شباب يحارب السلبية عبر الإنترنت
محمد أبو مليح**
الإنترنت أصبحت سلاحا سحريا لمواجهة السلبيات المجتمعية
حين تهب العاصفة تدفن النعامة رأسها في الرمال، وحين تشتعل الحرب يصمت الجبناء وتعلو أصوات الأبطال.. البعض يحارب في الميدان حيث رصاصات الكلاشينكوف وطلقات المدافع، والبعض الآخر يحارب بالكلمات.. يحولها إلى طلقات في وجه السلبية والانحلال والعدوان...
هذا بالضبط هو المنهج الجديد لجماعة واعدة من الشباب، الذين يحاولون أن يلقوا -ولو بكلمة حق- في وجه طوفان الأكاذيب والعري والتحلل الذي يبث عبر الإنترنت، وما يدعو للإعجاب بهؤلاء الشباب الذين أنشئوا عددا من المواقع الإلكترونية لنشر أفكارهم أنهم ينفقون عليها من جيوبهم بشكل تطوعي، وهم لا يزالون في مقتبل العمر خاصة في ظل الظروف الاقتصادية المتدهورة التي نمر بها حاليا.
حماسنا.. حماسنا
موقع حركة المقاومة الإلكترونية أو موقع "حماسنا"، وحماسنا تعني الهمة والنشاط، هو موقع أنشأه أحد الشباب بجهد فردي، أراد أن يضيف لتعريف كلمة الجهاد معنى آخر، وهو "الجهاد عبر شبكة الإنترنت"، وعن الموقع يقول محمد سيد، مدير تحرير الموقع: "جاءتني فكرة الموقع منذ تخرجي في الجامعة؛ حيث إنني كطالب أنتمي للتيار الإسلامي المعتدل، عانيت أشد المعاناة من الاضطهاد والتنكيل من الأمن داخل الجامعة بالإضافة لحرماني من المشاركة في الانتخابات، وعلى الناحية الأخرى وجدت أن الحرية تمنح لفئة أخرى "ليس لديها هدف" ولا تحمل أي قيمة للمجتمع، سوى أنهم يتفقون على الحفلات الغنائية والرقص داخل الحرم الجامعي. من هنا قررت إنشاء "صفحة على الإنترنت" أكتب فيها أخبار الجامعة، وما يحدث من تعسف وظلم للطلاب، إلا أن الفكرة استهوتني فتطور الأمر ليصبح الموقع تعبيرا عن حركة مقاومة إلكترونية، تدافع عن الحقوق، وترد على الباطل، ونجحت الفكرة وأصبح من أشهر وأفضل المواقع على شبكة الإنترنت، وقمنا بتدشين موقع آخر وهو "حماسنا دوت أورج" الذي نحارب من خلاله الإسفاف والعري.
وبخصوص "دعم وتمويل الموقع" يقول: ليس لدي أي رأس مال، أو جهات داعمة سوى أنني أقتطع أكثر من نصف دخلي الشهري في الإنفاق على الموقع، أما المراسلون فهم أيضا متطوعون، وهم من كافة أنحاء العالم، وفي الغالب لهم نفس الخلفية والرؤية ويحملون نفس أفكاري. أما عن الفريق المساعد أو الهيئة الإدارية والتنفيذية للموقع فيساعدني فرد واحد، وهو متطوع".
وعن أثر أعمال الموقع على عمله فيقول: عملي الخاص مرتبط بالإنترنت؛ حيث إنني أعمل في مجال التصميم والتحرير الصحفي، وأنا أعتبر "حماسنا" وسيلة أسعى من خلالها للوصول إلى غاية، وأحقق بها بعض الأهداف المرحلية، ولاكتساب بعض الخبرات الإعلامية التي تفيدني أيضًا في كافة مشاريعي. وأما عن توجهنا فيمكن مطالعته في تعريف الموقع "من نحن؟"، فنحن "لسنا متشددين، نحب الفن، نكره الانحلال، ننشر الفضيلة، نريد التقدم، نرفض الرجعية، لا نحارب أحدًا".
يلا طلبة
يلا طلبة
خباب عبد المقصود، أحد القائمين على موقع يلا طلبة يقول: إننا وجدنا أن ساحة الإنترنت تنقسم إلى قسمين، وذلك فيما يخص الطلبة؛ إما مواقع لطلبة بصفة شخصية بحتة لا تعبر عن فكرة وليس لها هدف معلن، أو مواقع كليات أو جامعات تعبر عن فكر الجامعة أو تفيد الطلاب بشكل أكاديمي بحت، والأكثرية كانت بطبيعة الحال للمواقع الطلابية التي لا هدف لها سوى الكلام "الهلس"؛ ولذا قررنا -بفضل أفكار الأستاذ عبد المنعم محمد- أن ننشئ موقعًا تكون له الصفتان؛ يجذب الشباب بالأفكار المرحة، وفي الوقت ذاته يقدم خدمات طلابية مثل أخبار الجامعة والنتائج، ويسهم في العملية التثقيفية الطلابية النظيفة والممنهجة والمفيدة بقدر الإمكان.
