وجوب العدل بين الأولاد
روى الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: أعطاني أبي عطية، فقالت عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تُشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية، فأمرتني أن أُشهدك يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم : "أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟"
قال: لا، قال صلى الله عليه وسلم : "فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم".
وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم : "اعدلوا بين أولادكم في النحل أي في العطية كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر".
وفي رواية أخرى قال صلى الله عليه وسلم : "إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم، فلا تشهدني على جور، أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء"؟ قال: بلى، قال: "فلا إذاً".
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في فتح الباري (5-532):
وفي الحديث من الفوائد: الندب إلى التآلف بين الأخوة وترك ما يوقع بينهم الشحناء أو يورث العقوق للآباء، وأن عطية الأب لابنه الصغير في حجره لا تحتاج إلى قبض، وأن الإشهاد فيها يغني عن القبض، وفيه كراهية تحمل الشهادة فيما ليس بمباح وأن الإشهاد في الهبة ذهباً أو فضة فلابد من عزلها وإفرازها، وفيه جواز الميل إلى بعض الأولاد والزوجات دون بعض، وإن وجبت التسوية بينهم في غير ذلك، وفيه أن للإمام الأعظم أن يتحمل الشهادة، وتظهر فائدتها إما ليحكم في ذلك بعلمه عند من يجيزه، أو يؤديها عند بعض نوابه، وفيه جواز تسمية الهبة صدقة، وأن للإمام كلاماً في مصلحة الولد، والمبادرة إلى قبول الحق، وفيه أمر الحاكم والمفتي بتقوى الله في كل حال، وفيه إشارة إلى سوء عاقبة الحرص والتنطع، لأن عمرة لو رضيت بما وهبه زوجها لولده لما رجع فيه، فلما اشتد حرصها في تثبيت ذلك أفضى إلى بطلانه.
موسى العازمي الكويت