الخوف من الاستدراج
عن عقبة بن عامر- رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : " إذا رأيت الله تعالى يعطي العبد من الدنيا ما يحب وهو مقيم على معاصيه فإنما ذلك منه استدراج ".
رواه أحمد والطبراني وهو في صحيح الجامع للألباني .
فإذا أنعم الله عليك بنعمة من نعمه كوفرة مال أو كثرة عيال أو ارتفاع مكانة أو عافية بدن واجتمع مع هذه النعمة ارتكاب كبائر أو إصرار على صغائر فاخش أن تكون في عداد المستدرجين بنعم الله عليهم وهم لا يشعرون .
فكل نعمة لا تقرب من الله فهي نقمة , وكل عطية تصرف عنه فهي بلية .
وسنة اللاستدراج سنة إلهية حذرنا الله من أن نغقل عنها فقال عز وجل : " أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين. نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون "
( المؤمنون 55 , 56 )
وأمثال هؤلاء ظنوا الامتحان نتيجة والبلاء نعمة والإمهال رضا فعاب الله عليهم في كتابه وقال : " فاما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن " ( الفجر 15)
إن الله ينزل البلاء على عبده ليسمع تضرعه ودعاءه ===> " ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون ". ( الأنعام 42)
فإذا أعرض ونأى بجانبه ولم يشعر بافتقاره لسيده وحاجته لمولاه وأصابته قسوة القلب ===> " فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون ". (الأنعام 43) "
فتح الله عليه من خيرات الدنيا ليزداد إثما وإعراضا وظن المسكين أن هذا كرامة له , فإذا جاء وعد الله أخذه ولم يفلته , أخذه أخذ عزيز مقتدر ===> " فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون . فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين ". (الأنعام44 ,45)
فنعوذ بالله من الخزي والخذلان .
أما المؤمنون فقد وجلت قلوبهم لما سمعوا " سنستدرجهم من حيث لا يعلمون "
( القلم 44)
وتجافت جنوبهم عن المضاجع لما بلغهم " وأملي لهم إن كيدي متين "
(القلم 45)
فكان حالهم في الدنيا :
إذا ما الليل أظلم كابدوه...........فيسفر عنهم وهم ركوع
أطار الخوف نومهم فقاموا.... ..وأهل الأمن في الدنيا هجوع
لهم تحت الظلام وهم سجود......أنين منه تنفرج الضلوع
وخرس في النهار لطول صمت...عليهم من سكينته خشوع
ومن لم يخف هذا الخوف , خيف عليه من االاطمئنان المفضي إلى الهلكة , ولنتأمل كيف تعامل سليمان عليه السلام مع نعم الله حيث قال : " هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم ". (النمل 40)
اللهم استعملنا ولا تستبدلتا وأكرمنا ولا تهنا إنك غني حميد .