حياكِ الله أخت ندى نحلاوي
وأشكرك على كلماتك الطيبة واسأل الله تعالى أن أكون كما تتوقعين وعند حسن ظنك والآخرين
بداية أحب أن أوضح موقفي من المرأة بصفة عامة وهو فهمي الإسلامي لذلك، وهي أنها متساوية مع الرجل في كل شيء في الحقوق الواجبات والتكاليف بجميع أنواعها إلا ما استناها الإسلام منه بحكم صفاتها الفطرية، أي الخلقية والبيولوجية التي ميزها الله تعالى بها وتختلف فيها عن الرجل ...
لذلك هي فيما يخص سؤالك مأمورة بالعلم والتعلم والبحث والتأمل والتفكر والتدبر بقدر استطاعتها ولا يمنعها من ذلك أي مانع شرعي أو اجتماعي أو أخلاقي لأن مجالات تحصيلها ذلك وخاصة في هذا العصر كثيرة جداً بفضل التقدم التكنولوجي والتقني الذي وفر وسائل كثيرة للعلم والتعلم ... كما أن واجباتها ودورها الذي يختص في التربية وتنشئة الأجيال الصالحة للمجتمع والوطن يفرض عليها أن تكون متعلمة وأن تهتم بتعميق وتوسعة مداركها العقلية والفكرية بما يعينها على حسن التربية وأداء وظيفتها ودورها الاجتماعي والأسري .. ويمكنها أن تجمع بين الخبرة العملية في التربية للأبناء وبين ما تكتسبه من ثقافة ومعارف في تطوير ذلك وذلك ما يفرض عليها أن تكون باحثة ومتخصصة .. ولا يعني ذلك أنها فقط يجب أن تختص في مجال التربية والتنشئة الاجتماعية فقط! لا، ولكن أيضاً مجالات الحياة التي تحتاج العنصر النسائي في المجتمع متعددة وهي أيضاً ميادين يمكن للمرأة أن تبدع فيها وتتخصص وتكون باحثة متميزة ..
أما إن كانت النساء مقلات أو مقصرات فذلك قد يكون صحيحاً مقارنة بعدد البُحاث من الرجال مثلاً ولكن ذلك قد يكون له أسبابه: سواء الفهم الخاطئ للإسلام وموقفه من المرأة في هذا الشأن، أو عائد إلى طبيعة المرأة نفسها من حيث الفطرة والخلق والاهتمامات، أو كما قلتِ إلى الإعلام وعدم إعطائه المرأة نفس القدر من الاهتمام بدورها ونشاطها إلا فيما يخدم مصالحه وتحقيقه أكبر قدر ممكن من الأرباح، وذلك لأن غالبية وسائل الإعلام تجارية واستثمارية ولا يهمها إلا الربح المادي وأقصر الطرق لذلك هو جذب المشاهدين لمتابعتها من خلال المرأة وحضورها ولكن ليس كل امرأة تصلح لذلك، ومن هنا تجدنا لا نعرف عن كثير من النساء يستحققن التقديم والاستماع لهن واحترام رأيهن لأنهن مغيبات .. كما أن وسائل الإعلام التي تعتبر نفسها جادة وتؤدي رسالة إعلامية وحريصة على مصلحة الأمة لها كتابها أو مفكريها وباحثيها ومحلليها الذين لا تتعامل مع غيرهم، أما وسائل الإعلام الحكومية التي يجب أن تملئ ذلك الفراغ فيما يخص المرأة فهي غالباً لا تقل في تقصيرها عن غيرها من الوسائل الأخرى ...
