مشعل وعباس، إنهما زعيمان!
د. فايز أبو شمالة
الزعيملا يفرض نفسه على الشعب بفصاحة اللسان، ولا يصير زعيماً بقوة الشخصية والجبروت،ولا ببسطة الجسد والتجبر، ولا حتى بالثقة الزائدة في النفس أو التكبر، والزعيم لا يرتقإلى الزعامة بالدعاية والمال، إنما الزعيم يفرض نفسه من خلال مواقفه المبدئية التيتحاكي الوجدان، فالزعيم رجل لا تلين له عريكة، ولا يهرب في الملمات، ولا يهزم فيالشدائد، الزعيم هو قائد ميداني سمت روحه، وتطورت قدرته حتى توّجه الناس زعيماً.
علىأرض فلسطين زعيمان يتوجب المقارنة بين مواقفها، زعيم للمقاومة الفلسطينية اسمهخالد مشعل، وزعيم للمفاوضات اسمه محمود عباس، الأول يعبر عن الطموح الفلسطيني، ويناجيالحلم الذي لا يفارق الروح، والثاني يعبر عن وجهة نظرة السياسية في حل القضيةالفلسطينية، ويرى نفسه واقعياً.
قبلأيام وقف الشعب التونسي على ساق واحدة حباً لفلسطين، وظل مشدوداً باهتمام بالغ لمايقوله خالد مشعل ممثل فلسطين في مؤتمر حزب النهضة، وقد تكلم الرجل مبهوراً من هذاالحضور الطاغي لفلسطين في قلوب التونسيين، تكلم مندهشاً من الدموع الحنونة التيسالت على خد الشعب التونسي، فتكلم خالد مشعل بلسان كل فلسطيني وعربي أخلص الولاءوالانتماء لفلسطين العربية، فقال ما يلي:
أخطأنافي حركة حماس، وأصبنا، ولكننا تعلمنا من أخطائنا، واهتدينا بما أصبنا فيه.
لانطلب منكم أيها القادة الجدد في هذه المرحلة غير بناء أنفسكم، رمموا ما هتكتهسنوات الطغاة، لن تكون فلسطين عبئاً عليك، ولنا بعد ذلك حديث ولقاء.
فوزالأغلبية في الساحة العربية يجب ألا يستثني الأقلية، فحجم الفساد الذي خلفتهالأنظمة المتهاوية، يستوجب مشاركة الجميع في إعادة بناء الوطن
المصالحةالفلسطينية أمر ضروري، ولكن لا مصالحة فلسطينية في ظل التنسيق الأمني، ولا مصالحةمع استمرار الاعتقال السياسي في الضفة الغربية.
أطمئنكعلى المقاومة الفلسطينية، وستسمعون في السنوات القادمة ما يشرح صدوركم، بل ستسمعونفي الأشهر القادمة ما سيدخل الفرح إلى قلوب العرب والمسلمين.
إسرائيلإلى زوال، ولم نقدم الشهداء على مدى مئة عام، بدءا ًمن الشهداء القسام وعبد القادرالحسيني وأبو عمار وأبو جهاد والشيخ أحمد ياسين والشقاقي. لم نقدمهم من أجل دويلةهزيلة بلا سيادة على بعض الأرض الفلسطينية.
المقاومة،ثم المقاومة، ثم المقاومة، هي خيارنا الرئيسي لمواجهة عدونا، ولا شيء غير القوةيرعب عدونا، وفلسطين كل فلسطين هي مطلبنا، ولا وجود لدولة اسمها"إسرائيل" فوق أرض فلسطين الممتدة من النهر إلى البحر.
أوصيكميا قادة تونس الجدد، يا غنوشي، ويا مرزوقي، ويا جبالي، ويا غيرهم، أوصيكم بالحديثفي المؤتمرات العربية، وفي أوساط جامعة الدول العربية عن حق العرب في مقاومة العدوالإسرائيلي، وعن عجز مشروع المفاوضات بعد واحد وعشرين عاماً، قولوا للعرب إن إسرائيلقامت بقوة السلاح، ولن تزول إلا بقوة السلاح، تحدثوا عن القوة.
انتهىكلام خالد مشعل، بعد أن أجج شعلة المقاومة في قلوب التونسيين، ولكن لا تنسوا أنلفلسطين زعيماً آخر، ففي مقابل المقاومة التي اختارها خالد مشعل، يصر السيد محمودعباس على أن المفاوضات، ثم المفاوضات، ثم المفاوضات هي خياره الوحيد، وإنه لن يسمحلأي فلسطيني بأن يلقي حجراً على مستوطن.
وفيمقابل الدعوة التي وجهها خالد مشعل إلى الأمة العربية لتتبنى إستراتيجية المقاومةحتى زوال إسرائيل من الوجود، يدعو السيد عباس الدول العربية بأن تتبنى إستراتيجية الدعمالمالي للسلطة، كي تتمكن من صرف رواتب الموظفين.
لاتنسوا أن كلا الرجلين زعيم فلسطيني!