التأويل الفريد في عقيدة المريد [ سورة الكافرون ]
حسام الدين رامي نقشبند
{ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ } [الكافرون : 1] ...
قبل الخوض في مقاصد هذه السورة علينا أن نعرف معنى عنصر أساسية فيها وهو معنى الكافر أو الكفر ؟؟؟ !!! ...
الكافر هو المنكر لفضل الله وإحسانه ونعمته عليه ، والمعرض عن الحق بسوء الظن ...
وكلمة الكفر اصطلاحاً هي الستر و التغطية لذلك يسمى الزراع أو المزارعين بالكفار لأنهم يسترون ويغطون الحب الذي ينبت منها الزرع بالأرض ؟؟؟ !!! ...
بسم الله الرحمن الرحيم : ( ........... كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ .....) [الحديد : 20] ...
وفي آية أخرى يأتي البيان للمعنى بالمقارنة ؟؟؟ !!! ...
بسم الله الرحمن الرحيم : ( كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ ) [الفتح : 29] ...
و الحقيقة أن النفس الإنسانية لا تستطيع أن تقبل على الله و ترغب بما يرضي الله أو تبني علاقة أو صلة مع رب الناس و إلههم ما دامت مقصرة بجنب الله محجوبة عن رؤية الفضل و الإحسان الإلهي ...
فمشاعر التقصير و الإساءة تورث الحياء من الحق ، والذي بدوره يحول بينها وبين الإقبال على الله وحسن الظن بهذه الذات العلية ...
أما إذا سعى الإنسان بوازع داخلي أو واعظ خارجي ، إلى تطهير نفسه بإتباع السيئة الحسنة وتغليب الخيرية هل شرور النفس و الإعراض عن الباطل و الإقبال إلى الحق ...
عندها تتولد الثقة بالله من جديد وتزول العداوة مع الحق ؟؟؟ !!! ...
بسم الله الرحمن الرحيم : ( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) [فصلت : 34] ...
وهذا ما يسمى التكفير وهو يعني ستر شرور النفس ومساؤها بالخير و أعمال الخير وحسن الإقبال و التوبة إلى الله ...
بسم الله الرحمن الرحيم : ( ...... وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) [التغابن : 9] ...
و بالعودة إلى السياق فالكفر كما أسلفنا هو ستر الفضل و الإحسان بإنكاره و الإعراض عنه ، ليس إنكار وجود ، فالكل عندما تشتد الشدائد يقول يا رب ؟؟؟ !!! ...
وها هو إبليس وصفه الله أنه من الكافرين ، ومع ذلك نجده في سياق آيات الله في كتابه ، يقر بوجود رب خالق قدير ؟؟؟ !!! ...
ولكن كفر إبليس كان بسوء ظنه بحكمة و خيرية القرار الإلهي بجعل آدم خليفة الله في الأرض ...
فقد ظن أن الله أغواه وفتنه ، وأنه كان أفضل من آدم و أحق منه بخلافة الله ...
و الحقيقة أن الله كشف لإبليس حجبه الخفية التي أضلته و حجبته عن الحق وهي :
الغرور و العجب و الكبر رغم علمه ؟؟؟ !!! ...
لكنه كان جاهل بحكمة التصرف و القرار الإلهي ، وهو مصير كل من يلتفت إلى نفسه وينشغل بها عن الله ؟؟؟ !!! ..
و يشمل ذلك العلماء الذين سيطرت عليهم آفات و أمراض النفس ففتنوا بأنفسهم عن الله فحجبوا عنه دون أن يدروا ...
بسم الله الرحمن الرحيم : ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ [2] وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ) [العنكبوت : 3] ...
كما يضم ذلك أعوان الشيطان من البشر وعلى رأسهم اليهود الذين أمنوا أنفسهم بأماني كذابة على أنهم شعب الله المختار ...
فتارة يقولون أن النار لن تمسهم إلا أيام معدودة و تارة يحتمون الجنة و نعيمها لهم ولأتباعهم النصارى وتارة ينسبون الحق لأنفسهم ، وينفونها حتى عن أتباعهم من النصارى وهذا كله وفق خبر السماء في كتاب الله ...
و في النهاية فإن الكفر هو المنهج العملي السلبي في الدين فهو إما أن يكون على شكل إنكار للفضل الإلهي و هو عكس الإسلام ، أو إعراض عن الحق ويكون بذلك عكس الإيمان الذي هو إقبال على الله بداية بدافع حسن الظن بالله ، ومن بعد ذلك يكون إما بدافع غلبة الخشية من الله و وخوف مغبة المخالفة لأوامر الله ، وهي سمة المؤمن العالم ، أو حرص على إرضاء الحبيب الأعظم سبحانه و الاستزادة بالخيرات طمعاً بنظرة المحبوب وهي سمة المؤمن الزاهد ؟؟؟ !!! ...
