هوايتي هي اللعب


لا اعتقد أن هناك إنساناً في هذا العالم ليست له «هواية» ما ـ أيا كانت هذه الهواية وإن شاء الله حتى لو كانت (النوم) ـ، وأسعد الناس حظاً من كانت هوايته هي مهنته، فالإنسان يبدع أكثر، ويتألق أكثر، وينجح أكثر، إذا أحب وشغف بما يعمل.

ومن النادر أن يبدع ويتألق وينجح من كان (الكرباج) يلهب ظهره ويرغمه على تنفيذ عمل هو لا يحبه ولا يطيقه، اللهم إلاّ إذا كان ذلك الشخص هوايته (العبودية)، ومنتهى أمله أن يكون ويظل عبداً يباع ويشترى.

والهوايات في هذا العالم (أكثر من الهم على القلب)، وهي تتفاوت في جدها وهزلها، وتتأرجح من حل أعقد النظريات العلمية، إلى أتفه ضروب (الصرمحه).

وإليكم فقط على سبيل المثال بعض الهوايات التي لا تخطر على البال، مثل هواية ذلك الحلاق الإيطالي، الذي عشق الحلاقة إلى درجة (الشذوذ)، وبسبب عشقه المفرط ذاك أغلق صالونه، وأخذ يطارد النساء ويتصيدهن في الأماكن الخالية أو المظلمة ثم يهددهن بمسدسه ويقيدهن ثم يحلق رؤوسهن على (الزيرو) ـ أي بلهجتنا الحجازية (زلبطة) ـ ويتركهن دون أن يمسسهن بسوء غير أخذه لشعرهن، ولم تسلم منه لا شقراء سويدية، ولا بيضاء إيطالية، ولا صفراء يابانية، ولا سمراء إثيوبية، ولا حتى عربية حنطية، بل انه حلق بالغلط رأس احد الفتيان معتقداً انه فتاة، طبعاً بدأت الشكاوى تتقاطر على مراكز البوليس من صاحبات الصلعات، وأجريت التحقيقات الصحافية والمقابلات التلفزيونية مع بعضهن، وبعد متابعة وجهد جهيد قبض على ذلك الحلاق الأهوج، وعندما فتشوا منزله، وجدوا الجدران كلها مشكوكة بما لا يقل عن شعر ثلاثمائة رأس امرأة وفتاة، حتى العجائز المسنات لم يسلمن من هوايته الشاذة تلك.

ولا يقل جنوناً عنه رجل آخر من ايطاليا كذلك واسمه (نيكولو روكو)، الذي استطاع، خلال ست سنوات، أن يعقد قرانه ويتزوج زواجاً مدنياً على (2500) امرأة، وكان كل همه أن يجمع وثائق تلك الزيجات والطلاقات العجيبة التعيسة، ليحصل على اكبر عدد ليتسنى له تسجيل اسمه في كتاب (غينيس) للأرقام القياسية.

وإنني استغرب وأحسد ذلك الهادئ المزواج على تحمله وقوة أعصابه، حيث أن الكثير من الناس لا يستطيعون أن يتحملوا زوجة واحدة، وودوا لو أنها كانت (نصف أو ربع) زوجة، فكيف بـ (2500), يا لطيف الطف، واللهم (برا وبعيد).

أما أقرف هواية، فهي ما قرأته من استبيان نشرته إحدى المجلات المتخصصة بالاستطلاعات في الولايات المتحدة، وقد أشرفت على ذلك الاستطلاع جامعة (بريجهام يونغ) ـ يعني أن المسألة في منتهى الجدية ـ وقد تبين أن هناك (15%) من الأمريكان هوايتهم هي قضم أظافر أقدامهم خلسة بأسنانهم!!

أنا شخصياً أقرف ممن يقضم أظافر يده، فكيف بقدمه، غير أنني مازلت محتاراً كيف يستطيع الواحد من هؤلاء المقرفين أن يوصل قدمه إلى فمه؟!
من ايميلي