أ.مصطفى صدقي
المقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد
تعتبر المقابلة في عصرنا الحالي من الأدوات المهمة في البحث العلمي. وظهرت كأسلوب هام في ميادين عديدة مثل الخدمة الاجتماعية والطب والصحافة والمحاماة وإدارة الأعمال وبرزت كأداة بحث رئيسة في مجال التشخيص والعلاج النفسي كما أنها تعتبر من الأساليب شائعة الاستعمال في البحوث الميدانية لأنها تحقق أكثر من غرض في نفس الباحث. . .
ورغم أن العديد من الباحثين يعتقدون بسهولة المقابلة إلا إنها على عكس ذلك لأنها "تحتاج إلى تحضير وتخطيط مسبق وحذر كبير في دقة اختيار المصطلحات والكلمات، وتصميم الاستبيان حتى تفي بالغرض الذي قامت من أجله" (المغربي 126)
ولا بد من التنويه إلى أن المقابلة كأداة من أدوات البحث العلمي ليست مجرد مقابلة عرضية تتم بصورة عفوية، بل هي علمية في منهجها وأدائها بكل ما تحمل الكلمة من معنى، سواء على مستوى الإعداد والتخطيط أو على مستوى التنفيذ والتقويم.
وهذا ما سنسعى للتأكيد عليه من خلال هذا البحث وهو يتناول أداة المقابلة بكل تفصيلاتها ومفرداتها.
تعريف المقابلة
المقابلة في اللغة: المواجهة، والتقابل (إبن منظور)
أما في اصطلاح التربويين فهي:
1- علاقة دينامية وتبادل لفظي بين شخصين أو أكثر. (ملحم 1005)
2- المقابلة محادثة موجهة بين الباحث والشخص أو أشخاص آخرين بهدف الوصول إلى حقيقة أو موقف معين، يسعى الباحث للتعرف عليه من أجل تحقيق أهداف الدراسة. (دويدري 2000)
3- وسيلة شفوية، (مباشرة أو هاتفية أو تقنية لجمع البيانات، يتم خلالها سؤال فرد أو خبير عن معلومات لا تتوفر عادة في الكتب أو المصادر الأخرى. غنيم (2001)
من هذه التعريفات وغيرها نستنتج أن المقابلة هي: لقاء بين شخصين فأكثر لتحقيق هدف ما، من خلال طرح الأسئلة الهادفة من قبل المقابل على شخص تجري معه المقابلة، والتي يصاحبها عدة الكثير من الانفعالات الناجمة عن سؤال ورد فعل على هذا السؤال، وكل هذه العملية تهدف إلى جمع أكبر قدر من المعلومات والبيانات المقصودة من الباحث ليستفيد منها في تحقيق هدفه من المقابلة..
أهمية المقابلة
تعتبر المقابلة من أهم طرق جمع المعلومات والبيانات وأكثرها صدقاً، حيث يستطيع الباحث التعرف على مشاعر وانفعالات المقابل، وكذلك اتجاهاته وميوله، وهذا مالا يستطيع الوصول إليه إلا من خلال المقابلة.
كما تبرز أهمية المقابلة كما جاء في ملحم 2005 فيما يأتي:
- تعتبر عملية تتيح الفرصة للمستجيب للتعبير الحر عن الآراء والأفكار والمعلومات.
- تتحول من أداة إتصال ووسيلة التقاء إلى تجربة عملية، خاصة ما يتعلق منها بميدان الإرشاد بين الأخصائيين النفسيين والآباء بحيث تتيح للآباء أن يتعلموا شيئاً عن أنفسهم واتجاهاتهم وعن العالم الذي يعيشون فيه وبالتالي تتكون لديهم أساليب جديدة في التفكير والعادات السلوكية المرغوبة وبذلك تكون المقابلة ميداناً ومجالاً للتعبير عن المشاعر والانفعالات والاتجاهات.
