"الإسكندر المقدوني" يغزو العالم بصفاتٍ أربع..
أربع صفات في شخصية "الإسكندر المقدوني" أكَّدت على أنه قائدٌ عظيم، بل ما كان إلا ليكون قائدا عظيما..
"الطموح"، و"الوضوح"، و"التحدي"، و"الأمل"..
ولقد كشفت عن رسوخ هذه الصفات في شخص "الإسكندر" أربع محطات مرت بحياته هي التالية..
أولا.. المحطة التي جسَّدت "الطموح"..
عندما كان "الإسكندر" صبيا يتابع أخبار أبيه وفتوحاته، كان هو الوحيد في مملكة والده الملك "فيليب المقدوني"، الذي يتضايق ولا تظهر عليه علامات السعادة كلما سمع خبر سيطرة أبيه على أرض من أراضي الممالك الإغريقية أو فتحها وضمها إلى مملكة "مقدونيا".
وعندما سأله المقربون عن سرِّ عدم سعادته بذلك قال..
"وماذا سيترك لي أبي كي أسيطر عليه وأفتحه عندما أصبح ملكا؟".
ثانيا.. المحطة التي جسَّدت "الوضوح"..
كان "الإسكندر" فارسا منذ طفولته ويحب ركوب الخيل. وتصادف أن أحضر والده الملك "فيليب" فرسا جموحا لا مثيل لها في مقدونيا تدعى "بوسيفاليس"، استعصت على كلِّ الفرسان. وكما هي تقاليد "مقدونيا" فإن فرس الملك يجب أن يركبها الفارس الذي يستطيع ترويضها. وبدأت المسابقة، وفشل كل من حاول ركوبها وترويضها في ذلك، إذ كانت تُسْقِطُ الفارس الذي يركبها قبل استكمال استدارتها الأولى حول مكانها. لم ينتبه أحد إلى حقيقة ما كان يحدث للفرس إلا "الإسكندر"، الذي اكتشف أن "بوسيفاليس" كانت تفزع من ظلها عندما تراه أمامها فتجمح وتنفر كلما رأته، فتُسْقِط الفارس الذي يكون فوقها.
ولكي لا تفعل به ما كانت تفعله بالآخرين، عمد "الإسكندر" إلى جعلها تواجه "الشمس" كي يكون ظلها خلفها فلا تراه، ثم ركبها واستسلمت له وانطلقت به في مواجهة الشمس، فعرف هدفه الذي أصبح بالنسبة له واضحا. "لا تترك الشمس وراءك، بل اجعلها أمامك دائما".
ثالثا.. المحطة التي جسَّدت "التحدي"..
كان الفيلسوف الإغريقي "ديوجبن" أحد الفلاسفة القلة الذين شذو عن خط الفكر الإغريقي، ومال إلى النزعة البوذية المستعلية على الرغبات، فكان يقضي معظم وقته شبه عارٍ في برميل في مواجة الشمس. وقد حظي هذا الفيلسوف باحترام وإعجاب "الإسكندر"، فذهب إليه ليقابله وحوله حرسه وحاشيته. فلما وجده في البرميل اتجه نحوه وانحنى أمامه وقال له: "أنا معجب بك جدا يا ديوجين، ألا تريد من الإسكندر شيئا؟".
أجابه "ديوجين" بهدوء وثبات واستعلاء: "بلى أريد"..
فقال الإسكندر متحفزا ليلبي الطلب: "أطلب تُطَع"..
قال "ديوجين" متذمرا: "لقد حجبت عني بظلك نور الشمس يا ابن فيليب فابتعد من أمامي"..
ورغم كل ذلك لم يهتز الإسكندر وقال لديوجين على مسمع كل من كان حاضرا: "لو لم أكن الإسكندر لتمنيت أن أكون ديوجين"..
رابعا.. المحطة التي جسَّدت "الأمل"..
قبل أن ينطلق "الإسكندر" في فتوحاته العظيمة التي وصلت إلى أواسط آسيا، تبرع بكل أملاكه وأمواله لأصدقائه وأقاربه، الذين قالوا له جميعا باستغراب: وماذا تركت لنفسك؟.
قال بثقة ويقين: "الأمل"..
ثم اتطلق وهو يحمل في روحه "طموحا"، و"وضوحا"، و"تحديا"، و"أملا"، غير بها وجه العالم..