أأولا:لكاتبتنا الأديبة الشكر من الفؤاد، فهذا جهد متميّز
ثانياً:لماذا ليست في النقد الأدبي؟
ثالثاً:أو تسمحين – أديبتنا - أن أتجرّأ على ذكر بعض الملحوظات؟:
تنتظم عناصر النص الأدبي في عملية منهجية خاصة تنظيماً جمالياً شديدالاتساق، وتصطبغ بصبغة فنية، لتُكوِّن النص في شكله الجمالي ،وهذه العناصرهي:
۱- الألفاظ:
وهي بنية النصالأولى التي تحمل في داخلها دلالات( فكرية ) نفسية وجدانية ناطقة تصور إحساس المبدع الذييلتقطها في مهارة فائقة، وينظمها نصاً فريداً كالفنان الذي يلتقط دُرراً منثورةلينظمها عقداً جميلاً في استخدام حساس مبتكر للغة؛ لذا كان على المبدع أن يُدقق فياختيار ألفاظه.(نعم! إنها صناعة الفنّان، ولكنّه عمل لا تصنّع فيه، فليس الإلهام الأدبيّ كصناعة الثوب المزركش، فيه انتقاء عقليّ وتفكير منطقي، وليست هذه طبيعة الأدب والشعر، إنه إبداع يخضع لقواعد اللغة لكنّه ليس انتقاء فكريّاً مدروسا، أرأيت إلى الشاعر يقول الشعر، أيجري وراء ألفاظه ليدقّق في وزنها؟! )
"وكلمة لفظ هنا لا تعني الكلمة مفردة، لأن هذه لا تُوحي إلا بخواطر مبعثرة لا تربط بينها صلة نفسية أو ذهنية واحدة، وإنما تستمد حياتها من وجودها في سياق خاص، واتصالها بكلمات أخرى تتفاعل معها، وتؤثر فيها، وتتأثر بها" الطاهر مكي ٧٦-٧٧)
۲- الأفكار:
وهي عنصر أساس له مكانته بين عناصر النص الأدبي، تنبعمن نظرة المبدع إلى الحياة والكون، وتفسيره لمظاهر الطبيعة والحياة والإنسان،وتبين أفكار النص اتجاه تفكير المبدع ومدى عمقه،و"الحقيقة التي ينبغي أن نحضرها في أخلادنا هي أن الأدب الرفيع لم يخل قط من عنصر التفكير، وأن الشاهد على ذلك أدب الفحول من شعراء الأمم الإنسانيين." (أروين ۱٤) أمثال المتنبي والخيام وشكسبير.
ولابد أن تتسم أفكار النص بالآتي:
أ- الطلاقة: وتعنى كثرة الأفكار وتسلسها وتنوعها ما بين أفكار رئيسة، وأخرى فرعية.
ب- الأصالة: وتعني جدة الأفكار المطروحة، وطرافتها، وإيجاد علاقات جديدة تربط بينها.
جـ- الجمال: وتعني الدقة في اختيار ألفاظ الفكرة، وصياغتها بأسلوب جميلموجز( كلمة الإيجاز بحاجة إلى تفصيل، فالإيجاز في الأدب ليس عرض الأفكارعرضاً سريعا، فالجمال يستدعي لها إطناباً ومساواة وإيجازاً، إنّ الموقف الأدبي بمجمله هو الذي يملي كلّ هذه العناصر لا الأفكار وحدها، وأظن أني بهذا التعبير قد أرضيت جماعة النقد الحديث الذين تلقَّوْا أصوله عن الغرب، والنقّاد الذين يستمسكون بالتراث. وأجدني بهذا القول قد قبلت بقولهم - البلاغة الإيجاز- بشرط ألا نربَطها بالأفكار وحدها ) .
د- ذات قيمة:أيْ أن تحمل الأفكار الجميلة في طياتها قيماً تعيش في أذهان القرّاء وقلوبهم.