- تعتبر المقابلة مصدراً كبيراً للبيانات والمعلومات فضلاً عن كونها أداة للتعبير والتوعية والتفاعل الديناميكي.
- تختلف أهداف المقابلة باختلاف الغاية التي تستهدف المقابلة إلى تحقيقها في نهاية المطاف، ويتضح ذلك من الأنواع المختلفة للمقابلة فلكل نوع هدفه وغرضه المحدد وغايات يحاول المقابلون الوصول إليه.
أهداف المقابلة
تختلف أهداف المقابلة وتتنوع، وكذلك تتعدد وظائفها وتتشعب لتكون منها الأهداف والوظائف التشخيصية والعلاجية وغيرهما.
فمن المقابلات ما يهدف إلى زيادة تبصير الباحث بالمشكلة التي يتصدى لدراستها، حيث تعرفه على جوانب جديدة لبحثه أو تعرفه على الفروض والاستجابات البديلة لعناصر البحث، بغض النظر عن نوعية البحوث المرادة.
ويذكر حسين (1995) هدفاً آخر للمقابلة وهو: "اتاحة الفرصة أمام المقابل بتشكيل الجو الاجتماعي الذي يسمح بمعالجة بعض الضغوط الاجتماعية لدى المبحوث مما يسهل إمكانية الحصول على معلومات صريحة منه.
ويرى شوق (1995) أن أهدافا تتحقق بالمقابلة لا يمكن أن تتحقق بأساليب أخرى غيرها منها:
1- أن يكون المقابل طفلا لا يسنطيع التعبير عن نفسه عن طريق الكتابة.
2- أن يكون المقابل أمياً لا يستطيع القراءة أو الكتابة.
3- أن نستخدم في دراسة الحالة أو لحل مشكلة خاصة فردية أو جماعية.
4- أن تستخدم المقابلة لاستكمال المعلومات التي تم الحصول عليها باستخدام طرق وأساليب أخرى.
ومن الجدير بالذكر أن المقابلة لا يقتصر استخدامها في البحوث العلمية بل يمكن استخدامها بنجاعة في التدريس، حيث يذكر هندي وعليان (1983)، أن المعلم يلجأ إلى المقابلة في التدريس لتحقيق الأهداف الآتية:
1- التوسع في جمع معلومات وبيانات عن التلميذ.
2- مساعدة التلميذ إذا كان لديه مشكلة خاصة، أو لإظهار خطأ وقع فيه.
3- توثيق الصلة بين المعلم والتلميذ.
وسيتم تفصيل الحديث عن أهداف المقابلة المتعددة والمتنوعة من خلال الحديث عن أنواع المقابلة مع أنه من الواضح أن الهدف الأساس من المقابلة هو جمع أكبر قدر من المعلومات ثم إن لكل نوع من أنواع المقابلة هدف خاص به.
خصائص المقابلة
للمقابلة عدد من الخصائص تتمثل في الآتي:
- أنها تبادل لفظي منظم بين شخصين هما الباحث والمبحوث بحيث يلاحظ الباحث فيها ما يطرأ على المبحوث من تغيرات وانفعالات.
- تتم المقابلة بين شخصين هما القائم بالمقابلة والمبحوث في موقف واحد.
- يكون للمقابلة هدف واضح ومحدد وموجه نحو غرض معين.
أنواع المقابلة
تنوعت تقسيمات وتصنيغات التربويين للمقابلة، وربما يعود السبب في هذا التنوع والتعدد إلى تنوع الأهداف والغايات من إجرائها فالمقابلات تختلف في أغراضها وطبيعتها ومداها. وفيما يلي نرد تقسيمات أنواع المقابلات كما جاءت عند ملحم (2005):
أولاً: من حيث عدد العملاء أو المقابلين المستجيبين:
يمكن تقسيم المقابلة إلى نوعين رئيسين هما:
(أ) المقابلة الفردية: التي تتم بين الباحث والمفحوص (المستجيب) وتعتبر أكثر الأنواع شيوعاً لأنها تتم بين المقابِل والمستجيب.
