فضل القلم .....................
محمد عيد الخربوطلي
إن الحديث عن الأدب العربي وعن كل ما يتعلق به حديث ذو شجون، وذخائر الكتب الأدبية مليئة بالفوائد، ومنها ما قيل في فضل القلم ويكفيه شرفاً أن الله قد أقسم به فقال: ((ن والقلم وما يسطرون)) وقد صنف جماعة من الأدباء كتباً في فضله، منهم الجاحظ قال رسالة سماها – القلم – وإسحاق البربري له كتاب – القلم – أما محمد بن المرزبان فقد صنف في وصف القلم وللقلقشندي كتاب سماه – حلية الفضل والكرم في المفاضلة بين السيف والقلم – وبعض الأدباء أصدر مجلة سماها – القلم الجديد – مما يدل على قيمة القلم وما يكتب به من فرائد وفوائد.
قال أهل اللغة: والقلم لا يقال له قلم إلاَّ إذا بري وإلاَّ فهو أنبوبة (القصب). وقد قال الوداعي في وصف قلم يسيل بالحبر:
ليمناه ذو طرف كحيل إذا بكى
وقد راح مشقوق اللسان حتى جرى
تبسم ثغر الخط من دمعه عجبا
بثغر الدوى المعسول أبدى اللمى العذبا
وذكر الحصـري في زهر الآداب أن كاتبـاً أهدى أخاه قلمـاً وكتب
إليه أحببت أن اتحفك بما تثقل قيمته ويكثر نفعه فهو كاللآلئ المكنونة في الصدف والأنوار المحجوبة بالسدف. وبالقلم تعرف العلوم وبه تنتشر.
قال أبو تمام:
له ريقةٌ طَلَّ ولكن وقعها
فصيح إذا استنطقته وهو راكب
بآثاره في الشرق والغرب وابلُ
وأعجم إن خاطبته وهو راجل
ولما أراد بعض الأدباء امتحان الحريري صاحب المقامات الأدبية سألوه أي شيء تتعافى من صناعة الكتابة حتى نباحثك فيه؟ فأخذ بيده قلماً وقال: كل ما يتعلق بهذا وأشار إلى القلم.
وفي حياة الحيوان للدميري أن بعضهم ألغز في القلم فقال:
وأرقش مرهوف الشباة مهفهف
تدين لـه الآفاق شرقاً ومغربا
حمى الملك مفطوماً كما كان تحتمي
يشتت شمل الخطب وهو جميع
وتعنو لـه ملاكها وتطيع
به الأسد في الآجام وهو رضيعُ
فللقلم الفضل الأول والأخير في نشر العلوم وبه تكتب المعاهدات وكم من بلد وقع به وثيقة الاستقلال وكم كتب بالقلم وثيقة وحدة، وهل يستغني عنه إنسان أو طالب علم، وكم نوع للقلم صار في زماننا وكم من الناس يتباهون بأنواع أقلامهم الفاخرة، وهو صاحب الشرف الأعلى، يكفيه أن يعلق على الصدور وتقابله العيون..
---------------------
من منشوراتي في بداياتي الكتابية