والمعاني قوام كل ألوان الأدب، وعماد النص الأدبي، حتى تكاد تكون أبرز عناصره، فهي تحمل كل عناصر النص الأدبي المعني على ظهرها، وهنا تظهر ثقافة المبدع،وقراءاته التي (يوظفها )في نصه، فهو لا يستقي معانيَه من أحد، بل إنه كالنهر الذي تصبُّ فيه روافد متعددة من ثقافات وعلوم وفنون- يختلط بعضها ببعض- ولا يظهر في النهاية إلا ماء النهر الذي امتزجت فيه روافده لتصنعثقافة جديدة يتميز بها المبدع الذي يعرف (يقدر على صوغ المعاني.. فالمعرفة عمل الناقد، وقد يكون المبدع على علم بهذه المكوّنات، وقد يجهلها، وإنّما يكوّنها بطريقة لم نصل إلى حقيقتها، فقال الجاهليون: ذلك شيطان الشعر من وادي عبقر يملي عليه بكرة وعشيا- ولا تقل هذا خاصّّ بالشعر، فأكثر أنواع الأدب يكوّنها هذا المجهول!!)كيف تُؤدى المعاني الجميلة الرقيقة، فيلجأ إلى التصريح -إذا اقتضى الأمر ذلك-، ويُكني ويُلمح ويُضمن للإيحاء ببعض المعاني مراعياً مقتضى الحال في بلاغته وإبداعه.
يحتل الخيال مكانة متميزة بين عناصر النص الأدبي،فهو ضرورة من ضروراته لإعادة صياغة الواقع وبنائه في عالم الأدب،وهو القوة التي تختزل خبرات المبدع وقراءاته وثقافته وموهبته الفطرية،وتأتي خصوبة الخيال على أولقائمة المواهب الفطرية للمبدع، فعن طريقه يقف المبدع على أرض الواقع، ويستلهم منها،ثم يتحرر من سلطان الواقع ويعيد تنظيم الأشياء بإدراك عميق، تتشكل فيه اللغة في أثوابٍ جديدة وتصوراتٍ مبتكرة، ثمَّ ينطلق بخياله حراً إلى آفاق واسعة.
ارتبطت الصورة بالنص الأدبي منذ ولادة الشعر العربي القديم في شبه الجزيرة العربية، فالصورة قديمة في الأدب العربي قدم الشعر، ويدلنا على ذلك أشعار الجاهليين أمثال امرئ القيس،وعنترة بن شداد..
وقد اتفق القدماء والمحدثون على رفعة الصورة البلاغية لأنّها تجسّد المجرّدات، وتعطيها شكلاً حسياً تكون معه أبلغ من نقل صورتها الواقعية،فتقترب من طبيعة النفس الإنسانية فيتفهمها للمفردات الكونية، وتؤدي ما لاتؤديه اللغة العادية في عرض الحقائق مجردة أحياناً.( يكاد انفصال الخيال عن الصور البيانية أن يكون أمراً خفيّا، فالصورة البيانية بنت الخيال التي لا تنفصل عنه، خيال الوالد – المبدع – وخيال المتلقّي – السامع-، القارئ..- )
يتميزالنص الأدبي بأنه مرآة صادقة تعكس ما يجيش بصدر المبدع من مشاعر وأحاسيس، وما يعتمل في ذهنه من انفعالات وأفكار، وما يحسّه من عاطفة تسيطر عليه، ويفوح أريجها في كل تعبير أوصورة أومعنى أولفظة تلمسها (عاطفة المبدع)، وتمتد إليها يده ليتوّج بها نصّه.
والصدق نوعان:الصدق الواقعيّ، وهو صدق تعبير المبدع عنتجربته التي لمسها في الواقع، والصدق الشعوري الذي يفعم وجدان المبدع،والمهم أنينأى عن الافتعال والكذب الشعوري. (أحمد هيكل:مرجع سابق، ص ـ۱۵،۱٦) (أحسن كاتبنا بتعبير: الكذب الشعوري، فالمبدع يعبّر مكرهاً عمّا يتفاعل في كيانه، ولا يفتعل إبداعاته، وكل من افتعل ما يسمّيه أدباً فهو الكاذب، لأنّه لا ينقل إلينا أدباً ولا إبداعا - ونتخلّص من قولهم: أعذب الشعر أكذبه!! إلى معنى آخر هو قدرة المبدع على نقل الواقع في صورة مبتكرة جديدة).
لذا لابد أن يجتهد المبدع للوصول إلى المرحلة التي تتلون ألفاظه وعباراته وصوره بلون عاطفته وتتشكل بشكل دوافع نفسه التي أحسها وعبر عنها بصدق.