(ب) المقابلة الجمعية : وتتم بين الباحث وعدد من الأفراد في مكان واحد ووقت واحد من أجل الحصول على معلومات أوفر في أقصر وقت وأقل جهد وغالباً يستخدم هذا النوع من المقابلات لإعطاء المعلومات أكثر مما يستخدم لجمعها.
ثانياً : وفقاً لنوع الأسئلة التي تطرح فيها ودرجة الحرية التي تعطى للمستجيب في إجاباته: يمكن تقسيم المقابلة إلى ثلاث أنواع:
(أ) المقابلة المقفلة المغلقة Structured: وهي المقابلة التي تطرح فيها أسئلة تتطلب إجابات دقيقة ومحددة، ولا تفسح مجال للشرح المطول، وإنما يطرح السؤال وتسجل الإجابة التي يقررها المستجيب.
(ب) المقابلة المفتوحة: Unstructured: وهي المقابلة التي يقوم فيها الباحث بطرح أسئلة غير محددة الإجابة، وفيها يعطي المستجيب الحرية في أن يتكلم دون محددات للزمن أو للأسلوب وهذه عرضة للتحيز وتستدعي كلاماً ليس ذا صلة بالموضوع.
(ت) المقابلة المقفلة المفتوحة: وهي التي تكون الأسئلة فيها مزيجاً من النوعين السابقين (مقفلة ومفتوحة). وفيها تعطي الحرية للمقابل بطرح السؤال بصيغة أخرى والطلب من المستجيب لمزيد من التوضيح.
ثالثاً: من حيث غرض المقابلة في الميدان الإكلينيكي:
يمكن تقسيم المقابلة من حيث غرض المقابلة في الميدان الإكلينيكي إلى ستة أنواع رئيسية هي:
(أ) مقابلة الإلتحاق بالعلاج أو المؤسسة.
(ب) مقابلة الفرز والتشخيص المبدئي.
(ت) مقابلة البحث الاجتماعي والشخصي للحالة.
(ث) مقابلة ما قبل وما بعد الاختبارات النفسية.
(ج) المقابلة الممهدة للعلاج النفسي.
(ح) المقابلة مع أقرباء المريض وأصدقائه.
رابعاً من حيث الغرض من المقابلة في ميدان التفاعلات الاجتماعية السوية:
(أ) المقابلة الاستطلاعية (المسحية): يستعمل هذا النوع من المقابلات للحصول على معلومات من أشخاص يعتبرون حجة في حقولهم أو ممثلين لمجموعاتهم والتي يرغب الباحث الحصول على بيانات بشأنهم.
(ب) المقابلة التشخيصية: وتستعمل لتفهم مشكلة ما وأسباب نشوئها، وأبعادها الحالية، ومدى خطورتها على العميل تمهيداً لتحديد الأسباب ووضع خطة للعلاج.
(ت) المقابلة العلاجية: وهذا النوع يهدف بشكل رئيسي إلى القضاء على أسباب المشكلة والعمل على جعل الشخص الذي تجري معه المقابلة يشعر بالاستقرار النفسي.
(ث) المقابلة الاستشارية: يستعمل هذا النوع من المقابلات لتمكين الشخص الذي تجري معه المقابلة وبمشاركة الباحث على تفهم مشاكله الشخصية والمتعلقة بالعمل بشكل أقضل والعمل على حل تلك المشاكل.
خامساً: من حيث طبيعة الأسئلة: يمكن تقسيم المقابلة إلى ما يلي:
(أ) المقابلة الحرة: التي تطرح فيها أسئلة غير محددة الإجابة.
(ب) المقابلة المقننة: وهي المقابلة التي تطرح فيها أسئلة تتطلب إجابات دقيقة ومحددة.
(ت) المقابلة غير المقننة: ويتصف هذا النوع من المقابلات بالمرونة والحرية بحيث تتيح للمفحوص التعبير عن نفسه بصورة تلقائية.
