حدثني محمد بن بشار حدثنا ابن أبي عدي أنبأنا شعبة عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق قال
دخل حسان بن ثابت على عائشة فشبب وقال
حصان رزان ما تزن بريبة
وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
قالت لست كذاك قلت تدعين مثل هذا يدخل عليك وقد أنزل الله
والذي تولى كبره منهم
فقالت وأي عذاب أشد من العمى وقالت وقد كان يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قوله : ( فشبب )
بمعجمة وموحدتين الأولى ثقيلة أي تغزل , يقال شبب الشاعر بفلانة أي عرض بحبها وذكر حسنها , والمراد ترقيق الشعر بذكر النساء , وقد يطلق على إنشاد الشعر وإنشائه ولم يكن فيه غزل كما وقع في حديث أم معبد " فلما سمع حسان شعر الهاتف شبب يجاريه " أخذ في نظم جوابه .
قوله : ( حصان )
" حصان " من الحصين والتحصين يراد به الامتناع على الرجال ومن نظرهم إليها ,
وقوله : " رزان " من الرزانة يراد قلة الحركة
, " وتزن " بضم أوله ثم زاي ثم نون ثقيلة أي ترمى
, وقوله : " غرثى " بفتح المعجمة وسكون الراء ثم مثلثة أي خميصة البطن أي لا تغتاب أحدا , وهي استعارة فيها تلميح بقوله تعالى في المغتاب : ( أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا ) .
و " الغوافل " جمع غافلة وهي العفيفة الغافلة عن الشر , والمراد تبرئتها من اغتياب الناس بأكل لحومهم من الغيبة , ومناسبة تسمية " الغيبة " بأكل اللحم أن اللحم ستر على العظم , فكأن المغتاب يكشف ما على من اغتابه من ستر
ملحوظه
قوله : ( قالت : لكن أنت ) في رواية شعيب " قالت : لست كذاك " وزاد في آخره " وقالت : قد كان يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " من وجه آخر عن شعبة بلفظ " أنه كان ينافح أو يهاجي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "
ودل قول عائشة : " لكن أنت لست كذلك " على أن حسان كان ممن تكلم في ذلك ,
وهذه الزيادة الأخيرة تقدمت هناك من طريق عروة عن عائشة أتم من هذا , وتقدم هناك أيضا في أثناء حديث الإفك من طريق صالح بن كيسان عن الزهري " قال عروة : كانت عائشة تكره أن يسب عندها حسان وتقول : إنه الذي قال : فإن أبي ووالدتي وعرضي لعرض محمد منكم وقاء