إن من أبرز اللحظات في حياة الأديب والكاتب بشكل عام هي لحظة الكتابة، لحظة التدفق الإبداعي والإيحاء الشعري، لحظة استفراغ المشاعر الجياشة، والخواطر الفياضة، وهذه اللحظات تمر بكل كاتب وبكل أديب مع فارق طفيف في مدى إغراق كل واحد في غمرتها.
هل للكتابة طقوس؟ متى يكتب الكاتب؟ أين وكيف؟ ماذا يلبس وماذا يأكل..؟
إنها أسئلة تبدو خارجة عن فعل الكتابة والنص الإبداعي أو النقدي أو الفلسفي، أسئلة تبدو خارجة عن فعل الكتابة لا معنى لها..؟ إنها أسئلة طُرحت على جمع من المبدعين والكُتاب والنقاد العرب، وغير العرب، وأجابوا عليها، ولعل هذه الأسئلة تكون فتحاً لملفات حافلة، ولأسرار يطّلع عليها القراء لأول مرة، ولعلنا لن نخطئ إذا أسميناها هوامش الكتابة وعتباتها، على حد قول الأديب التونسي (كمال الرياحي).
على كلٍ الكتابة من جهة كونها غاية فهي جهد متصل للوصول إلى صيغة تحقق الحد الأدنى من التوافق أو الانسجام بين ذات الكاتب المبدع وعالمه، ولكن هل الكتابة جهد متصل فقط..؟
..ربما.. لا.. ربما الكتابة طقوس أكثر منها إبداع.
الكتابة كسر للمألوف.. للعادة، لأنها تخلق مألوفها من جنسها، فقلق الكتابة وعذاباتها أجمل بكثير مما يُكتب، قهوة الصباح، وشاي الظهيرة، والقطيعة، واعتزال الدنيا ومتاعها، والاستئناس بالوحدة والعزلة، وحلاقة الذقن ونوع العطر، لحظة مخاض من دون شك، وكذلك الغطس في ماء حوض الحمام، فلكل أديب وكاتب وباحث طقس خاص به في ساعة كتابته، وسنطوف معاً على جملة من الطقوس التي تُميز كل كاتب عن غيره من الكتاب، في عرض أتمنى أن يكون جميلاً، وفي أسلوب أطمح أن يكون شيقاً.