يعتقد كثيرون أن الأسلوب هو الكلمات التي تكوِّن الجمل والعبارات بصورتها اللفظية، وهذا هو المعنى الظاهر للأسلوب، لكن يسبق الصورة اللفظية للأسلوب صورة أخرى معنوية تولد في نفس المبدع ،"وهي أن الأسلوب معانٍ مرتبة ( ليس الترتيب المنطقيّ المعروف ) قبل أن يكون ألفاظاً منسقة، وهو يتكون في العقل قبل أن ينطق به اللسان أو يجري به القلم"
ولابد أن يتسم الأسلوب الأدبي بثلاث سمات هي:
۱- وضوح الأسلوب: ويقصد به حسن اختيار الكلمات والجمل والأفكار الواضحة والمعبرة عن المعنى بلا تكلف ولا غموض، "ومراعاة التلاؤم والتناسب في مطابقة الأسلوب لإدراك القارئ أو المتلقي." (صلاح فضل ۱٤۵).( الوضوح مفهومه معقّد، ومراعاة إدراك القارئ بحثه طويل، والآراء فيه متعدّدة )
۲- قوة الأسلوب: ويقصد به فصاحة الكلمات،وجزالة التراكيب،وتماسك الجمل،وترابط العبارات، وصحة القواعد النحوية والصرفية والبلاغية.
٣- جمال الأسلوب: ويقصد به تآلف كل عناصر النص الأدبي وانسجامها في نسيج واحد متلاحم متماسك،تلمس فيه رقة الألفاظ، وتسلسل الأفكار، وتحس بعذوبة التصوير، ووحدة الموضوع والجو النفسي. ( جزالة، رقّة..ألفاظ علينا أن نكون حريصين جدّاً في استعمالها )
تصنع الموسيقا المنبعثة من النص أثراً جمالياً يتمثل في توازي الحركات الصوتية والدلالية وحركات المعنى في إيقاع موسيقي جذاب ينبه القارئ، ويشد انتباهه ويمتعه بهذاالجمال.
( الموسيقا الداخلية لفظ شاع، لكنه غير دقيق، ولكنّ المقصود منه صحيح، إنه الإحساس بنغم في النفس حين تلاوة الإبداع لا يضبط بضابط وزن أوآلة!!)
دكتور/ راضي فوزي حنفي
كلية التربية - جامعة الحدود الشمالية
**********
هذه أهم مراحل تحليل نص أدبي
============
أولا : عناصر دراسة الأفكار
المقدمة : هي عبارة عن ثلاثة أسطر تكون مدخل العملية الفحص الأدبي.
انتماء النص : هو بيان محوره و عرض نبذة وجيزة عن ذلك الفن.
الفكرة العامة : ـ فهم المحتوى العام لنص.
ـملخص أفكاره الأساسية
أولاً كتابة الأفكار الأساسية ثم استنتاج الفكرة العامة أو التوحيد بين الأفكار .
ـ الاستفادة من العنوان أو مناسبة النص إن وجدا فقد تكون الفكرة في محتواهما.
الأفكار الأساسية : يقسم النص إلى وحدات أي إلى فقرات وهي تعبر عن فكرة ذات استقلال جزئي في معناها لكنها تصب في الفكرة العامة وتخدمها.
أما المعاني المكررة فلا نلتفت إليها لأننا سنشير إليها عند ترابط الأفكار.
ترابط الأفكار: إن هناك دافعاً يثير مشاعر الأديب فيبدأ إبداعه وليس لأحد أن يفرض على الأديب نقطة البداية.
و لكن على الأديب أن يحترم عقل القارىء و يقدم له أفكاراً منسجمة يرتاح إليها عقله، فإن أحسست بذلك فهي أفكار مترابطة قد أحسن صاحبهاترتيبها و عرضها.
أما إذاكان الموضوع ذا طبيعة علمية أو فلسفية أو تحليلا لقضية اجتماعية أودينية أو سياسيةفيعرض الأديب أفكاره على شكل مقدمات و يبني عليها نتائج ثم يدعم كل ذلك بالبرهان لإقناع الآخرين بوجهة نظره وهذا ما يطلق عليه البناء المنطقي.( لا مانع أن نتحدّث عن الموضوعات العلميّة.. في دراسة عناصر العمل الأدبيّ، ولكنها ليست من صلب الموضوع إلا إذا عُرضت بأسلوب أدبيّ لا يطغى على العلم!! )
و لا يعنينا ترابط الافكار أو ترتيبها لأنه ليس ضروريا.