(ث) المقابلة البؤرية: حيث تكون الوظيفة الأساسية للباحث هو تركيز الاهتمام على خبرة معينة صادفها الفرد وعلى آثار هذه الخبرة.
(ج) المقابلة غير الموجهة: حيث يكون المفحوص أكثر حرية في التعبير عن مشاعره ودوافع سلوكه بدون توجيه معين من الباحث.
سادساً: حسب طول المقابلة ومداها: تقسم إلى
(أ) المقابلة القصيرة.
(ب) المقابلة الطويلة.
(ت) المقابلة لمرة واحدة.
(ث) المقابلة المتكررة.
شروط يجب أن تتوفر في المقابلة
هناكك عدة شروط يجب أن تتوفر في المقابلة الناجحة منها:
1- أن تحدد أهداف المقابلة، وأن تكون واضحة ومفهومة.
2- أن يقوم شخص ماهر ومدرب بالمقابلة.
3- أن يعد من يقوم بالمقابلة قائمة الأسئلة.
4- أن لا يُشعر من يقوم بالمقابلة الطرف الآخر بأنه سيقوم بإعطاء إجابة معينة أو تحيزاً.
5- يفضل أن يكتب من يقوم بالمقابلة ملاحظاته عنها أثناء إجرائها.
6- أن يكتب من يقوم بالمقابلة تقريراً مفصلا عن المقابلة فور انتهائها.
7- أن يقوم المقابل بإعلام المستجيب بطبيعة المشروع ويشجعه على التعاون معه.
8- أن يكون صريحاً مع المستجيب بحيث لا يخفي عنه الحقيقة.
9- مراعاة المقاييس العلمية عند اختيار الأشخاص.
10- طلب الإذن بتسجيل المقابلة، إذا كانت على شريط مسجل.
واجبات المقابل
ذكر الحسن (1994) أن هناك مهاماً وواجبات يجب أن يقوم بها المقابل وهي:
1- التفتيش عن المبحوثين: حيث ينبغي على الباحث التفتيش عن المبحوثين الذين يشكلون وحدات عينية للمقابلة أو العشوائية، والتفتيش عن وحدات العينة العشوائية أصعب بكثير من التفتيش عن وحدات العينة المقننة، حيث يجب على الباحث التقيد بأسماء العينة العشوائية والذهاب إلى عنوانهم مهما كانت متباعدة.
2- تحقيق المقابلة مع المبحوثين: حيث يشجع الباحث المبحوثين على إجراء المقابلة والإجابة على الأسئلة التي وجهها، ويجب عليه أن يوفر جو المقابلة الإيجابي، ويجب أن تكون الأسئلة الاستبيانية قليلة وواضحة ومركزة.
3- طرح الأسئلة الاستبيانية: ثم يبدأ بعد ذلك بطرح الأسئلة على المبحوث.
4- تسجيل الإجابات: يقوم الباحث بتدوين الإجابات التي يتسلمها من المبحوث بنفسه ولا شك أن تدوين الإجابة على الأسئلة المفتوحة أصعب من تدوين إجابات الأسئلة المغلقة.
ويرى العكش (1995) أن نوعية المقابلة تعتمد بدرجة كبيرة على تصميم البحث، فإذا كان التصميم جيداً، فإن عملية جمع المعلومات تصبح أكثر سهولة وفائدة في تحقيق أهداف البحث،،، لذا فإن على الباحث أخذ الترتيبات اللازمة لجعل المقابلة ناجحة.
وقد تساءل فان دالين (1979) حول هذا الموضوه فقال:
"هل استخدم المقابل استمارة أو بطاقة مقننة أو نظاماً يمكنه من تسجيل الملاحظات بسرعة ودقة. هل سجل بوضوح نفس الكلمات المستقى وقت صدورها أو بعد المقابلة مباشرة أو هل فكر في استخدام جهاز للتسجيل مما يجعله متفرغاً أثناء المقابلة للتحقق من الاستجابات.
