ليس ابن حماس بل ابن الشين بيت
محمد اسحق الريفي
مصعب حسن يوسف، نجل الشيخ حسن يوسف، أحد قادة حماس في رام الله، ليس الفلسطيني الأول الذي يتعرض لعملية ابتزاز خبيثة بدأت منذ أن أسقطه "الشين بيت" وأصبح عميلاً له، إلى أن ارتد عن الإسلام وفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ليكيل الشتم والاتهامات لحركة حماس والفلسطينيين والإسلام، بتحريض وابتزاز من منظمات صهيونية حاقدة، احتضنته ووظفته توظيفاً خبيثاً في خدمة الكيان الصهيوني وفي تشويه صورة الإسلام.
لقد حولت أبواق الدعاية الصهيونية مصعب إلى أداة رخيصة لتحقيق مآربها الخبيثة، فاستغلته أبشع استغلال، ليس فقط للنيل من المقاومة وتجميل صورة الكيان الصهيوني فحسب، بل أيضاً للنيل من الإسلام، ونعته بالعنف والإرهاب والتخلف، مكرساً نفسه لمحاربة "إله الإسلام" على حد تعبيره! ومن خلال التصرفات الصبيانية لمصعب، يتضح أنه رضخ تماماً للابتزاز، وباع عقله وضميره لمن أسقطه في الخيانة منذ أكثر من عشر سنوات، وتمادى في غيه بطريقة تثير الشفقة عليه، لأنه على ما يبدو يعاني من أمراض نفسية خطيرة.
احتفت أبواق الدعاية الصهيونية كثيراً بمصعب، واهتمت بقصته المأساوية، ونشرت تصريحاته غير المسئولة على نطاق واسع. وقامت منظمات صهيونية أمريكية برعايته، أبرزها "الوقف من أجل الحقيقة في الشرق الأوسط" (Endowment for Middle East Truth)، وهي منظمة داعمة للكيان الصهيوني، وهي تعمل بمثابة مركز أبحاث وسياسات في واشنطن، ولها علاقات وطيدة مع منظمات يهودية متطرفة مثل "آيش هاتوراه" ومقرها القدس المحتلة.
لا ترى هذه الجهات الخبيثة في إسقاط جهاز "الشين بيت" لمصعب أي مشكلة، بل تعده عملاً إنسانياً ساعد على حفظ حياة الصهاينة، وليس خيانة أو إسقاطاً أخلاقياً وأمنياً من أجل القتل والإفساد والتجسس على المقاومة الفلسطينية لصالح العصابات الصهيونية. ولم تتحدث هذه الأبواق، ولو تعريضاً، في سياق تناولها لقصة مصعب عن الابتزاز غير الأخلاقي الذي يتعرض له المواطن الفلسطيني قبل إسقاطه في العمالة للكيان الصهيوني. فمن المعروف أن أجهزة الاستخبارات الصهيونية تمارس عملاً قذراً ضد أبناء الشعب الفلسطيني، لإسقاطهم أخلاقياً وأمنياً، عبر اعتقالهم وتعذيبهم في الزنازين، ومنعهم من السفر، ... فقد اعتادت أجهزة الاستخبارات الصهيونية على اعتقال الشبان الفلسطينيين في حالات حرجة يكونون فيها في حالة ضعف شديد، كاعتقال الشاب قبل وقت قصير من زواجه، أو في اليوم التالي لزواجه، أو عند عودته لجامعته خارج فلسطين بعد قضاء إجازته بين أفراد عائلته، أو عند عودته من السفر إلى بيته، أو عندما يحتاج إلى السفر للعلاج من أمراض خطيرة ومستعصية في الخارج أو في مستشفيات الكيان الصهيوني، أو يتعرض لضائقة مالية كبيرة، أو يقع في مشكلة عائلة خطيرة، أو تقع عائلته في دوامة اقتتال مع عائلة أخرى...
وأنا هنا لا أبرر السقوط في العمالة، مهما كانت الظروف، ولكن أسلط الضوء على الأساليب القذرة والابتزاز الوحشي الذي يتعرض إليه الشاب الفلسطيني بخاصة، والمواطن الفلسطيني بعامة، على أيدي أجهزة الاستخبارات الصهيونية، في حالة ضعف شديد، ليستخدم بعد ذلك في تنفيذ عمليات تستهدف مواطنين آخرين، عبر إسقاطهم، وتستهدف المقاومين، وتساعد أجهزة الأمن الصهيونية على رصد المقاومين وإحباط عمليات المقاومة، إضافة إلى الإفساد والإخلال بالأمن والنظام، وإشاعة الفوضى، والتجسس لصالح الصهاينة والأمريكيين. هذه الأعمال غير الأخلاقية تعدها المنظمات الصهيونية عملاً إنسانياً وجرأة وشجاعة!
إن ما تقوم به هذه المنظمات الصهيونية وأبواق الدعاية الصهيونية لمصعب، من تهليل وتصفيق وتأييد كاذب، هو ابتزاز له، واستدراج له نحو مزيد من السقوط. ومع الأسف الشديد، استجاب مصعب لهذا الابتزاز، فبدأ يكرس نفسه للنيل من الفلسطينيين والإسلام والمسلمين بالطريقة التي ترضي الصهاينة والحاقدين. وما يؤكد ذلك أن مكتب الأمن الداخلي الأمريكي (Homeland Security) قد أصدر أمراً بترحيل مصعب، رافضاً منحه لجوءاً سياسياً، وسيقف مصعب يوم الأربعاء (30/6) أمام الأمن الداخلي في محكمة الهجرة، محاولاً إلغاء قرار ترحيله. وبعبارة أخرى، تأتي التصريحات المعادية للمقاومة والإسلام على لسان مصعب بالتزامن مع البت في أمر ترحيله، ولذا فهو يتعرض لعملية ابتزاز كبيرة وخطيرة، وما يزيد خطورة هذا الابتزاز أنه، كما يبدو من تصريحاته، يعاني من انهيار نفسي خطير، ما جعله يدلي بتصريحات معادية للفلسطينيين والإسلام، ويكيل المدح للكيان الصهيوني ويصفه بأنه يهتم بالفلسطينيين أكثر من اهتمام حماس وفتح بهم.
وأبواق الدعاية الصهيونية لا تكف عن وصف مصعب على أنه "ابن حماس"، بناء على وصفه لنفسه في كتاب له يحمل الاسم ذاته، ولكن في الحقيقة هو ليس ابن حماس، بل هو العاق لها ولوالده وعائلته وفلسطين، والبائع لنفسه بأرخص ثمن لجهاز "الشين بيت"، ولهذا فهو "ابن الشين بيت"، مع احترامنا لوالديه وعائلته الكرام. وهنا لا بد من التأكيد على أن الشيخ حسن يوسف، الذي يربض كالأسد أسيراً في سجون العدو الصهيوني، لا يحتاج إلى من يزكيه أو يدافع عنه، بل إن احترام هذا المجاهد هو تزكية للنفس. ونحن نقف بقلوبنا معه في هذه المحنة العصيبة، ونرجو الهداية لمصعب والعودة إلى صوابه وحضن عائلته وشعبه.
26/6/2010