أما العيب في ترابط الأفكار فيظهر في ثلاث حالات :
۱-فقدان الانسجام نهائيا بين فكرة و أخرى ومثاله كان شائعاً في القصيدة في العصر الجاهليّ وفترة من العصر الإسلاميّ. فقد كان الشاعر يبدأ بالوقوف على الأطلال ثم يصف متاعب الطريق و يتغزل ثم يمدح فلا تنسجم الأفكار بعضها مع بعض.( هذا كلام صحيح، ولكن الشاعر كان يحسّ بهذا الخلل، فيلجأ إلى شيء سمّاه النقّاد لاحقاً حسن التخلّص ).
۲-تداخل الأفكار وتكرار فكرة أو فقرة، يعود إليها الأديب دائما، وقد يتخذها لازمة يكررها آخر كل مقطع أو فقرة ليشدّ الأنظار إليها.( أي أنّ هذا ليس عيباً على الدوام، فقد يكون إبداعاً كما رأينا في الموشّحات وغير الموشّحات.. )
٣- تناقض الأفكار وهو يكشف عن عيب وجداني في النصوص يفضح ضعف الأديب وعدم حسم موقفه بوضوح من القضايا التي اتخذها موضوعا لأدبه فيظهر في ثنايا النص متردِداً يقرر فكرة ثم يناقض نفسه في فقرة لاحقة.( هذا كلام صحيح، لكن ليس على إطلاقه، فالموضوع معقّد. نحن لسنا أمام بحث علميّ، فقد تتناقض الأفكار حين يفرضها الموقف الوجداني)
ومما لا شك فيه أن أدبنا قد تخلص إلى حد بعيد من هذه العيوب الثلاثة.
الوحدة العضوية: هي أن يكون النص نسيجا مترابط الأجزاء لا يمكن مطلقاً التقديم و التأخير بين أفكاره و إلا فسد جميعا و تتحقق هذه الوحدة العضوية بتوفر ثلاثة شروط في النص:
۱ - وحدة الموضوع .
۲ -وحدة المشاعر التي يثيرها الموضوع.
٣ -ترتيب الأفكار والصور في ظل العنصرين السابقين لتؤدي كل فكرة أو صورة وظيفتها الحيوية في بناءالتجربة و تساعد على نمو العمل الفني و اكتمالهفيها.( والقول في الترتيب كالقول في التناقض )
شمولية الأفكار : و هي أن يتناول الأديب كلّ جوانب الموضوعفيتوسع في أفكاره و لا يغادر قضية إلى غيرها إلا بعد إتمامها تماماً حتى لا يتركمجالاً للسؤال كما قيل، و لهذه الشمولية أحد السببين وهما :
-دافع علمي : و هو روح الجد و البحث كما نجد ذلك عند العقاد حين حلل سيرة ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
-دافع عاطفي : حين يتصاعد انفعال الأديب بموضوعه إعجاباً أو حنيناً أو حباً او حقداً أو غير ذلك فإنه يسهب و يتوسع في التفصيلات كما في كتاب ( الأيام ) لطه حسين الذي يسجل فيه سيرته الذاتية، إذ تعرض لأدق التفصيلات حتى الغلطة البسيطة على مائدة الطعام أيام الطفولة.
عمق الأفكار : الفكرة العميقة هي التي تتصف بصفتين :
۱-أن تتجاوز حدود ألفاظها إلى معان ندركها بالتأمل و التدبر.
۲- أن تخلف لذة عقلية بعد إدراك معناها الواسع الذي بين السطور .
ثانياً : العاطفة
العاطفة: أبرز عناصر الأدب، بل هي التي تميز بين الأدب و غيره فمن خلالها يظهر التفاعل بين الأديب وموضوعه.
الحكم على العاطفة: يتناول ثلاث زوايا هي نوعها و قوتها و صدقها .
نوعها : تتنوع العواطف تنوع المواقف البشرية و نذكر منها على سبيل المثال:
- عاطفة إنسانية نبيلة محبة للخير و العمل الصالح.
- عاطفة فطرية متأصلة في النفس كحنان الأمومة و الأبوة و شفقة الأبناء على الوالدين والأرحام.