صفات المقابل
إضافة إلى ما سبق الحديث عنه من ضرورة توفر صفات وشروط للحصول على مقابلة ناجحة، لا بد أيضاً أن يتصف المقابل بصفات شخصية واجتماعية وفنية تجعل مقابلته فاعلة وحيوية وتشعر المستجيب بالمودة والاطمئنان.
ويمكن أن نجمل هذه الصفات فيما يلي:
1- الصدق والأمانة في طرح الأسئلة وتسجيل المعلومات والحقائق. فالصدق والأمانة تعتبر من أهم صفات المقابل، فلا يغير فحوى الأسئلة ولا يضلل المبحوث ولا يدخل أهواءه ونزعاته وميوله واتجاهاته في المعلومات والحقائق.
2- اهتمام المقابل في البحث: فيجب على الباحث أن يهتم بالبحث ويظهر اهتمامه وتشوقه للموضوع كما يجب أن يحترم المبحوثين، وأن يكون صبوراً في معرفة الحقائق.
3- الدقة في طرح الأسئلة وتسجيل المعلومات.
4- التكيف لجميع المناسبات والأشخاص والظروف المحيطة بالمبحوثين.
5- أن يتمتع بشخصية ومزاج جيدة.
6- الذكاء والثقافة.
أسئلة المقابلة
يجب أن تتوفر في أسئلة المقابلة شروطاًمعينة، من شأنها تسهيل إجراء المقابلة وخلق جو إيجابي بين المقابل والمستجيب. ومن هذه الشروط:
1- يجب أن تكون الأسئلة واصحة وغير غامضة ومكتوبة بلغة تؤدي إلى اتصال فعال بين المستجوب والمستجيب.
2- إذا كانت بعض الأسئلة تحتاج إلى معرفة مسبقة فيجب التأكد من معرفة المستجيب لها أو تفسيرهاله.
3- يجب أن تكون أسئلة البحث متعلقة بمشكلة البحث وأهدافه وبشكل يتيح الحصول على أكبر كمية من المعلومات.
4- الأسئلة التي قد يتردد المستجيب في الإجابة عنها وخاصة المتعلقة بالنواحي الشخصية، يفضل سؤاله عنها في نهاية المقابلة.
5- عدم وضع أسئلة تؤدي إلى إجابات معروفة مثل الأسئلة الخاصة بالتمييز العنصري.
6- توجيه الأسئلة والحصول على الإجابات المطلوبة ومحاولة تقنينها.
7- التدرج في طرح الأسئلة بشكل يزيد من الألفة والودية بين الباحث والمبحوث.
8- الإكثار من عبارات الثناء والشكر، وتشجيع المستجيب على اتمام إجابته.
9- عدم توجيه أكثر من سؤال واحد في نفس الوقت لإتاحة الفرصة للمستجيب للتفكير والتمعن بالإجابة.
مزايا وعيوب المقابلة
من خلال افرازات الواقع التجريبي في مجال البحث العلمي تبين أن المقابلة أداة هامة وناجحة من أدوات البحث العلمي، وقد تكون في بعض الأحيان هي الأفضل والأنسب والأنجح ولا يسد مسدها أو يعطي نتائجها أي أداة أخرى، حيث يكون المفحوصون مثلاً من الأطفال أو من كبار السن أو من المصابين والعجزة أو الأميين وغير ذلك من الحالات الخاصة، وهي بذلك تتمتع بمزايا وخصائص متميزة لا ينكرها من اطلع على أبجديات البحث العلمي.
ولكن مع كل هذا فإن المقابلة لا تخلو من السلبيات والعيوب والتي تشكّل بدورها عوائق واشكاليات امام الباحث فتؤثر على أدائه وجهده، وعلى نتائج البيانات وجمع المعلومات التي يتوصل إليها الباحث.