و الكفر ينقسم إلى ثلاثة أقسام هي :
كفر بالإلوهية : وهو كفر بالتصريف و التدبير و التسيير الإلهي للكون و الزعم أن الكون و الخلائق ذاتية القرار و التصرف يحكم القوي منهم الضعيف ...
وهو عكس إيمان العلماء المبني على شهود أن وحدة الأفعال كلها له سبحانه دون تدخل الأغيار وأن القوة و التدبير و التصريف له سبحانه دون شريك في الملك ؟؟؟ !!! ...
كفر بالربوبية : وهو كفر بالحق و الاستحقاق أو لنقل بالعدالة الربانية ...
أما الكفر الأخير فهو الكفر بالفضل و الإحسان وعكسه الشكر المبني على نسب الفضل بكل شيء لله وحده ...
والآن نعود إلى سياق الآيات مرة أخرى ...
{ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ } [الكافرون : 2] ...
و السؤال الآن ما هي العبادة ؟ ...
و الجواب العبادة هي تطويع النفس لله و أوامره بدافع الظن الحسن عند العابد ، أو بدافع شهود طرف من جلال عظمة الله عند العالم ، أو بدافع غلبة محبة الله بعد شهود جمال فضل الله وإحسانه سبحانه عند الولي ...
يقول صلى الله عليه وسلم : ( أحبوا الله لما يغذوكم من نعمه ، وأحبوني بحب الله ، وأحبوا أهل بيتي بحبي ) ، رواه الترمذي في "سننه " ، والسيوطي في "الجامع الصغير" ، باسناد صحيح ...
فالعبادة من التعبيد بمعنى الخضوع و التطويع ولا تكن سوى بمعرفة الله عز وجل ...
بسم الله الرحمن الرحيم : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) [الذاريات : 56] ...
قال ترجمان القرآن وحبر الأمة "ابن عباس" رضي الله عنه ، ليعبدون أي ليعرفون الله ...
لأن المعرفة لله تولد إما الإجلال و التعظيم أو التوله و التكريم في قلب المؤمن فتخضع النفس وتلين لباريها ...
وإذا أردنا أن نصرف كلمة "ليعبدون" تصريف مزجياً فنقول مقصدها أي" ليعوني بما هو دوني" أي ليعرفوني بآلائي الآسرة للقلوب و آياتي الدالة الرب المحبوب ...
ونعود الآن إلى سياق الآيات ...
فنقول أن الله يأمر نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم أن يبين للمعرضين المنكرين ، أن الله لم يخرجهم إلى هذا الوجود إلا ليشهدوا طرف من جلاله و جماله ، فتنجذب له أفئدتهم و ألبابهم فيؤلهوه ويتولهون به تعظيماً و حباً ...
فتخضع له قلوبهم و تخنع و تقنع وتنقاد وتكون مطواعة و مطوعة لجلال وجهه الكريم ...
فالإيمان بالله تعالى وطاعته وامتثال أوامره كنز ؟؟؟ !! ..
و الكنز هو الشيء الغالي الثمين الذي توارى عن الأنظار ...
فإذا ما عثر عليه أورث عند من عثر عليه بعد قلة و حاجة و فاقه سعادة كبيرة وفرح ، لم التمس فيه من الخير و النعيم ...
كما في الأثر القدسي : ( كنت كنز مخفياً ، فأحببت أن عرف ، فخلقت الخلق لكي أعرف فبه عرفوني ) ...
كذلك فإن حسن طاعة و الانقياد لأمر الله ، يورثان في القلب السعادة إذا ما انكشف للعبد طرف من كمال فضل الله و جلال عظمته ...
فعندما تستغرق النفس في حقيقة المشاهدة تغيب بالمشهود عن كل شيء وتفرح به أكثر من أي شيء ولا يلفتها عنه سبحانه أي شيء ، وهذا ما أشار الله إليه بكتابه بالفتن أي تغليب المعدن النفيس في سرائر النفس ...
بسم الله الرحمن الرحيم : ( وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً [16] لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً ) [الجن : 17] ...
و في الأثر القدسي : ( يا ابن آدم خلقتك لعبادتي فلا تلعب وتكلفت برزقك فلا تتعبفاطلبني تجدني ،
فإن وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتككل شيء ، وأنا أحب إليك ) ...