وفي الحقيقة نحن كأمة تحتاج في مرحلة استعادة نهضتها من جديد وأخذ دورها الرسالي والحضاري على صعيد العالم في حاجة ماسة في هذه المرحلة إلى أن تشارك المرأة شقيقها الرجل في تحمل أعباء المهمة على قدر استطاعتها وأن تكون باحثة ومتخصصة في مجالات عدة تعينها على أداء دورها وتساعد نساء الأمة على أن يقمن بدورهن أيضاً في التربية والتنشئة والدفاع عن قضايا الأمة جنباً إلى جنب مع الرجال، ولكن ليس على الطريقة الغربية أو دعوات البعض إلى تحرير المرأة ومساواتها بالرجل وهم قد يكونوا أول مَنْ يمتهن كرامة المرأة ويصادر حقوقها ولكنهم يتشدقون بذلك لأنهم فارغون ومقلدون ولا يستطيعوا التمييز بين ما يصلح لنا وما لا يصلح من القيم والأخلاق والسلوكيات والأفكار الغربية، ولا هم عادوا إلى تاريخهم ليعرفوا أن المرأة كان لها دور وفضل كبير في بناء الأمة وصناعة الواقع، ولا يريدوا أن يُعطوا الفرصة لغيرهم أن يوضح ذلك وسرعان ما يتهمونه باتهامات هي في الحقيقة إسقاطات نفسية وفكرية مرضية يعانون هم منها...
أما عن ما إذا استطاعت المرأة أن توفق بين عملها ومنزلها غالباً سأترك لك الإجابة وللأخوات الأخريات والقراء وأقول فقط: تـأملي معي واقع مجتمعاتنا الأخلاقية والاجتماعية والفكرية، وما أصابها من أمراض وجرائم مختلفة وغير ذلك فالواقع أكبر شاهد إن كانت المرأة نجحت في التوفيق بين عملها ومنزلها أم لا؟ ولا يعني ذلك أنه لا يوجد استثناء وهناك مَنْ نجحن في ذلك ولكنهم لسنا القاعدة.. أما عن السبب أو الأسباب فهي كثير، وأنتن أدرى بها منا وباختصار لأن الله سبحانه وتعالى خلق المرأة بتكوينها البيولوجي الذي هي عليه لأن تكون أماً لا أباً، لأن تكون هي المجتمع كله لا نصفه، من خلال قيامها بدورها المناط بها من الله تعالى، أي تكون سيدة بيتها ويكون الرجل هو الذي يكد ويكدح لتوفير احتياجات المنزل وهي معزز مكرمة، وتهتم بأبنائها وحسن تربيتهم وتلقينهم وتعليمهم ومتابعتهم في كل شيء ... لا أن تعمل مثل الرجل وتعود إلى منزلها منهكة ومتعبة ومرهقة لتقوم بأعباء المنزل وغير ذلك ولا تجد وقت أو فرصة لا للراحة ولا للتربية، وقد يقول البعض هناك تناقض بين ما ذكرته في البداية عن أن هناك مجالات عمل وتخصص للمرأة يحتاجها المجتمع وذلك حق وصحيح ولكن كي تتمكن المرأة من التوفيق بين عملها وبيتها في الدول التي تحترم نفسها أو في ما أطرحه عن رؤيتي أنه يجب أن يكون ذلك من خلال خطة للدولة تأخذ في الاعتبار التكوين الفيسيولوجي للمرأة تمكنها من النجاح في ذلك، وتنظم مراحل عملها وأوقاته وغير ذلك وليس بالوضع الذي عليه حال الأمة اليوم .. كما أن حثي للمرأة على الدراسة والتعلم والبحث والتخصص ليس بالضرورة أن تتفرغ لذلك بعد تخرجها من الجامعة التي يجب أن تكون أقل مؤهلاتها جامعية إن استطاعت، وبعدها ممكن أن تنمي ثقافتها ومعارفها وتتخصص وتبحث من بيتها والحمد لله وسائل العلم والتعلم والتواصل في هذا اعصر كثيرة جداً وسهلة ...
أرجو أن أكون وفقت في الإجابة على أسئلتك أختي الكريمة وإن قصرت يمكن أن نستكمل ذلك من خلال مزيد من الحوار
حياكِ الله