فائدة في سر ابتداء التأريخ الهجري بشهر المحرم .
الحمد ولي النعمة والإفضال ، والصلاة والسلام على من حاز خصال الشرف جميعا على جهة الكمال ، وعلى آله وصحبه ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المآل .
استشكل البعض تعليق ذكرى هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بشهر المحرم ، واستدركوا بذلك على عامة من يتخذ مطلع كل عام هجري مناسبة لتجديد الاهتمام بأحداث الهجرة النبوية ؛ لأن قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة إنما كان في شهر ربيع الأول .
وهذا استدراك صحيح ؛ كما في صحيح البخاري من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه ( ما عَدُّوا من مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا من وفاته ؛ ما عدوا إلا من مقدمه المدينة ) ، لكن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما أرخ التاريخ بالهجرة بدأ بالمحرم ، فلزم – من ثم – الجمع بين الأمرين ، وهو ما أشار إليه الحافظ ابن حجر بقوله - تحت قول سهل بن سعد رضي الله عنه ( من مقدمه ) - : ( أي زمن قدومه ، ولم يُرد شهر قدومه ؛ لأن التاريخ إنما وقع من أول السنة ) فتح الباري 7 / 268 .
ثم ساق في نفس الموطن قول بعض المحققين ممن سبقه : ( وإنما أخروه – التأريخ – من ربيع الأول إلى المحرم لأن ابتداء العزم على الهجرة كان في المحرم ؛ إذ البيعة وقعت في أثناء ذي الحجة ؛ وهي مقدمة الهجرة ، فكان أول هلال استهل بعد البيعة والعزم على الهجرة هلال المحرم ؛ فناسب أن يجعل مبتدأ ) .
ثم قال : ( وهذا أقوى ما وقفت عليه من مناسبة الابتداء بالمحرم ) .
جعل الله تعالى هذا العام الهجري الجديد عام منة على المستضعفين ، ودحر للمعتدين ، وإسعاف للمرضى والجرحى والمنكوبين ، وخلاص للاجئين ، وإسعاد للجائعين والظمآى والمعوزين ، وخلاص للأسرى والمسجونين ، وإنقاذ للحيارى والتائهين .