وعن تمويل الموقع يؤكد "خباب" أن الموقع حتى الآن قائم على الجهود الذاتية البحتة، وأما عن أحلامهم فهم يأملون في إيجاد من يمول أو يدعم الموقع أو حتى يتبناه، بشرط أن يضمن لهم الحفاظ على خطه، وسياسته التحريرية.
وفيما يخص الهيئة الإدارية للموقع يقول خباب: "ليس هناك ما يسمى بالإدارة بالمعنى المتعارف عليه؛ لأننا مجموعة من الطلبة، ومن يستطيع منا أن يقوم بشيء يقوم به، وإن كنا في بعض الأوقات كل منا يلقي بالمهام على الآخر، وذلك بالطبع للانشغال، ولكن في النهاية يتم إنجاز الأمر"، ويسهم في الإشراف على الموقع أنا وزميل آخر، أما أخبار الجامعة، فيمدنا بها مجموعة من الطلبة المتطوعين. أما عن بقية أبواب الموقع، فتأتي من مقالات متبرع بها بعد الاستئذان من أصحابها.
وينوى خباب أن يظل في القيام على موقع "يلا طلبة "حتى بعد أن يتخرج في الجامعة هو وزملاؤه، وإن كانت ستقابلهم مشكلة "من يأتي لهم بأخبار الجامعة؟"؛ حيث سيكون الدخول والخروج صعبا بالنسبة لأفراد خارج الجامعة، وعن هذه المشكلة يقول: سنحاول الاتفاق والتربيط مع مجموعة من الزملاء الأصغر سنا للقيام بذلك بعد تخرجنا، وهم سيعملون على نفس الأمر قبل تخرجهم.
"ناهيا" على الإنترنت
جمال الدرواني مؤسس موقع ناهيا الغد
موقع ناهيا الغد هو أول موقع على شبكة الإنترنت يتناول شئون قرية مصرية، وهي بالطبع فكرة جديدة، وهو عبارة عن مجلة تصدر نصف شهرية، بإشراف جمال الدرواني، وهو يقول عن الموقع: أنا أتحمل أغلب الأعمال في الموقع، ويساعدني فيه مجموعة من الطلبة في كلية الإعلام بشكل تطوعي، فكل شيء قمنا به بأنفسنا حتى ثمن "الدومين" قمنا بتجميع ذلك من بعضنا؛ وذلك خدمة لقريتنا.
لا شك كانت هناك صعوبات كثيرة واجهها فريق العمل.. يقول جمال عنها: في البداية فكرت في أن تكون هذه مجلة على الإنترنت بشكل أسبوعي، ولكن ومع العمل وجدت صعوبات كثيرة، فقمنا بوضع ما جمعنا من معلومات ومقالات في أول عدد، وقررنا أن تكون نصف شهرية حتى يتاح لنا أن نحدث المادة، ونخطط لأن يكون التحديث أسبوعيا ثم يوميا، لخدمة أهل البلدة وأبنائها وليس لأية أهداف شخصية أو مادية؛ حيث يقوم مجموعة من أبناء القرية على الموقع بشكل كلي.
أما عن أثر العمل بالموقع على عمله الخاص، فيقول: الحمد لله، لا يؤثر على عملي بشكل مباشر؛ حيث إنني أعمل كصحفي في الأساس، وإن كان يأخذ منا بعض الوقت وبعض الجهد في جمع المقالات، ومع ذلك فأبناء القرية يساعدونني في ذلك الآن بشكل كبير.
الوفاء للعلماء
هناك مواقع تطوعية أخرى تهدف إلى خدمة شخصيات بعينها، فهذا موقع معلمة الإسلام من أجل خدمة عالم جليل تناساه الناس، فأراد أحد أبنائه الأوفياء، وأحد تلاميذه النجباء أن يذكر الناس به؛ احتفاءً بالعلماء، فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "العلماء ورثة الأنبياء"، هذا الموقع خاص بالمفكر الإسلامي الكبير أنور الجندي، الذي ألف أكثر من 350 كتابًا في الإسلاميات، ومن الممكن أن نطلق على الموقع اسم "الوفاء للعلماء"؛ حيث يقوم عليه أحد طلاب العلم، وهو عبد الله رمضان، باحث وأديب وشاعر مصري من أبناء كلية دار العلوم، يقول: "الهدف من الموقع تقديم بعض العرفان والاعتراف بجميل الأستاذ الراحل، وخاصة بعدما تم تناسيه أو نسيانه على المستوى الرسمي (الدولة) والشعبي (معارفه وأحبابه)، وأنا لا أتلقى دعمًا من أحد؛ فالموقع قائم على الجهد الذاتي، وأتمنى أن تلقى المؤسسة التي يسعى أهله لإقامتها النجاح الكامل؛ حيث يسعون لإنشاء جمعية ثقافية باسم الأستاذ الراحل".
للاطلاع زيارة الرابط
http://www.ghostclick.com/proxy.cgi/...ICLES/07.SHTML