- عاطفة اعتزاز ديني أو قومي أو وطني أو شخصي .
- عاطفة إعجاب بالمكارم أو البطولة أو بالجمال أوالجلال.
- عاطفة التحدي .
- عاطفة الإشفاق على البائسين والمعذبين.
- عاطفة الأسف أو الحزن، السخط و الغضب، الاحتقار والكراهية.
و قد يتوفرالنص على أكثر من عاطفة واحدة.
قوتها و حيويتها أو ضعفها وفتورها:
(و يندرج تحت ذلك أنها جياشة عنيفة أو رزينة هادئة )
۱- تأثيرالنص فينا فإذا حرك عواطفنا وأهاج مشاعرنا فهذا دليل على قوة العاطفة عند مبدعه، أما إذا بقيت مشاعرنا إزاءه خامدة فتلك علامة ضعف عاطفته كما يقال فاقد الشيء لا يعطيه.( دون أن ننسى أنّ هّذا التأثير ليس واحداً في كل متلقّي العمل الأدبيّ )
۲- قوة الأسلوب و بخاصة عنصر الخيال فإن له قيمة عظيمة في إثارة العواطف أكثر مما تثيرها الحقيقة المجردة كمثل حريق دمر عدة منازل أدى إلى وفاة عدد من الأشخاص فلا يثير فينا كما يثيرنا جزء من رواية خيالية تصور مأساة إنسان واحد.
٣- ثباتها واستمرارها: فالعاطفة الحية القوية هي التي يبقىأثرها في نفوسنا زمنا طويلا، و لا يضمحل عند تكرار قراءتنا أو سماعنا للنص، عكس ذلكالأدب الذي يسمونه النقاد " أدب المناسبات " لأنه لا يمتعنا إلا وقت المناسبة فقطثم ينطفيبريقه.(ولكن المتذوّق الحقّ لا يتمتّع بالأدب المزوّر لافي مناسبة ولاغير مناسبة )
صدقها :و ذلك عند تطابقها مع الشعور الحقيقي للأديب نحو موضوعه فإذا كان الأديب ينقل لنا ما تحسه نفسه حقاً كانت عاطفته صادقة فالصدق هنا فني كما يقول نقاد الأدب، و صدق عاطفة الأديب هو القاعدة أما الاستثناء فهو التزييف فيها و هذا حين نكتشف أن أغراضا غريبة عن الأدب هي التي دفعت الأديب أن يقول ما قاله كالمجاملة و التملق و ربما الحياء أو الطمع و نثير هنا سؤالين نراهما بحاجة لجواب مقنع:
الأول: كيف نستدل على زيف عاطفة الأديب ؟
الجواب : أن ذلك إنما يكون عن طريق إحساس محلل.
الثاني :كيف نفسر قوة العاطفة وظهورها بمظهر الصدق في بعض أدب التكسب و الشعر منه خاصة ؟
الجواب: إن ذلك يختلف من حالة لأخرى :
- أن يكون الأديب معجبا حقا بممدوحه.
- أن يمر الأديب بحالة التقمص فيحس أنه المتصف بالبطولة والكرم لكنه يسجل ذلك باسم ممدوحه.
- أن يعبر الأديب عن قيم يؤمن بها لكنه عن طريق لفظ عابر يربطها بشخص يمدحه.
ملحوظة" قد تخلو بعض النصوص من عنصر العاطفة إما لأن الموضوع ذو طبيعة علمية محضة و إما لأنه موضوع إنسانيٌّ لكن الجانب العقلي طغى عليه فلم تظهر عاطفة صاحبه"( هذا هو البحث العلميّ!)
ثالثا : عناصر دراسة الأسلوب
لأسلوب النص الأدبي شأن عظيم في تقويمه لأنه أداة الكاتب أوالشاعر للتعبير عن النفس، وأداة تخاطبه (communication) مع الآخرين كما أنه ميزة الأديب المبدع و علامته التي يعرف بها حتى قيل: "الأسلوب هو الرجل "
اللغة :يتم تناولها من جانبي المفردات و العبارات
-المفردات: نقرر ما تتصف به من جزالة و فخامة أي (متانة و قوة )، أو ما تتصف به من رقة و سلاسة و عذوبة و ربما كان للغة النص طابع علمي و أخرى طابعها فلسفي أوديني.