و الآية أيضاً تبين أن من يكفر أي يعرض عن ذكر الله و ذكر فضله يسلكه الله عذاب صعداً و العياذ بالله ...
فلا المال و لا البنون و لا الزوجات الحسان و الحدائق و لا الجنان ، و الملك و لا السلطان ، يلفتان النفس المفتونة بالحق بشهود كمال الجمال الرباني و جلال عظمة الإلوهية ...
و الحقيقة أن الكون بكليته ومفاتنه ومتعه و جماله لا يساوي أثر من آثار صاحب الجلال و الكمال سبحانه ...
فالكل الفرع لا يساوي مثقال ذرة من أصل الكنوز ومصدر السعادة المطلقة ؟؟ !!! ...
ولـو ذقـت من طعم المـحبة ذرة *** عذرت الذي أضحى قتيلا بحبنا ...
فإذا ما تفكرت ثم تبصرت أدركت أن التسبيح الصحيح إنما هو التنزيه المطلق لله تعالى وتقديسه بجميع صفات الكمال المطلق من غير نهاية أو إحاطة ...
ولكنا علمنا لما لا تقر عين قلب سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم إلا بدوام صلته بربه سبحانه ..
يقول صلى الله عليه وسلم : ( وجعلت قرة عيني في الصلاة ) ، رواه أحمد في "مسنده" ، و الحاكم في " مستدركه" و النسائي و البيهقي في " السنن" ، بإسناد حسن ...
ولعلمنا لما تنام أعين الرسول الكريم وأخواته الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ، و قلوبهم لا تنام ...
يقول صلى الله عليه وسلم : ( إنا معشر الأنبياء تنام أعيننا، و لا تنام قلوبنا ) ، رواه السيوطي في " الجامع الصفير " ، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" ...
وبذلك نكون عرفنا حقيقة العبادة وهي الخضوع و الطاعة لأمر الله وتطبيق دلالته التي لا تنتهي إلا بالسعادة الحقيقية ...
{ وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ } [الكافرون : 3] ...
أي أن عبادة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم و من تبعه من المؤمنين تحتاج إلى تضحيات كبيرة ، ثم استنارة قلوبهم بالحق واستقامتهم و سعادتهم و هداهم ، تحتاج إلى جهد وصدق كبيران، وهي ميزة مفقودة عند أهل الكفر و الإعراض ...
أي أنتم أيها الكفار بإعراضكم عن الحق وإنكاركم لنعيم الله عليكم أضحت أنفسكم فاقدة لنور الهدى التي يصحبها عمى البصيرة والعياذ بالله ..
{ وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ } [الكافرون : 4] ...
أي أنني ما دمت مع الله ملتفت إليه بكليتي متبصر بنوره ببصيرتي بعدما سلم قلبي به وأضحى أسير له سبحانه ، فلن يحولني عما أنا فيه إلا من فتنني فيه ؟؟؟ !!! ...
بسم الله الرحمن الرحيم : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ) [الأنفال : 24] ...
و أن إنكاركم و إعراضكم عن الحق لن يؤثر بي ما دام الحق معي و اليقين به ثابت بقلبي ...
لأن للإيمان كما أسلفني نتائج وآثار تبعث السكينة و الوقار في القلب و الطمأنينة الصادق الثابتة ما دامت المؤمن مقبل مستزيد من واردات لذائذ الإيمان دائم التجديد له بحق التوحيد بالقلب ...
يقول صلى الله عليه و سلم : ( إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب، فاسألوا الله تعالى : أن يجدد الإيمان في قلوبكم ) ، رواه الهيثمي في "مجمع الزوائد" والسيوطي في "الجامع الصغير ، و إسناد حسن ...
وتجديده يكون بالعلم و الشهود لوحدانية الله بالأفعال و الأقدار ...
يقول صلى الله عليه وسلم : ( جددوا إيمانكم . قيل : يا رسول الله ! كيف نجدد إيماننا ؟ قال : أكثروا من قول : لا إله إلا الله ) ، رواه السيوطي في "الجامع الصغير " باسناد صحيح ، و رواه المنذري و الدمياطي و الهيثمي وابن الغزي و أحمد شاكر ، بإسناد حسن ...
أي إدراك أن العبد ملك لله ؟؟؟ !!! ...
وهذا سيدنا الحارثة بن مالك الأنصاري عندما يسأل عن دلالات حقيقة إيمانه فيقول رضي الله عنه : ( عزفت نفسي عن الدنيا ، واستوي عندي تبرها [ ذهبها] و ترابها ، فسهرت ليلي و أظمأت نهاري ، وكأني أري عرش ربي بارزا ، وكأني أرى الجنة و أرى أهلها يتنعمون ، وكآني أرى النار وأرى أهلها يعذبون ) أخرجه البيهقي في "الشعب" ويصح موقوف على أنس بن مالك رضي الله عنه ...