مزايا المقابلة:
1- يمكن استخدامها في الحالات التي يصعب فيها استخدام الاستبانة كأن تكون العينة من الأميين أو من صغار السن.
2- توفر عمقاً في الإجابة لإمكانية توضيح اعادة طرح الأسئلة وحتى يتسنى ذلك فهي بحاجة إلى مقابل مدرب.
3- تستدعي معلومات من المستجيب من الصعب الحصول عليها بأي طريقة أخرى لأن الناس بشكل عام يحبون الكلام أكثر من الكتابة.
4- توفر إمكانية الحصول على اجابات من معظم من تتم مقابلتهم 95% وربما يزيد إذا ما قورنت بالاستبانة 40% تقريبا بدون متابعة.
5- توفر مؤشرات غير لفظية تعزز الاستجابات وتوضح المشاعر كنغمة الصوت وملامح الوجه وحركة العينين والرأس.
6- المرونة وقلبلية شرح وتوضيح الأسئلة للمستجوب في حالة صعوبتها أو عدم فهمه لها.
7- وسيلة مناسبة لجمع المعلومات عن القضايا الشخصية والانفعالية والنفسية الخاصة بالمبحوث، وهي أمور من الصعب جمعها بطرق أخرى كالوثائق والاستبانات.
8- مراقبة السلوك حيث يستطيع الباحث مراقبة سلوك وردود أفعال المستجيب وتخمين أقواله ومدى تعبيرها حقيقة عن الذات.
9- التحكم بالبيئة المحيطة بالمقابلة من حيث الهدوء والسرية والظروف الأخرى.
10- تسلسل الأسئلة حيث يضمن الباحث اجابة المستجيب بتسلسل منطقي دون القفز من سؤال إلى آخر ذلك أن الباحث يتحكم في طرح الأسئلة.
11- التلقائية : وتعني قدرة الباحث على تسجيل الإجابة والعفوية للمستجيب.
12- توقيت المقابلة: حيث يستطيع الباحث تسجيل زمان ومكان اجراء المقابلة.
عيوب المقابلة:
ومع كل المزايا التي يمكن أن تتحقق لك كباحث باستخدامك وسيلة المقابلة، فإن لهذه الوسيلة عيوب من أهمها:
1- أن نجاحها يعتمد إلى حد كبير على رغبة المستجيب في التعاون وإعطاء، معلومات موثوقة ودقيقة.
2- أنه يصعب مقابلة عدد كبير نسبيا من الأفراد لأن مقابلة الفرد الواحد تستغرق وقتاً طويلا من الباحث.
3- أنها تتأثر بحرص المستجيب على نفسه، وبرغبته بأن يظهر بمظهر إيجابي وبتردده في إعطاء، معلومات بمعزل عن نفسه وبدواغعه أن أن يستعدي أو يرضي الشخص الذي يجري المقابلة.
4- تتطلب مقابلين مدربين على إجرائها فإذا لم يكن المقابل ماهراً مدرباً لا يستطيع خلق الجو الملائم للمقابلة، فقد يزيف المستجيب إجابته وقد يتحيز المقابل من حيث لا يدري بشكل يؤدي إلى تحريف الإجابة.
5- صعوبة التقدير الكمي للاستجابات أو إخضاعها إلى تحليلات كمية خاصة فيما يتعلق بالمقابلة المفتوحة.
6- صعوبة تسجيل الإجابات أو في تجهيز أدوات التسجيل في مكان المقابلة الذي يحدده المستجيب على الأغلب.
الخلاصة
المقابلة محادثة جادة بين شخصين أو أكثر، يهدف منها الوصول إلى حقائق ومعلومات معينة في مجال ما، والذي يقوم بها الباحث أو المقابل، أما الذي يطلب منه الإجابة على الأسئلة فهو المقابل أو المستجيب أو المبحوث.
