الدكتور صفوت العالم
مصر.. إعلانات رمضان تروج لثقافة الحظ
الدكتور صفوت العالم
"محمود.. شاب مكافح منذ صغره يتمنى شراء سيارة مرسيدس، وهاجر لأمريكا، وتغرب عن بلده، وغسل الأطباق، وتعب وشقي وفي النهاية اشترى المرسيدس التي كان يحلم بها، لكن عم محمد البقال عمل 3 رسائل (إس إم إس) من تليفونه المحمول وكسب المرسيدس".
هذا هو مضمون إعلان لحساب إحدى شركات الهاتف المحمول في مصر، عرضته مختلف قنوات التليفزيون الرسمي المصري بكثافة منذ بداية شهر رمضان.
وأثار الإعلان انتقادات ساخنة على صفحات كثير من الصحف المصرية، باعتباره يسفه من قيمة الكفاح ويعلي من شأن ثقافة الحظ.
وعلم مراسل إسلام أون لاين.نت من مصادر إعلامية مطلعة أن الإعلان أثار أيضا خلافات قوية بين قيادات التليفزيون الذين انقسموا إلى فريقين: الأول يرى أنه لا دخل للتليفزيون في مضمون الإعلانات ما دامت لا تتعارض مع القواعد التي يضعها جهاز الرقابة، بينما الفريق الثاني يطالب بضرورة وقف الإعلان تماما استجابة لسيل الاتصالات التي تلقاها التليفزيون من المشاهدين.
وانتهت المعركة باختصار الإعلان وحذف الجزء الذي تبين أنه يسخر من قيمة العمل ويروج لقيم الحظ والفهلوة.
"دعوة إلى لعب القمار"
وجاءت أكثر الانتقادات حدة في مقال للكاتب محمود عطية نشرته صحيفة الأخبار الحكومية يوم 11-10-2005 بعنوان "دعوة كريهة لهجرة العمل الجاد".
واعتبر الكاتب أن الإعلان ومضمونه أقرب إلى "الدعوة للعب القمار"، لأنه "يظهر صاحب العمل الجاد في هيئة تدعو إلى الرثاء بعد تحقيق حلمه وإضاعة سنوات عمره" ويقدم في المقابل نموذجا لتفوق الحظ على الجميع وهو أقرب إلى لعب القمار.
كما انتقد المقال القيم التي يحملها الإعلان قائلا: "في كل بلاد الدنيا التي تسعى من أجل النهوض والتقدم لديها أجهزة تتولى تحليل مضمون الإعلانات لفرز القيم التي تحملها للمشاهدين واستبعاد ما يتعارض مع خطط الدولة لتشجيع التنمية والنيل من قيمة العمل، فهل ما يعرضه هذا الإعلان هو ما نريد ترسيخه في نفوس أبنائنا؟! ربما..".
إعلانات رمضان هذا العام على التليفزيون المصري روجت لقيم أخرى سلبية، كما يرى المراقبون.
ويقدم إعلان عن نوع من "الجبن" مشهدا لزوج يتسلل ليلا إلى المطبخ لتناول الجبن، بينما زوجته وأطفاله نائمون، ثم فجأة يستيقظ أحد أطفاله ويسأله ماذا تفعل "يا بابا"، فيرد الأب في تردد: (لا شيء) ثم يخفي ما بحوزته من الجبن حتى تكتشف كذبه زوجته حين تتمكن من ضبط ما بحوزته من الجبن المعلن عنها.
وتضمن سيل الإعلانات أيضا نوعا آخر اعتبره نقاد نوعا من "المقامرة والنصب" على المشاهدين خاصة تلك المتعلقة بالمسابقات الهاتفية عبر برامج التليفزيون، والتي سبق أن أفتى عدد من العلماء بعدم شرعيتها.
وتزامن مع بداية شهر الصوم ظهور طرق غير مألوفة لترويج المنتجات فقد عمدت إحدى شركات إنتاج العصائر الخاصة بأطفال المدارس إلى صنع عبوات على أشكال مختلفة منها شكل "الجوزة" (النرجيلة).
وفوجئ محمد غندور صديق ناظر إحدى المدارس الابتدائية بمحافظة المنيا (جنوب) بطالب يحمل في يده "جوزة" أثناء طابور الصباح فقام بمصادرتها، وتبين أنها عبوة للعصير على شكل نرجيلة، فأرسل الناظر نداء عبر صحيفة "الأهرام" ناشد فيه أجهزة الرقابة الغذائية للتصدي لمن اعتبرهم "يستهدفون تدمير عقول الأطفال بهذه الأساليب".
"ثقافة الحظ"
ويطالب الدكتور صفوت العالم أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة المسئولين عن الإعلام المصري بالتدخل لوقف مثل هذه الإعلانات التي "تعمق ثقافة الحظ والصدفة".
وأضاف العالم لإسلام أون لاين.نت: "من أهم خصائص الإعلان بشكل عام أن يتسم بالمعقولية والقابلية للتصديق، وأن يبتعد عن تعظيم ثقافة الحظ، والصدفة والفهلوة، ولا يتعارض مع النسق القيمي المتعارف عليه في المجتمع، خصوصا أن عمومية التقديم والتكرار والإلحاح في عرض المادة الإعلانية على ملايين المشاهدين في فترة زمنية محددة يكسبها نوعا من التأثير إما سلبا أو إيجابا على الرأي العام".
ورأى أنه "بالتالي أصبحت هناك ضرورة لتجنب استفزاز المواطن المصري الكادح والمثابر، من إعلانات تعتمد على الحظ والصدفة، والاستخفاف بعرق اللاهثين وراء لقمة العيش الحلال".
وطالب العالم أيضا "بإلغاء برامج المسابقات التلفزيونية التي تعتمد على الاتصال الهاتفي" واعتبرها "نوعا من النصب والاحتيال على المشاهدين يحول شاشة التليفزيون إلى وسيلة لخداع الجمهور، خاصة البسطاء والمراهقين وإغرائهم للتفاعل معها أملا في الفوز بجوائزها الوهمية".
مواضيع ذات صلة
الجنس يقتحم الفضائيات
http://www.alltalaba.com/news.php?act=2&id=7703
اعلانات الخموؤ تتسلل للصحف
http://www.alltalaba.com/news.php?act=2&id=7848