وها هو سيدنا معاذ بن جبل يعبر عن حقيقة إيمانه فيقول : ( ما أصبحت صباح قط إلا ظننت أني لا أمسي ، و ما أمسيت مساء قط إلا ظننت أني لا أصبح و لا خطوت خطوة إلا ظننت أني لا أتبعها أخرى ، وكأني أنظر إلى كل أمة جاثية تدعو إلى كتابها معها نبيها و أوثانها التي كانت تعبد من دون الله ، وكأني أنظر إلى عقوبة أهل النار ، وثواب أهل الجنة ) أخرجه أبو نعيم في " الحلية" عن أنس بن مالك ...
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الإيمان إذا دخل القلب انفسح له القلب وانشرح ، وذكر هذه الآية { فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام } [الأنعام : 125] ، قالوا : يا رسول الله ! وهل لذلك من آية يعرف بها ؟ قال : نعم ، الإنابة إلى دار الخلود ، والتجافي عن دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل الموت ) ، ورد في مصنف أبي شيبة ، وقال السفاريني الحنبلي في "القول العلي" : حديث مشهور ...
يقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم : ( قد أفلح من أخلص قلبه للإيمان ، وجعل قلبه سليما ، ولسانه صادقا ، ونفسه مطمئنة ، وخليقته مستقيمة ، وأذنه مستمعة ، وعينه ناظرة . فأما الأذن فقمع ، والعين مقرة لما ينوي القلب ، وقد أفلح من جعل الله قلبه واعيا)، رواه الإمام أحمد في "مسنده" ، و أبو نعيم في "حليةالأولياء" ، و المنذري في "الترغيب و الترهيب"...
{ وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ } [الكافرون : 5] ...
إي ما دمتم مصرين على إنكاركم لنعيم الله وجحود فضله عليكم ، وما دمتم مصرين على الإعراض عن الحق وتعشق هذه الدنيا الفانية ، فلن تنالوا ولو ريح لذائذ الإيمان ، ولن يطمأن لكم بال ولن يهنأ لكم عيش وسوف تغركم الأماني الزائفة التي بتتبعكم لها لن تدركوا إلا سراب ومتاع قليل إن كتب لكم ذلك ؟؟ ! ...
بسم الله الرحمن الرحيم : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) [النور : 39] ...
{ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ } [الكافرون : 6] ...
كلمة الدين مشتقة من كلمة دان بمعنى أدان نفسه بالحق أي أخضعها للحق و قادها به ...
نقول دانت الدولة لحاكمها أي خضعت وأطاعت و امتثلت لما شهدت عنده من العدل و الأمان و الأمل والقوة و القدرة و القهر ..
ذلك فإن للكافر دين و للمؤمن دين ؟ ! ...
فالكافر أدان نفسه بالباطل فقادها نحو المعاصي و الموبقات وفق نظره المعكوس وقلبه المنكوس على الباطل يظن أنه على الحق بإتباع أهوائه و شهواته ...
بسم الله الرحمن الرحيم : ( الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً [104] ُأولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً ) [الكهف : 105] ...
ولو أنه استنار بنور علم الإيمان أو ركن إلى ركن متين لعلم مدى الضرر و المهلكة في إتباع هوى النفس و الغرق في أذى الشهوات ...
فالمؤمن الحق مصبوغ بالشرف و النبل و الفضيلة و معاني الكمال ...
فكل له ميله إلى الحق وهذا شأن المؤمن ، أو عن الحق و هذا شأن الكافر ...
بسم الله الرحمن الرحيم : ( وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) [البقرة : 148] ...
لذلك يصف سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم قلب المؤمن قائلاً : ( قلب أجرد [ متجرد من كل ما يحجبه عن الله ] فيه سراج يزهر ، فذلك قلب المؤمن ) ثم يصف قلب الكافر قائلاً : ( وقلب أسود منكوس فذلك قلب الكافر ) و العياذ بالله ... رواه ابن القيم في "إغاثة اللهفان" ، وقال : صحيح ، وابن كثير في "تفسير القرآن" ، وقال إسناده جيد حسن ، و السفاريني في "شرح ثلاثيات المسند" ، وقال : صحيح ، وأحمد شاكر في "مسنده" ، وقال : إسناده صحيح ، الحكمي في "معارج القبول" ، وقال إسناده جيد ، وكذا حكم الشوكاني في "فتح القدير" ...
تم بعون الله وهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ...