ربما لن تتقبل قارئنا العزيز أن نقول لك: أنت رغم ثقافتك العميقة لم تخرج من الاستعباد الثقافي...
فلا نقصد هنا اللغة ولا الحوار ولا .... إنما نقصد حسن تفهم الآخر والانفتاح الإيجابي الثقافي, لمعرفة ماذا يدور في دماغ الطرف الآخر...
أن أسمعك هذا لا يعني أن أتبنى رأيك. ان أحاورك هذا لا يعني أن تقتنع برأيي...لكن المهم أن أفهم ماذا تعني كلماتك بالنسبة لي...فأفصل مابين أنا وانت..بمسافة أمان دون خلاف ...
فكريا:
أن أتحرر من قولبتي الثقافية وأتقبلك رغم أنك من غير ثقافتي, لنتحاور معا دون تشنج, دون أن أتبنى ثقافة من لم يكن معي فهو ضدي...
هي ثقافة الهجوم الشرقية التي رغم أن هناك كما كبيرا يدعي الانفتاح الثقافي ولكن عندما يكون على خطأ يمضي واربا خطوته لئلا يعترف بخطئه.
وإن حاول ضمنا أن يتحرر مما كبله وموافقته ضمنا عما سمعه , فهو عاجز عن التحرك خارج دائرة ثقافته, أو إيجاد حلا وسطا يضمن له كسب إيجابية الآخر
دون التخلي عن الأصل في نفسه.
عنصريتنا العرقية , جعلتنا متعصبين دون موضوعية ولاعقلانية, وعلى الصعيد الاجتماعي فالمسلم الغربي يجد صعوبة في الزواج من مسلمة مثله لأنه بات عنصرا غريبا عن الغرب وعن الشرق!
هو مثال واضح عن فكرتنا...إن ثقافة الهجوم هي من واقع التخلف الذي نعيشه والاستعباد الذي تعودنا عليه طويلا..
إن التخلص من الجمود الثقافي الذي نعيشه والقشرة الظاهرة عن الانفتاح المزيف, لدليل على أننا في حالة محاولات للوصول للمرونة الثقافية لكننا لم نصل بعد..
********
دينيا:
من جهة أخرى, نجد أن الإعلام الغربي يغذي تلك النزعة المخربة, بحيث يجعلنا بين حجري رحى, بين النفور منها عمليا, عندما تتجسد لنا فزاعة مخيفة تكرس الموت, وهي ليست كذلك أبدا, وبين أن نتمسك بثوابتنا, فنجدها تزعزعنا من حيث نملك الحق والفكر والحكمة يوما ما. .فتجعلنا نراجع في ذاتنا مالا يمكن تغييره, ليخترق الجو من يريد تغيير بعض مسلمات فكرية ودينية في معتقدنا, بينما الحقيقة أن هناك بونا واسعا مابين الإسلام الإعلامي والإسلام الحقيقي....وهنا مربط الانفتاح.
***********
أدبيا:
يعاني الكتاب رغم وجود قنوات تقنية, من عزلة فكرية ,بحيث يذهب ما يكتبونه من كتب هباء, فلا دور النشر قادرة على التوزيع بجدارة, ولا الانتشار أفقيا.
ولا حتى الجهود الفردية قادرة على أن تطال هذا ماديا حتى, ولا حتى التيار العالمي المتجه لتكسير الأصول التاريخية والفكرية التراثية يريد لها الحياة كفكر حر حيادي عموما, إن هؤلاء الكتاب اليتامى يريدون افكارا لامعة ونظيفة تناطح تخاذل الطرف المقابل وطعنهم الدائم.
التيار المتاح حاليا هو التيار الفردي الذي يحاول الانتشار أفقيا في القنوات المتاحة عبر النت قبل الانتشار المعروف عموما.
فالنتاج الورقي بين أيدين,ا ولنقل المجلات والدوريات الورقية مصابه بمرض الشللية أو السيطرة عليها من جهة معينه, والنفود لها يحتاج معارف شخصية عموما. فأين الحركة الثقافية الموضوعية؟
وحتى في الغرب هناك تيارات وشللية كذلك بطريقة أخرى أكثر معقولية ,لذا فالجهد الفردي للمستطيع سوف يكون حوله هالة قادرة على ترك طيف حضور, أو أثر فكري هام , يجعله عصاميا معتبرا عموما, وهذا ما نجده عبر توالد المجلات الالكترونية في الشابكة, لأنها باتت المنافذ الطبيعية في زمننا, في زمن لا يقرا الورقي الا الندرة, ورغم هذا تتضارب الجهود الفردية بما يتطلب منك الغربلة والفرز دوما.
*************
تربويا:
وإذن علينا التفريق هنا ما بين الانعزال الاجتماعي والثقافي والأدبي والتخصصي, ما بين الفكر الموضوعي والبناء والحيادي , الذي يتبنى الغربلة الحقيقية , وينتهج النظافة الفكرية حقيقة لا شكلا فقط ويدعيه.
وكل مرتبط بمنبته ومنابعه الأولى التي استقى منها فكره, فالنوع الأول يصدر من البيئة التربوية ودورها بقوة فيكمل دورها, والثاني يلعب دوره إضافة لما سبق الظروف الثقافية عامة, ومدى تحقق المرونة في الشخص لتقبل مزيدا من التطور الانفتاح, والثالث ضآلة التجربة وعدم انفتاحها على روح النقد, إضافة لما سبق أيضا, أما الاخيرة فيلعب فيها إضافة لما سبق كذلك, مدى تبني صاحب الاختصاص لفكرة التطور وحمل رسالة هادفة في عمله.
وعليه فكم من قلم في عالمنا العربي يحمل سمات التحرر والانفتاح الحقيقي؟, ليقف فعليا على عوائق مسيرتنا ومطبات فكرنا الذي قد يخدم الخصم في حين يعتقد أنه يخدمنا؟.
كم من الأقلام يعرف المخرج وكم من القراء يعرفون ما بين السطور.؟ ربما هذا يجعله يقرأ معظم ما يصدر ليقدم لنا عسلا أخيرا عسلا حقيقيا فعلا.. فأين العسل الحقيقي؟.
فما نراه من بعض حراك ثقافي ليس إلا دوران في المكان والدائرة لم تتسع بعد...ومازلنا في حالة انعزال ثقافي حقيقي ,ما دمنا لم نخرج عن اللعبة الثقافية العالمية من حولنا, ونقدم صوتا قويا يقرأ ما بين السطور فيرسل رسالة تقرأ أيضا من بين السطور...
الخميس 7-8-2014