كان الإنسان العراقي أقدم من عرف الملابس والأزياء وتفنن في صنعها ، وتدلنا النقوش السومرية والتماثيل البابلية والآشورية، على مدى الخيال الخصب لهذا الانسان، في إيجاد النماذج والتنوع لقطع الملابس التي كان يرتديها، فكان له في كل مناسبة زياً خاصاً يستعمله لأغراض تلك المناسبة فمنها : لعمله اليومي أو للأعياد أو للاحتفال بالانتصارات أو للزواج وزيارة المعابد، من هنا جاءت دراسة الأزياء الشعبية في العراق لأهميتها الكبيرة لأنها كانت وما تزال تشكل فرعاً مهماً من فروع مأثورات الفن الشعبي .
مارا حبش مع والدتها نجاة في محاضرة عن العراق بشكل عام وعن تراث بخديدا بشكل خاص
في النادي الحضاري لمدرسة القديس أسيدور في أوتاوا - كندا
لقد تنوعت الملابس والأزياء القره قوشية على مدى الزمن ، واخذ المصممون يقتبسون من القرى والشعوب المجاورة ، بعض من أشكال التطريز المستعمل ونقوشه ، فهي تحمل في شكلها ومضمونها وأنواعها روح الشرق وجماله، وهي عنصر مهم في مجال الدراسة الاجتماعية المتسمة بالحشمة والذوق الرفيع وابراز الملامح الشعبية لإنسان وادي الرافدين لقد حمل الإحساس بأن الحياة الحديثة تهدد الموروث في هذه الأزياء بالزوال تدريجياً ، إلى قيام المعنيين بشؤون الأزياء الشعبية والتراثية من فنانين وخبراء ؛ بإنشاء متاحف دائمة لحفظ نماذج من هذه الأزياء الشعبية ، وتشجيع صناعتها وتطويرها وصقلها من حيث المستوى الفني والذوقي ، لأنها تمثل مصدراً حضارياً لا يستهان به من مصادر التراث الرافديني ، الذي تميز عن بقية فنون الحضارات الأخرى باستقلاليته ، وغنى موارده وعمق معانيه ورفعة الذوق الفني فيه، ومحافظته على الأصالة والملامح الشعبية العريقة.
ونحن في هذا الصدد ، نريد أن نلقي نظرة سريعة على الأزياء الشعبية في مدينة بخديدا السريانية (قره قوش) ، والتي تعتبر من الأزياء الشعبية الجميلة في العراق ، كونها تحمل طابع التراث العراقي البديع ، فضلاً عن تميزها بكثرة وتباين الأشكال والألوان المزركشة المنقوش عليها أنواعاً مختلفة من الرسوم ، التي لها علاقة بالبيئة المحلية للمنطقة، لقد تنوعت هذه الأزياء إلى درجة واضحة وملموسة حسب توفر المواد الأولية ، ثم دور العوامل المناخية والطبيعية، التي تفرض نوعاً أو زياَ يتلاءم مع طبيعة المناخ السائد في المنطقة
أزياء الرجل الخديدي (القره قوشي)
تشمل أزياء الرجل الخديدي أنواعاً عديدة من الملابس المتباينة الأشكال والألوان من أهمها:
الغترة: وهي عبارة عن قماش مصنوع من الصوف أو من القطن ، عليها نقوش أما تكون باللون الأسود أو باللون الأحمر، أو بيضاء بدون نقوش ، حيث تكون خفيفة تستخدم في فصل الصيف بينما الاخريتين تستخدم على الأغلب في فصل الشتاء.
العِقال: ويصنع من الصوف الأسود المسمى بـ (المرعس) ويوضع العقال فوق الغترة . وهما يستخدمان كغطاء للرأس . وهذا الزي هو من الأزياء العربية الأصيلة الذي مازال الرجال يستخدمونة بالرغم من ظهور الألبسة والأزياء الحديثة
العرقجين أو الفيس الرجالي: وهي عبارة عن (كلاو) يصنع من خيوط الصوف أو الحرير البيضاء أو السوداء ، ويرسم عليها نقوش معينــة وتوضع على الرأس مباشرة ، ثم توضع فوقها الغترة ثم العقال وقد تستخدم لوحدها على الرأس خلال فصل الصيف ، خاصة في البيت وعند العمل بسبب ارتفاع درجات الحرارة في الصيف.