وتعتبر المقابلة أحد أهم الطرق التي تستخدم من أجل الحصول على أكبر قدر من المعلومات إضافة أنها تطلع الباحث على مشاعر وانفعالات وتوجيهات المستجيب، وهذا قد لا يتحقق في غيرها من أدوات البحث.
وتتيح المقابلة جواً اجتماعياً ودياً بين كل من الباحث والمبحوث، مما يساعد على التعرف على بعض الجوانب الشخصية في حياة المبحوث.
أما عن أنواع المقابلة فهي كثيرة ومتعددة وصنفت حسب طبيعتها وأهدافها وكيفية إجرائها وغيره إلى مقابلات مفتوحة ومغلقة، ومفتوحة مغلقة وكذلك إلى مقابلات مقننة وأخرى غير مقننة وكل من هذين النوعين ينقسم إلى أنواع أخرى، وقد تكون المقابلة مركزة أو إكلينيكية أو غير موجهة أو مسحية أو تشخيصية أو علاجية أو إرشادية ... ألخ.
وحتى تؤدي المقابلة ثمارها لا بد أن يتصف المقابل بصفات كثيرة كالصدق والأمانة والاهتمام والدقة والقدرة على التكيف، كما أن عليه القيام بواجبات كثيرة كالتفتيش عن المبحوثين، وتحقيق المقابلة معهم وطرح الأسئلة الإكلينيكية وتسجيل هذه الإجابات.
كذلك يجب أن تتوفر شروطاً في المقابلة كتحديد أهدافها وكتابة الأسئلة بسهولة ويسر ووضوح منطقي، وتجنب ما قد يثير المستجيب أو يربكه.
وأخير نقول أن كل عمل فيه المحاسن والمساوئ، ولا بد من الدراسة المتبصرة والتخطيط الجيد للوصول إلى النتائج المطلوبة وتجنب المساوئ غير المرغوبة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
خولة مصلح
المراجع
- بو حوش، عمار والكات محمد محمود، مناهج البحث العلمي، مكتبة المنار. (1989) الزرقاء – الأردن الطبعة الأولى.
- الحسن ، إحسان محمد، الأسس العلمية لمنهاج البحث الاجتماعي، دار الطليعة؟ 1994. بيروت- لبنان، الطبعة الثالثة.
- حسين سمير محمد، بحوث الإعلام، عالم الكتب، (1995)، القاهرة – مصر، الطبعة الثانية.
- دويدري رجاء وحيد. البحث العلمي أساسياته النظرية وممارسته العلمية. دار الفكر المعاصر. 2000 بيروت لبنان.
- الرفاعي، أحمد حسين، مناهج البحث العلمي، دار وائل للنشر. (1998. عمان- الأردن، الطبعة الأولى.
- سعادة جودت، وإبراهيم عبد الله المنهج المدرسي في القرن العشرين، مكتبة الفلاح. 1979. بيروت – لبنان، الطبعة الثالثة.
- شوق، محمود أحمد، أساسيات المنهج الدراسي ومهماته، دار عالم الكتب. 1995. الرياض السعودية.
- العكش، فوزي عبد الله، البحث العلمي – المناهج والإجراءات، المطابع التعاونية. 1995. عمان – الأردن، الطبعة الأولى.
- فاندلين، ديوبوك، مناهج البحث في التربية وعلم النفس، ترجمة د. نبيل نوف\ وآخرون، مكتبة الأنجلو، القاهرة مصر. 1979.
- المغربي ، كامل محمد. أساليب البحث العلمي في العلوم الإنسانية والاجتماعية. الدار العلمية الدولية للنشر والتوزيع ودار الثقافة للنشر والتوزيع – عمان الأردن. 2002
- ملحم ، سامي محمد. مناهج البحث في التربية وعلم النفس. دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة الطبعة الثالثة. 2005
- هندي صالح ذياب، وعليان، هشام عامر، دراسات في المناهج والأساليب، دار الفكر. 1983. عمان- الأردن الطبعة الأولى.