من خلال الدعوة لاستئناف المفاوضات، حتى تبدأ مطمئنة مع الصهاينة مشوار العمل العسكري الإرهابي ضد الأمة العربية والإسلامية.