يلقى بجسده على الارصفة ، تلتصق اذنه باحجار الرصيف ، يستمع الى ايقاع خطوات المارة ، ذهاباً واياباً ، يحاول معرفة شخصية صاحب الخطوات من خلال ايقاع خطواته ، هواية غريبة وعجيبة ، اصبح يمتلك خبرة كبيرة فى هذا العمل ، مثلا ذاك ايقاع خطوات لص يحاول الفرار بغنيمته ، خطواته متعجلة وان كان يحاول ان يبدوا وكأنه يتريث فى خطواته ، وهذه خطوات شرطى او ربما جندى من ابطالنا ، خطوات قوية تنم عن القوة والثقة بالنفس ، وهذه خطوات فتاة تتمنى ان تتعثر فى شاب يعجب بها ربما يكون العريس الذى طال انتظارة ، خطوات متمهلة ايقاعها يوحى بالدلال والانوثه ، وهذه .... وهذه ..... وهكذا
وفى ظهر احد الايام اخترق سمعه خطوات اهتز لها كيانه ، خفق قلبه لها بشدة ، وقبل ان ينتبه الى ما اصابه اختفى صوت ايقاع الخطوات رويدا رويدا .
انتفض جسده وحاول اللحاق بصاحبه تلك الخطوات دون جدوى ، اختفت فى زحام الطريق مثلما اختفى ايقاع خطواتها ، ظل على الرصيف يستمع الى خطوات المارة يوماً وراء يوم فى نفس المكان وفى نفس التوقيت ، متمنياً ان يصادف ايقاع نفس الخطوات ، لكن دون جدوى ، اضناه العشق والهيام بصاحبة تلك الخطوات ، اهمل فى نفسه واصبح رث الثياب ومظهره قريبا من مظهر المتشردين ، هام فى الشوارع والازقة والنجوع يمسك بالدف وبقرع نفس النغمات ويسأل المارة عن صاحبتها ، لعله يجد من يعرفها ، اصبح حديث المدينة ، الكل يتندر بحاله
وفى احد الايام انتفض جسده مرة اخرى عندما ترامى الى مسامعه نفس الايقاع ، هرول خلفه مسرعا ، متمنيا لقاء حبيبته ، وجدها امراة فاتها سن الشباب ، تسير بخفة كالغزال ، خدعته خطواتها الرشيقة ، تسير بجوار زوجها وتحدثه قائله
*- هل سمعت عن ذلك المعتوه الذى وقع فى غرام فتاة من ايقاع خطواتها !!
انا اعلم ان هناك حب من اول نظرة اما الحب من اول خطوة فهذه حماقة جديدة علينا
انا اشفق على هذا المعتوه واتعجب لحاله
**- نعم سمعت ، لكن لما العجب !!
الم تسمعى المطرب الذى يتغنى بحب الحمار ؟! كذلك العنب والخيار !! اصوات شاذة وكلمات شاذة
مسكين شباب هذه الايام ، البطالة وغياب القدوة الحسنة ذهبت بعقله ، جعلته يميل الى التطرف فى كل شىء ،
علاوة على الافلام الهابطة والفضائيات التى كل همها ان تعرض اى شىء يجذب الجمهور حتى لو كان هذا الشىء
فا سد والادهى من كل هذا الادمان بكل انواعه، حشيش ، بانجو، كوكايين ، حتى شم الكلة والبنزين ... . *-صدقت يازوجى العزيز الشباب فى طريق الهلاك ! ومن يدرى ربما يظهر لنا معتوه آخر يقع فى غرام نملة او
صرصار
هوى جسده على الرصيف مرة اخرى عندما سمع هذا الحوار
لكن هذه المرة لم يستمع الى ايقاع خطوات المارة
بل المارة جميعهم استمعوا الى حشرجة قلبه المجروح