المكان - الأرض - المحل - البيئة :
- اذ كان المكان يؤدي وظيفة محددة دائما فهو نهائي , مغلق , ولا كوني , والإنسان فيه كائن أرضي . ويجب في المكان أن يكون مفتوح على احتمالات , ويعبر عن ارتقاء وانفتاح الشخصية الانسانية بما يتجاوز الطبيعة الفردية لها , الى ميتا فيزيقيا الكون والجمال .
و كلما صغر المكان - الفضاء زاد عدد الحدود ووطأتها , ولنتخيل مكانا" صغيرا" فيه طاقات و إمكانيات كبيرة , أي فيه ارتقاء" نفسيا" واضحا" أكبر من المكان أو من الأرض , عندها لاشك أن المكان سيستنفذ ويتحول الى يقين , فتضعف الحركة , وحسب الحالة الثقافية فإذا لم يتراجع إلى الهمجية , وعند استمرار الحركة فإنه سيرتق بالنسبة إلى الجمال إلى أبعاد روحية ونفسية أعلى , وبالمقابل إذا كان المكان كبيرا" شاسعا" مع ضعف الإمكانيات فإنه سيتحول الى يقين , وهذا الضعف في الإمكانيات , أي التراجع النفسي الواضح , يتبعه ضعف في الحركة , وبالتالي حكما" هناك تراجعا" روحيا" لا يمكن إنقاذه إلا من خارجه ( خارج الأرض , أو خارج مفترض ) , فالأساس في المكان إمكانيات الإنسان وما يستطيع أن يقدمه المكان . .
لا حدود حقيقية للمكان الذي نستطيع أن نصل اليه . وعلينا ألا ننسى أننا نستطيع أن نحشو ونملأ الأرض بالأمكنة . لكن يبقى للأرض حدود . فبالخيال والأحلام يتوصل الإنسان الى أماكن لم يصلها أحد من قبل . أما الأرض فينتهي تأثيرها عندما تتشيئ أو تتحول الى مادة .... بالتالي ننفي عنها البعد الروحي , وإن النظر إليها والتفاعل معها كمادة يؤسس الى نظرة مادية عن الأرض , وبالتالي الى استهلاكها واستهلاك المواد الخام فيها , وتلويث البيئة . وعندما يخفض المكان الى أرض نخفض المعرفة إلى إيديولوجيا , المكان معرفة , ونعيش بدلا" من أن نحيا , في مكان مواز غير المكان الحقيقي وغير الواقعي .
ما الفرق بين الأرض و المحل والمكان والوطن ؟ علينا أن نجيب على هذا السؤال . الآن .
إن الإقتصاد الضعيف يصغّر المكان ويفرض علاقات تبعا" لمستوى المكان الروحي وللمستوى المعاشي , فتصبح الاجتماعية عشوائية وكل فرد لوحده صيادا" للفرص , وبالتالي عودة الى مجتمع القنص والصيد لتحقيق حاجات استهلاكية أو حاجات الوجود الأساسية ولا أحد سيفكر بالحضور . والحالة المبدعة هي التي تجعل المكان مكانا" دائما , لا يتراجع أو ينحل إلى محل يحل فيه الإنسان ويمضي أو أرض يسكن فيها وحسب .
إن الطبيعة دون إنسان , أبدية , هي دون زمن , فالإنسان هو الزمن
فالإنسان هو الوطن شرط أن تكون له القدرة والاتساع لأن يكون وطنا" . وطن للإنسان ووطن للأرض أيضا" .
لا بديل عن الثقافة لإعادة صياغة الناس لاحتمالات مختلفة أو متعددة , وبما يتناسب مع طبيعة الإنسان . لا يوجد ثقافة , اذا" لا يوجد وطن .
فالثقافة طاقة إنسانية تثبت عناصر المستقبل وتتطلع إليه .
المكان الايديولوجي لا يتسع لإيديولوجيا أخرى , أحادي , غير حقيقي , وهم واقعي , وبالتالي صراع دائم على الوهم ومع الآخرين , فإما أن ينضموا تحت لواء الإيديولوجيا أو الحرب .
لقد كان تثمين الأرض خاطئا" وغير ممتلئ بأبعاد الانسان , وذا قيمة مستقلة عن الانسان , وبالتالي كان الإنسان يدفع دائما لينتمي إلى ما لا يشعر فيه تحت ضغط حضور الإيديولوجيا .
فالمكان الاقتصادي هو في سياق الإكتشاف والتمكن من الأرض لصناعة المكان الذي ننشده , وفي هذا السياق يكون الإقتصاد , والصراعات الإقتصادية هي في عمقها صراع على امتلاك المكان , أما التحكم بالتقدم الاقتصادي وإضعاف دورته هو إضعافا" وتحكما" بالإجتماع وتخفيضا" للمكان إلى أرض ثم إلى محل .
- لماذا الاقتصاد ؟
لأنه هو الذي يضيق أو يوسع العالم الخارجي للانسان الى درجة الضغط على العالم الداخلي , فيولد التغييرات الحقيقية فيه . وتعطيل الاقتصاد يؤدي بنا الى الانتظار , والتلقي , وعدم الاستقرار .
والتنمية الاقتصادية الاجتماعية تعني عندئذ اعادة صياغة أهداف الفرد .
- ربط الزمن بالاقتصاد , هو معيارك أنت بالانتاج لا معيار الانتاج بك .
- علاقة المستوى الاقتصادي بالهم الأعلى للجماعة :
اذا كان المستوى أكبر من الهم : فانه يؤدي الى : ترف , استنزاف , ولابد من دولة منظمة تمسك بالفائض وتعيد توزيعه انعكاسا" على الخدمات العامة والرفاه والتقدم العلمي .
أما اذا كان أصغر : فانه يؤدي الى : قلاقل , خفض الانتاج , مساعدات , واستنزاف للطبيعة وللتاريخ .
- عندما يتطابق الوجود مع الواقع , يصبح الواقع هو واقع , لكن هذا مستحيل , لذا فان الواقع يشمل الذي لا نستطيع أن نراه وموجود .
إن المكان معرفة واجتماع , وهو الذي يكون فيه الآخر موجودا" وحاضرا" , ويستوعبه .
وطن البيئة الفرد ذاته !! , أليس للبيئة وطن ؟
إن العدالة هي علاقة بين مساحة الوجود والحضور وامتداد الامكانيات . وهكذا يكون الإنتماء ومن خلالها يجد الإنسان الهوية .
يوجد علاقة خطيرة بين الهوية والانتماء .
ستنشر في عدة منتديات تأليف : نيقولا ديب