-المباشرة و الإيحاء : فاللفظة المباشرة هي التي تؤدي معناها دون أثر آخر أما اللفظة الموحية فهي التي تخدم عاطفة الأديب و تعبر عنها و بذلك تتجاوز مجرد تأدية المعنى و قد لا تكون اللفظة موحية وهي منفردة لكنها تؤدي ذلك في نسق الكلام.
- أهي لغة مألوفة أم غريبة: فالأصل في الأدب أن تكون ألفاظه مأنوسة، وتعاب إذا كانت وحشية غريبة عن عصر صاحبها، أو مهجورة في الاستعمال الأدبي.( لكن مهارة المبدع تذلّل كل هذه الصعوبات حين تحسّ بانسجام اللفظ في موضعه، وفهم معناه من خلال السياق – ولكن يقلّ أمثال هؤلاء المبدعين!! )
- /العبارات: ـ وضوح معانيها : ليس معناه سهولة الفكرة بل طريقة التعبير عنها فالوضوح مطلوب إذا وجدنا صعوبة في فهم النص بسبب التعقيد و الغموض في عباراته فذلك مما نلوم الأديب عليه ، يرى النقاد أن التأثير في الشعر للكلمات المفردة بينما هو في النثر للعبارات والجمل.
- طولها و قصرها :فالعباراتالطويلة تناسب ميادين تحليل المواقف و الشخصيات و كل ما له صلة بالعقل لذلك تشيع فيالنثر بينما تلائم العبارات القصيرة ميادين التعبير العاطفي شعراً ونثراً.
-التوازن :وهو تساوي عبارات النص الواحدفي عدد كلماتها،وهو ذو أثر موسيقي حسن وقد اشتهر به الأدباء الذين يتأنقون في أسلوبهم ويحرصون على عذوبة أدائه كالجاحظ من القدماء وطه حسين من المعاصرين.
-الترادف :و هو دلالة العبارتين المتجاورتين على المعنى نفسه.
-الإيجاز والمساواة والإطناب: ينطلق الأديب في إبداعه معتمداً على ذوق وحس نافذين دقيقين فيوجز و يختصرفي مواضع يناسبها الإيجاز، ويتوسع ويطنب في مواضع يناسبها الإطناب، ويجعل ألفاظه ثوبا مفصلاً على قدر معانيه لا تزيد عليها ولا تنقص عنها وتلك هي المساواة ولا بد لمن يتعرض لدراسة الأسلوب من فهم هذه الأنواع و الإشارة إليها.
- فالإيجازهو اشتمال الألفاظ القليلة على معان واسعة، ومن الإيجاز"فن التوقيعات "وهي الجمل القصيرة ذات المعاني الكثيرة وقد اشتهر بها الخلفاء والوزراء من أهل الفصاحة وقد توسّع استخدامها في العصرالعباسي.
- والإطناب هو زيادة اللفظ على المعنى لغرض كالتأكيد ولفت النظر ومحاولة التأثير والإقناع ، والتحسر، أوالإيضاح أوالتهديد وغيرها ويتحقق الإطناب بطرق مختلفة كالتكرار والترادف والجمع بين الإجمال والتفصيل أوالعام و الخاص أو عن طريق الجمل الاعتراضية.
- أما التكرار فشائع في النصوص الأدبية و له أغراض مختلفة معنوية أو جمالية كما سبق بيانه.
ملحوظة : "قد تكون الزيادة في الألفاظ لغير هدف أو فائدة فهي حشو وليس لها قيمة أدبية، و المساواة هي التناسب التام بين الألفاظ والمعاني فهي وسط بين الإيجاز والإطناب." { ملحوظة: تقسيم الإبداع إلى أجزاء ( أفكار وخيال وألفاظ .. ) ضروريّ للدرس والتعليم، دون أن ننسى أن هذا التشريح قد يُؤذيه. }
----------------------------
- النقطتان المتتاليتان: (..):
للكلام تتمة، ولا تستخدم العربية ألخ.. أو Etc ..
- ثلاث نقاط (...)
توضع للدلالة :
۱ - على أن في الكلام جزءًا محذوفًا سبقت الإشارة إليه ،
۲ - أو لأنه غير مهم في سياق ما يكتب عنه ،
٣ - أو لأن القارئ يدركه بديهة .
(كتيّبي: من أصول رسم الكتابة العربيّة )