إن مصطلح الشرعية عندما يسمع لأول مرة نفهم منه فورا ,أنه أمر مسموح متاح ومقبول من الجميع, وفي عالم الكتابة يمكننا شرح ذلك بمقولة أستاذ العروض الكبير "غالب الغول "حيث قال:
كل باحث إذا أراد أن يكتب , فما عليه إلا أن يكون أهلاً للكتابة أو يرمي قلمه بلا كتابة, و أقول:
وأنا اقول: إن لم يقدم الكاتب جديدا وتطويرا وخبرة وإضافة وهدف سام يستحق الكتابة وفلا لزوم لقلم يزيدنا عددا,فهل لهذا علاقة بالمشروعية التي نتحدث عنها؟.
ما نعلمه جيدا ان هناك امورا فرضت نفسها علينا بالقوة ,وفي شتى المجالات التي نعرف,ورغم معرفتنا بأنها غير شرعية بالمرة, تقبلناها مرغمين لسبب ما, خاصة ان هناك أسماء تجاريه كذلك بات لها ركنا قويا في عالم التجارة والتعليم وو الخ.., ومنها من يحتاج لتفعيل شهادته مثلا بعد الدراسة فيها لمعادلة شهادات مع الجامعات الكبيرة المعروفة.
هنا نفتح باب الشرعية بالمعنى الدقيق للكلمة, والتي بات فرض وجودها ,من مرامي ومهمات المنتفعين والذين يصلون لها من دهاليز خفية.
وجدنا لكلمة الشرعية معجميا المعاني التالية:
قدس (مقاييس اللغة)
القاف والدال والسين أصلٌ صحيح، وأظنه من الكلام الشرعيِّ الإسلاميّ، وهو يدلُّ على الطهْر.ومن ذلك الأرضُ المقدَّسة هي المطهَّرة.
وتسمَّى الجنَّة حَظِيرةَ القُدْس، أي الطُّهر.
وجَبْرَئيلُ عليه السلامُ رُوح القُدُس.
وكلُّ ذلك معناه واحد.
وفي صِفَة الله تعالى: القُدُّوس*، وهو ذلك المعنى، لأنّه منزَّهٌ عن الأضداد والأنداد،
قدع والصّاحبةِ والولد، تعالى الله عمَّا يقول الظالمون علوّاً كبيراً.
ويقال: إنَّ القادسيَّة سمِّيت بذلك وإنَّ إبراهيم عليه السلام دعا لها بالقُدْس، وأن تكون مَحَلّة الحاجّ.
وقُدْسٌ: جبل.[1]
هل ينطبق هذا الأمر على كل شيء من مرافق الحياة حولنا .؟إن كان نعم فنستعرض بعضا منها كمثال:
البنوك الإسلامية وما أدراك بها, وحسب قول المحاسبة التجارية للمصارف "رغد طحان" هي غير إسلامية بالمعنى الدقيق للكلمة , رغم أنها أفردت بابا خاصا لهذه الحسابات الشرعية حسب قوها مدعومة بفتوى من شيخ معروف, لكن الحسابات الإسلامية الصحيحة هي من تخضع عميلها لقانون الربح والخسارة الشرعي وهذا مالا يطيقه العميل بحال فأين الشرعية هنا؟
وإذن؟, فالبنوك الاسلامية الحقيقية موجودة ولكن ليس كما نتوقع منها تماما, فهي تجربة صعبة التحقيق في زمننا الحاضر, برغم الافتاءات التي تبيحها هذا اولا.
تذكر الاستاذة ميادة نوري عن هذا الامر قائلة –ما معناه-:
ان امرأة كبيرة في السن لا تملك من حطام الدنيا غير منزلها ومليون ونصف ليرة سورية وهذا لا يعني شيئا في لغة التجارة وخوفا من غدر الزمان وضعتهم في مصرف وتأكل من الإضافات. عندما حيروها بالإفتاءات لتخرج مالها هروبا من الربا,! وهنا ومن غير افتاء أيهما أكثر امانا لامرأة وحيدة. المصرف ام المنزل ام المغامرة مع أحد التجار لتشغيلهم؟
فبعضهم غدره الزمان بالثقة بمن يعتقد انه ثقة وأمن ومتدين! الدين سلوك ومعاملة ,فهل الضرورات تبيح المحظورات؟ ام لنصف النوايا ونغمض الاعين؟
يصعب البت بهذا الامر وقد هاجم بعضهم من أفتى بجواز الإيداع بالمصارف والتي باتت أكثر أمانا من زمن الغدر وقلة الاستقامة والثقة, حتى لا نفتي بغير علم ولكن..
على هذا بقي قانون الغاية تبرر الوسيلة فعالا فمعظم مرافق الحياة فعلا ,ويبدو ان الذي قدمه كتاب الامير لمكيافيلي هو المعتمد الوحيد تجاريا وثقافيا وعلميا أيضا .حتى وعبر القنوات التعليمية والدراسية كذلك ,و في عالمنا العربي الذي لا نظافة فيه إلا ظاهرا وقد حشي بالفساد القادح, يبقى المخلص والصادق محتارا لمن يلجأ.
من جهة أخرى ,قرأت عن عالم الثقافة لآمال مختار مجلة دبي الثقافية العدد 94 مقال: السعادة خارج النص:
إن المثقف الصادق يتقبل رحلة الشقاء العصامية ليصل وقد لا يصل.. ولكن وقد بحثت لها عن نص آخر لم أصل له أتمنى ان أكون قد أصبت الهدف بظني, تبين أن النساء في عالم الثقافة على معظمهن يتسلقن جدار الممنوع والعيب ليصلن لعالم الشهرة , ولو بصفة غير ملائمة ليقدمن لنا بصفة شرعية في حين أنهم لا يستحققن قراءة نصوصهن لو دققن لما بين سطورهن!...