الجمداني أو الجراوية أو اليشماغ: ويستخدم كغطاء للراس بالنسبة للرجال ، وهو يشبه الغترة ، وتعتمر فوق الرأس في فصل الصيف . أما في فصل الشتاء البارد فغالباً ما يستخدم الرجل يشماغين أحداهما يدليه على الرأس والآخر يلفه فوق الأول وذلك لزيادة التدفئة . وقد اضمحل استعمال هذا الزي حالياً إلا ما ندر ولفة اليشماغ على الرأس قديمة في هذه الربوع ، انتقلت إلى السكان من السومريين ، كما يتضح ذلك من زي الملك (جودية) حاكم مدينة لجش (تلو) العراقية القديم .
الزبون: وهو عبارة عن قماش سميك نوعاً ما وطويل وله أردان طويلة يلف الجسم وله فتحة على طوله لسهولة خلعه وارتدائه ، ويشد من وسط الجسم بواسطة (الحزام) ، وهناك رسوم خاصة تكون تنقش على حوافيه الأمامية من خيوط خاصة لماعة من الحرير اتقويته ولتحول دون تمزقه.
الكَرِكي: لباس قصير يشبه (اليلك) وينسج بواسطة الجومة ويكون ثخيناً وستخدم خاصة في فصل الشتاء واوائل الربيع ويزين في بعض المرات بنقوش خاصة ، وهو من غير اردان.
الخاجية: وهي العباءة الخفيفة ، وتغزل بآلة الجومة، وتستخدم أثناء المناسبات أو السفر ، وتتكون من نسيج خفيف لغرض التهوية يلف الرجل جسمه بها و سوداء أو في بعض الأحيان تكون بيضاء .
ِبرماثا أو الكلاش (الحذاء): أما لباس القدمين وكان يحيك بواسطة اليد من خيوط قوية خاصة وباللونين الأسود والأبيض، او يشترى مصنوعاً من السوق المحلي ، حيث يستخدم الأسود أيام الشتاء لكونه يمتص الحرارة ويحتفظ بها، والأبيض في فصل الصيف لكونه يعكس الحرارة.
الشروال: ويلبس هذا الزي تحت الملابس المارة الذكر ويكون عادة طويلاً وبلون ابيض ناصع .
الدَمير: وهو يشبه الجاكيت حالياً ويلبس فوق الزبون ، وغالباً ما يكون كبيراً نوعاً ما، له أردان طويلة ايضاً ويصنع من قماش سميك ، وتنقش حوافيه بواسطة (سفيفة) أو سريدة وهي قطعة من القماش مرسوم عليها بعض الأشكال وبخيوط الحرير. والدمير يضفي على الرجل الهيبة والوقار والشياكة.
الفروة: وتصنع من جلود الماشية وخاصة الخرفان ، وتكون بلونين الأبيض أو الأصفر ، وقد ‘تخوم بقماش اسود ، مما يضفي عليها جمالية خاصة ، وتستخدم عادة في فصل الشتاء للوقاية من البرد القارص ، وهي على أنواع منها : الحورانية ، الطرحية، قوزي، ملس، شباطي، هرفي، بكعة، وقرخ، وقد اشتهرت قره قوش بصناعة أجود أنواع الفراوي.
اليلك أو زخمة أو طرحية: وتصنع من جلد الخرفان وتكون بدون أردان وتستخدم في فصل الشتاء، وتكون باللونين أما الأسود أو الأبيض.
خميسية او خماسي: هي عباءة صغيرة وسميكة تغزل بآلة الجومة على شكل قطع ، ثم تخاط حسب الطلب ، وتتميز بكون أردانها قصيرة ، وتلبس في الصيف والشتاء.