من يوميات طفل مشاغب !
قصة : حسن حجازى
مهداة لشهدائنا فى يونيو 1967م
(1 )
أذكر من حوالى أربعين عاماً أخذنى والدى معه على المقهى المطل على النيل وأجلسنى جواره , سمعت أحد الجالسين جوارنا يهمس لصاحبه وينظر حواليه مخافة أن يسمعه أحد :
- هل علمت أن كيلو الأرز أرتفع من قرشين إلى ثلاثة قروش؟
فرد عليه رفيقه :
- أبتعد عن الأرز والكلام عنه ! بالأمس القريب هنا فى نفس مكانك قال أحدهم أن كيلو الأرز أرتفع سعره من قرشين إلى ثلاثة !
- وما فى ذلك ...هو الكلام عن الأرز مُحرم ؟!
- لا الكلام أننا بدل الأرز سنصنع المحشى ( الملفوف ) بالإشتراكية ....هو الذى حرام !
نظر حوله بحذر وسأل :
- أين الأستاذ.....؟
رد صاحبى بصوت لا يكاد يُسمع :
- لم ينم فى بيته .. فقد زاره بالأمس زوار الفجر وأخذوه إلى ما وراء الشمس.. بتهمة سب الذات العليا ..ربة الصون والعفاف .. بسبب تهكمه على الإشتراكية !
أخذ الأب أبنه الصغير من يده وعاد به للمنزل ولم يدرك بأن ابنهُ سيأتى عليه يوم ٌ يكتب هذه الحادثة وينشرها فى حرية .. دون خوف من زوار الفجر !
علمت فيما بعد أنه قد تم الإفراج عن الأستاذ الذى تجرأ بخدش حياء ست الحسن والجمال المعصومة من الزلل .. الإشتراكية , بعد إغلاق المعتقلات وحرق المواد المسجلة وفتح الباب للحريات أوائل السبعينيات , ومعه آلاف من المعتقلين.... ..لكن السؤال هنا :
- هل كنا نستطيع منع إسرائيل عن احتلال سيناء وباقى الأرض العربية الحبيبة ..ومنع نكسة يونيو.... ونحن نلقى بزهرة شبابنا فى غياهب السجون لأنهم قالوا بدل الأرز سنصنع المحشى (الملفوف ) بالإشتراكية ؟!
أعتقد أننا هُزمنا من الداخل قبل ان تهزمنا إسرائيل !
وأن الشعوب إذا أحست بالظلم ورزحت تحت سياط القهر لا يهمها أن تعرف معنى الإنتصار !