رائحة الفقر
قرر أن لا يعود بخفي حنين،،نظر في حقيبته فوجد كسرة خبز لا تمسك رمق رضيع وشربة ماء ..لا تروي عطشه ... سار على الجمر المشتعل بسبب حر الصحراء ،نظر إلى أدوات الصيد البدائية التي معه خاطبها قائلا : سهم وشبكة هذا مالدي ..أيتها الشبكة التي كلما حاولت أن ألقي بك على غزال شارد أفلته خوفا عليه ، ليتك تدركين كم أعاني مع مصفرة الوجه التي تنهال عليّ كلماتها كسهام مسمومة ، تشرّح أوصال رجولتي ، تقلل رصيدي باحترامي لذاتي ،ليتك تكونين أمْة مطيعة أيّتها الشبكة ... الشمس تغزل أشعتها من الجمر تلقي بلونها البرتقالي على وجهه فتصبغه بحمرة برتقالية _ تدل على خوضه تجربة الصيد _ وتؤكد أنني أحاول وأحاول ،،،ينظر إلى حبات الرمل المتعطشة لقطرة ندى يلقى بقطرة من همه على حبات الرمل فتزهر آهات ،يسير ببطء أنهكه السير بحذائه البالي الذي تعددت ألوانه بألوان الفقر والشقاء ،تركت به خروما وشقوقا تتنفس وتنفذ منها أصابع قدميه التي لفحها شظف العيش
ظل يندب حظه ويردد ليتني أرزق بغزالة شاردة ،أو أرنب أعود به لصفراء الوجه ......وبينما يسير بخطوات ثقيلة مرت أمام عينيه المنتفختين
فريسة ، ركض وراءها أعد الشبكة للانقضاض
لكن محاولته باءت بالخيبة ، لامست الشبكة فاه فتقيأ من رائحتها العفنة وضحك قائلا : أدركت لماذا تفر الفريسة من الشبكة دائما ....تعالت الضحكات الساخرة ،شبكة صيد للأسماك أحاول أن أصطاد بها غزالا ...وبينما هو بالطريق يعاند الحر والعطش والجوع وجد رجلا من رائحته أدرك أنه يسبح في يم الثراء ، طلب منه شربة ماء ، استوقف سيارته الفارهة ، أعطاه الماء وسأله :كيف استطعت السير بمفردك تحت مظلة الشمس الحارقة بلا ظل ؟!!
ضحك الصياد قائلا : اللهث وراء لقمة العيش أقوى من أي مخدر فهو يلجم ويؤجل الألم بل يقتل الاحساس هل يشعر الميت سيدي !!!!! طلب منه الثري أن يرافقه ربما يكون كلمة السر التي تغير مجرى حياة حظه الراكد ، ضحك الصياد قائلا : لماذا أرفض؟!!!
وركب بجواره ، لكن الثري شعر باشمئزاز بسبب رائحة الفقر التي نبتت بسيارته
أخرج عطرا باهظ الثمن وقام بسرد رذاذه بأجواء السيارة ، انتشى الثري وأكمل القيادة ، وأخذ الصياد يتمتم ليتك تشاهديني الآن يا صفراء الوجه أنا أركب سيارة فارهة بثمنها أشتري حيا بأكمله ،، وأستبدلك بزوج آخر أيتها البومة سبب حظي العاثر، بينما يتمتم إذ
شيطانه يرسم له هل إذا قتلت هذا الثري واستبدلت ملابسه بملابسي سيفرق بيننا أي مخلوق على وجه البسيطة وفجاة ...صرخ الصياد آه آه آه
أدركني أيها الثري توقف عن القيادة آه .....
توقف الثري وسأله ماذا بك ؟
قال : العطر أصابني بغثيان أريد أن أتقيأ عطرك .. ساعدني لأترجل انزل أنت أولا قدماي لا تحملاني يا رجل ،،نزل الثري وفر الصياد بالسيارة وألقى بالشبكة والسهم ، وشعر بنشوة الصيد والانتصار لأول مرة يقتنص الفرصة ولا يتردد ، دهس الثري ، وبهذا انتهت كل أوجاعه سأذهب لأقرب سوق في البلدة المجاورة أشتري ملابسا جديدة الثري ترك أموالا بالسيارة ...يالها من ساعة حظي سأتخلص منك صفراء الوجه ، سأتزوج بإمرأة جديدة ،وظل يردد_ أنا ثري أنا ثري_ وتعالت القهقهات ، وصل للبلدة اشترى ملابس وأكل طعام الأثرياء ، طلب من النادل أن يدله على أقرب شخص يبيع عنده السيارة ، ،،، تحرك بالسيارة التي اقترب وقودها على النفاذ ، وبينما هو يسير لأقرب محطة بنزين سمع أصوات سيارات الشرطة تطارده ظل يجري ،،،،ويجري
إلى أن توقفت السيارة فجأة وسط حصار سيارات الشرطة ، نزل من السيارة ضاحكا كنت أريد أن أحيا كالأثرياء لكن رائحة الفقر منحوتة بجسدي.