مساومات من نوع مضمر خفي للوصول للمرأة المثقفة بطرق ملتوية تنال من شرفها وشرف مهنتها فأين الصدق في الكلمة والحرف والمبدأ؟ ,أين شرعية ما يقدم لنا؟.
الشرعية واللاشرعية في عهد لاشرعية يه إلا باليقين من مولدنا !
يقول الدكتور "عبد الرزاق مرزوكَ"(المحاضر في كلية القاضي عياض في المغرب) حول ذلك:
إن الحق حق وإن من غيرنا, والباطل باطل وإن كان منا, وما ينبغي لنا أن ندع في منهجنا الحواري ثلمة
يستغلها الخصم والسب والشتيمة سلاح بيد الخصم يؤول بطروحاتنا إلى الفشل المحقق, بل إلى الفشل الذريع, إن الحق دين
والباطل دين.( وجئت على قدر يا موسى )........فتأملوا
**********
ماذا نفد من هذا الكلام؟ وما علاقته بموضوعنا؟
لو وضعا يدنا على الباطل والا شرعية بقوة لما وصلنا لما صرنا إليه من تخلف ودونية وعدم احترام من العالم أجمع. ولو قرأنا كتاب: " العرب... وجهة نظر يابانية نوبوأكي نوتوهارا" سوف تفهمون وجهة نظرنا تماما. [2]
لقد وضح الدكتور أن الباطل يتمدد بأخطائنا ,وزلاتنا فالخصم أذكى من ان يفعل عنها, ونحن من يخسر حصونه كل يوم, ربما كان لخصمنا طرقه الملتوية, لكن هذا لا يعني اننا على الصراط المستقيم. يقول مثل عامي :امشي عدل يحتار عدوك فيك
ليس مثلا اعتباطيا بل شرعيا ووليد واقعه,
وعلى هذا ماذا عسانا ان نفعل بالباطل من حولنا؟ فالعالم لا يتورع أيضا من دخول الباطل لتحقيق هدفه! فهل مازالت الشرعية في زمن اللاشرعية فعالة؟
عندما نبحث كيف طبخ وفعل فعلتها بهدوء ومكر الماكر بصمت وحنكة نفهم كم نحن مباشرين سريعي الانفعال بلا مفعول ولا معنى ولا نتيجة ولا تخطيط ودراية, ومن هنا كان مقتلنا كل يوم...
هل ينطبق هذا على سرقة الأفكار و تلميعها وإخراجها وكأنها بنت أفكار صاحب السرقة؟
حاولت مواجهة أحدهم لان الكتب تنطق بما لا تنطقه البشر ولكن عبثا, ومازال يتشدق بما جمعه من عقول الآخرين ليصوغه علما زاد العلوم تعقيدا!!!
هل هذا من ضمن الاتجار بالبشر فكرا وجسدا وعبودية. وهل تحرر الإنسان.؟ أم كان في قفص صغير معروف فبات في سجن كبير اسمه الوطن؟
إن كلمة الشرعية والاتجار بها كلمة تجارية بحتة ,استغلت بتعويم مالم يظهر سابقا عندما كانت الامور اكثر نظافة وشرعية وصوابا, ونحن هنا لا ننزه الغرب ولا الشرق كلهم بالهواء سواء عندما تلح المصالح.. لكننا اكثر شقاء لأننا نذوب بسهولة بإغراءات لماعة لا تهدف إلا لإغراقنا أكثر..
اقتبست الفكرة من خلاف ما بين استاذين جامعيين على ترخيص من جامعة والله لاتزن جناح بعوضة فقط للبرستيج
وكل يريد ان يبيض وجهه أمام مديره, الخ...
كلنا نجيز مالا يجاز لأجل مصالحنا باختصار هذا هو عالمنا الان
لذا اختلط الحابل بالنابل
الهجرة الزواج ال...امور تتشرب بالانحراف نكسوها لباس الشرعية لأنها تلائم مصالحنا.. حتى جيننا بات ثوبا مرقعا موشى كما نحبه ونرضاه..
هل المكيا فيلية بات شرعية؟ تطوع الدين والقوانين والامو الحياتية وبات الدين مظهرا لا علاقة له بالأمور السلوكية الحقيقية.
يقول أستاذ العروض الكبير "غالب الغول"
هذا زمن غريب , والإسلام سيعود غريباً والكاذب هو الصادق , والأمين هو الخائن , عالم غريب فعلاً , ولكن , إذا خليت الدنيا من الأجاويد بليتْ , وهذا حالنا وليس لنا إلا الصبر.
مصارف اللاشرعية كثيرة.. يصعب حصرها ,والسؤال الملح: كيف يمكننا الوصول لمعرفة شرعية امر ما؟ بل كيف تنجح بعض امور لاشرعية, وتفشل أمورا شرعية؟.
هل فعلا نحن محاطين بأمور مشكوك بصحتها؟ فما هو الشرعي و اللا شرعي في حياتنا؟, وهل اللاشرعية مرتبطة بقوة بالفساد الذي عم البلاد؟.
وللموضوع بقية.
[1] المصدر:
http://www.baheth.info/all.jsp?term=%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D8%B9%D9%8A
[2] حمل الكتاب من هذا الرابط:
http://www.4shared.com/document/fGI2YLjv/_______.htm