إنه في يوم في شهر في سنة اجتمعنا نحن حشرات الغابة واكتمل نصابنا للنظر فيما أصابنا من الذئب الذي طغى وبغى.
بدأ الاجتماع في الغابة بحضور الذبابة والبعوضة والبرغوث والعنكبوت والنملة والقملة والدبور والنحلة والفأر والصرصار والعتَّة نيابة عن الخنفساء، وفى الكلمة الافتتاحية التي اشتملت على التحية ثار خلاف عندما بدأت النملة وقالت: "أيها الإخوة" فغضبت القملة واقترحت أن تكون: "أيها الزملاء" بينما قال الدبور: "يجب أن نكون واقعيين ونبدأ بكلمة أيتها الحشرات الكريمة".
وقالت العنكبوت: "إن الكلمة ملخبطة"، وطلبت حذفها من المضبطة؛ فتصدَّت لها الذبابة وقالت: "الأفضل هي كلمة أيها الناس".
فصرخ الصرصار وقال في غضب وثورة شديدة: "إحنا مش ناس، إحنا مش ناس" وهدَّد بالانسحاب، فهدَّأه بقية المجتمعين ثم طلب الفأر الكلمة وقال:
"هناك كلمة ستكون محل إجماع منا، وهي أيها الهوام"، فصرخوا في وجهه بأنها كلمة غير مفهومة، فاقترح إصدار ملحق مع البيان الختامي يوضح معناها؛ لكنهم رفضوا، وقالت النحلة: "لماذا لا نوفر على أنفسنا المشاكل ونقول أيها الحاضرون؟!".
فاستحسنوا هذه الكلمة، لكن الذبابة طلبت أن تكون الكلمة شاملة "أيها الحاضرون والغائبون أيضًا"، وقالت النملة: "ليس عيبًا أن نستعين بكلمة عبد الوهاب: أيها الراقدون تحت التراب".
فقالت الذبابة: "وأين الطائرون في الهواء مثلي؟!".
فتأمَّلهم الفأر وقال بهدوء وحكمة: "علينا منعًا للخلاف أن نقول «أيها» ثم نتركها فاضية كل واحد يملؤها بمزاجه".
فقالت النملة: "سوف يعرف الناس أننا لم نتفق، لذلك أقترح حلًّا حاسمًا أن نقول: أيها الصرصار، أيها الدبور، أيها الفأر، أيها العنكبوت ... وهكذا، كل واحد باسمه فيمتنع الخلاف".
فردَّت العتة وقالت: "ما تقولينه قد يصلح في الأفراح عندما تذكرين اسمًا اسمًا ثم تقولين: وأنا وأنت، لكننا في مؤتمر كبير ومحترم".
فاعترضت الذبابة على كلمة «محترم» وطلبت حذفها وقالت: إننا مازلنا واقفين عند كلمة «أيها».
كان الذئب يعوي في الخارج ووصل إليهم صوته، فقال الفأر: "لماذا لا نخاطبه مباشرة ونقول: أيها الذئب؟" فوافقوا على ذلك بالإجماع وأضافوا إليها:
"أيها الذئب، أي حاجة تعجبك خذها وكلها بالهنا والشفا".
ألا يذكركم هذا المحضر بمواقف تتكرر في الحياة؟!