مجالس محمود محمد شاكر
صدر حديثًا في الكويت كتاب تحت عنوان: قراءة أخرى في دفتر قديم.. من مجالس العلامة أبي فهر محمود محمد شاكر، للدكتور يعقوب يوسف الغنيم.
ومما هو جدير بالذكر أن هذا الكتاب قد سبقه كتاب آخر للمؤلف كان يتحدث عن الذكريات نفسها، وكان عنوانه: قراءة في دفتر قديم.. من مجالس العلامة أبي فهر محمود محمد شاكر - صدر العام الماضي - فقد جاء كتاب قراءة أخرى في دفتر قديم جزءا يكمل الكتاب الأول، ليضيف إلى المكتبة العربية إصدارًا مهمًا ومتميزًا، وقد آثر الغنيم كما يقول أن يكون عنوان الكتاب الثاني مقاربًا لعنوان الكتاب الأول، لأنهما من مصدر واحد، هو دروس العلامة محمود محمد شاكر..
يقول الغنيم في مقدمة كتابه:
من نعم الله تعالى على أنني استطعت بعد طول تردد تقديم الدروس التي تلقيتها أنا وزملائي عن أستاذنا العلامة الشيخ محمود محمد شاكر منذ سنة 1957، وكنت - بتوفيق من الله - قد كتبت ما كان يمليه علينا من دروس، فكانت كتابًا متكاملًا عندما أعدت نسخها وأضفت إليها بعض ما تذكرته من مجالس الشيخ، وأعددت لها بعض الحواشي التي لابد منها كان هذا الكتاب هو قراءة في دفتر قديم، وقد صدر في سنة 2011. وكنت قد وعدت بتقديم دروس أخرى من إملاء الشيخ غير ما جاء في ذلك الكتاب، لأن الدروس الأولى كانت عن قصائد عددها تسع وعشرون قصيدة من كتاب الأصمعيات لأبي سعيد عبد الملك بن قريب الأصمعي، وكانت الدروس الأخرى التي وعدت بتقديمها هي الدروس الخاصة بكتاب الكامل في اللغة والأدب، لأبي العباس المبرد، وكان الشيخ قد قام بتدريسنا في فترة من فترات التوقف عن قراءة الأصمعيات المقدمة وخمسة أبواب من هذا الكتاب القيّم. وهذا الذي أقوم به اليوم هو الوفاء بما وعدت به، والأداء لواجب عليّ تجاه شيخي الذي لا يمكن أن أنسى فضله أو علمه.
يعدُّ الدكتور يعقوب يوسف الغنيم من أعلام الكويت في المجالات الثقافية والبحثية، بفضل ما يتمتع به من ثقافة شاملة، وقلم واع، وقدرة على رصد أفكاره بكثير من التكثيف وبأسلوب شيق جذاب، وحرص على المعلومة وصدق في نقلها إلى الملتقى.. ولد عام 1941 في مدينة الكويت، وتخرج في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة 1961, وحصل على الماجستير والدكتوراه في النحو والصرف من نفس الكلية. عمل في بداية حياته العملية في مجال التدريس, ثم الإعلام, ثم وكيلًا لوزارة التربية, فوزيرًا لها، كما أن له مشاركات متعددة في مجالات الشعر والثقافة والتأليف.
يقول الغنيم عن محمود محمد شاكر:
ولا أظن أنني في حاجة إلى الحديث عن المرحوم محمود محمد شاكر وعن علمه وآثاره، فقد تناول ذلك عدد كبير من الكتاب، خصوصًا بعد وفاته، بالإضافة إلى ما كتب عنه من دراسات جامعية، بعضها منشور يستطيع أن يطلع عليه أي قارئ، كما أن مكانته العلمية معروفة شهد له بها إنتاجه، ونوه بها معاصروه، ويكفي أن نطلع على ما كتبه عنه الأستاذ يحيى حقي يوم أثار في مجلة المجلة المصرية موضوع ترجمة الشاعر الألماني جوته لقصيدة "تأبّط شرًّا"، اللامية الشهيرة، وهي التي تجد الحديث عنها في كتاب الأستاذ محمود شاكر: نمط صعب ونمط مخيف، الذي ضم فيه مقالاته التي كتبها حول تلك القصيدة، وما كتبه الدكتور يحيى الرخاوي في رثاء الفقيد تحت عنوان: دروس معه عبر خمسين عامًا، وكذلك ما كتبه الدكتور زكي نجيب محمود بعد اطلاعه على قصيدة القوس العذراء، التي اعتبرت قمة من قمم الشعر الحديث، المرتبط بالتراث العربي الأصيل... ولذلك، فإن من الأفضل في هذه الحالة أن أعود إلى العنوان الذي كتبته، وهو المتعلق بالدفتر القديم، وهذا الدفتر هو أحد أربعة دفاتر كتبت فيها ما كان يلقيه علينا الأستاذ في دروسه، ولم أترك شاردة ولا واردة في تلك الجلسات المباركة إلا وقيدتها، وحين أعود إليه الآن، فإنني أعود إلى منهل صاف من مناهل العلم، ازددت فيه علمًا، وعرفت فيه عددًا من الرجال الذين أعتز بهم، وأصبحت صلتي بهم كصلة النسب، لقد كانوا مقبلين على هذه الدروس، وقد أثرى نقاشهم وأسئلتهم تلك الحلقة الدراسية، مما كان يدفع الأستاذ إلى تقديم المزيد من ذلك البحر الزاخر بالمعرفة، مما تضمه جوانحه، فيسهم النقاش في تقديم المزيد من ذخائره.
واحتوى الكتاب، بعناوينه العديدة، على رحلة جذابة، اصطحبنا فيها الدكتور يعقوب يوسف الغنيم مع هذه الشخصية العربية النادرة، محمود محمد شاكر، المولود في مدينة الإسكندرية المصرية، في فبراير عام 1909، وكان والده وكيلًا للأزهر الشريف، ومن ثم انتقلت الأسرة إلى القاهرة، وتدرج محمود محمد شاكر في دراسته، إلى أن تخرج من المدرسة الخديوية الثانوية، ومنها التحق بالجامعة، التي لم يستمر فيها لخلاف كبير نشب بينه وبين الدكتور طه حسين، بسبب آراء الأخير في الشعر الجاهلي، وهاجر إلى جدة، التي أنشأ فيها مدرسة جدة الابتدائية، بناءً على طلب الملك عبدالعزيز آل سعود، واستمر في جدة حتى عام 1929، ثم عاد إلى مصر، وانصرف إلى كتابة المقالات في مجلتي الفتح والزهراء، وحصل على عدة جوائز، منها جائزة الدولة التقديرية في مصر، وجائزة فيصل العالمية عن كتابه "المتنبي".
وتعرض للأذى الشديد في عهد جمال عبد الناصر، وتوفي - يرحمه الله - في اليوم الثامن من شهر أغسطس لسنة 1997
الإسلام اليوم
عن الرقيم
سيرة العلامات والنجوم
جهة الباحة من مكتبة أستاذنا محمود محمد شاكر رحمه الله