هذه في عجالة شديدة
نقاط يجب التوقف عندها ،
في فعل الإختيار ،
أولـهــــا : -
ماجاء في الحديث الشريف المروي عن سعد
وأصله كما جاء في مسند الإمام أحمد ،
عَنْ اِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ اَبِي وَقَّاصٍ،
عَنْ اَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، سَعْدِ بْنِ اَبِي وَقَّاصٍ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ ادَمَ اسْتِخَارَتُهُ اللَّهَ
وَمِنْ سَعَادَةِ ابْنِ ادَمَ رِضَاهُ بِمَا قَضَاهُ اللَّهُ
وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ ادَمَ تَرْكُهُ اسْتِخَارَةَ اللَّهِ
وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ ادَمَ سَخَطُهُ بِمَا قَضَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
المسألـــة الثانيــة : -
هناك أمور تختلط على الكثيرين
في معنى ومفهوم الحديث المروي عن جابر
في كل كتب الصحاح ، وأصله : -
عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ
كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الْاُمُورِ كُلِّهَا
كَالسُّورَةِ مِنْ الْقُرْانِ
اِذَا هَمَّ بِالْاَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ
ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُمَّ اِنِّي اَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ
وَاَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ
وَاَسْاَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ
فَاِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا اَقْدِرُ
وَتَعْلَمُ وَلَا اَعْلَمُ
وَاَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ
اللَّهُمَّ اِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ اَنَّ هَذَا الْاَمْرَ خَيْرٌ لِي
فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ اَمْرِي
اَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ اَمْرِي وَاجِلِهِ
فَاقْدُرْهُ لِي
وَاِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ اَنَّ هَذَا الْاَمْرَ شَرٌّ لِي
فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ اَمْرِي
اَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ اَمْرِي وَاجِلِهِ
فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ
وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ
قـــولــه :
( في الأمور كلها )
هو عام أريد به الخصوص ،
فان الواجب والمستحب لا يُستخار في فعلهما
والحرام والمكروه لا يُستخار في تركهما ،
فإنحصر الأمر في المباح وفي المستحب
إذا تعارض منه أمران أيهما يبدأ به ويقتصر عليه .
قـلـــت :
وتدخل الإستخارة فيما عدا ذلك في الواجب والمستحب المخير،
وفيما كان زمنه موسعاً ،
ويتناول العموم العظيم من الأمور والحقير،
فرب حقير يترتب عليه الأمر العظيم .
وقــولــه " إذا هــم "
وترتيب الوارد على القلب على مراتب
الـهـمـة
ثــم اللـمـة
ثــم الـخـطـرة
ثــم الـنـيـة
ثــم الإرادة
ثــم الـعـزيـمـة ،
فالثلاثة الأولى لا يؤاخذ بها بخلاف الثلاثة الأخرى ،
فـقـولـــه
" إذا هـــم "
يشير إلى أول ما يرد على القلب يستخير
فيظهر له ببركة الصلاة والدعاء ما هو الخير،
بخلاف ما إذا تمكن الأمر عنده وقويت فيه عزيمته وإرادته
فإنه يصير إليه له ميل وحب
فيخشى أن يخفى عنه وجه الأرشدية لغلبة ميله إليه.
قــيــل :
ويحتمل أن يكون المراد بالهم العزيمة
لأن الخاطر لا يثبت
فلا يستمر إلا على ما يقصد التصميم على فعله
وإلا لو إستخار في كل خاطر
لإستخار فيما لا يعبا به فتضيع عليه أوقاته .
المســألـة الثــالـثـة : -
لما نَزَلَتْ عَلَيْهِ ( صلى الله عليه وسلم )
هَذِهِ الايَةُ { يَا اَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لاَزْوَاجِكَ}
حَتَّى بَلَغَ { لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ اَجْرًا عَظِيمًا }
قَالَ فَبَدَاَ بِعَائِشَةَ فَقَالَ
" يَا عَائِشَةُ اِنِّي اُرِيدُ اَنْ اَعْرِضَ عَلَيْكَ اَمْرًا
اُحِبُّ اَنْ لاَ تَعْجَلِي فِيهِ حَتَّى تَسْتَشِيرِي اَبَوَيْكِ " .
قَالَتْ وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ
فَتَلاَ عَلَيْهَا الايَةَ
قَالَتْ اَفِيكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اَسْتَشِيرُ اَبَوَىَّ
بَلْ اَخْتَارُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الاخِرَةَ
وَاَسْاَلُكَ اَنْ لاَ تُخْبِرَ امْرَاَةً مِنْ نِسَائِكَ بِالَّذِي قُلْتُ
. قَالَ " لاَ تَسْاَلُنِي امْرَاَةٌ مِنْهُنَّ اِلاَّ اَخْبَرْتُهَا
اِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنِّتًا وَلاَ مُتَعَنِّتًا
وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا " .
أو قَالَ - يَا عَائِشَةُ اِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ اَمْرًا
فَلاَ عَلَيْكِ اَنْ لاَ تَعْجَلِي فِيهِ حَتَّى تَسْتَاْمِرِي اَبَوَيْكِ " .
ثُمَّ قَرَاَ عَلَىَّ الايَةَ :
{ يَا اَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لاَزْوَاجِكَ} حَتَّى بَلَغَ { اَجْرًا عَظِيمًا}
قَالَتْ عَائِشَةُ قَدْ عَلِمَ وَاللَّهِ اَنَّ اَبَوَىَّ لَمْ يَكُونَا لِيَاْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ
قَالَتْ فَقُلْتُ اَوَفِي هَذَا اَسْتَاْمِرُ اَبَوَىَّ
فَاِنِّي اُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الاخِرَةَ .
قَالَ مَعْمَرٌ فَاَخْبَرَنِي اَيُّوبُ اَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لاَ تُخْبِرْ نِسَاءَكَ اَنِّي اخْتَرْتُكَ
فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
" اِنَّ اللَّهَ اَرْسَلَنِي مُبَلِّغًا وَلَمْ يُرْسِلْنِي مُتَعَنِّتًا " .
قَالَ قَتَادَةُ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا مَالَتْ قُلُوبُكُمَا.
المـسـألـة الرابـعــة : -
حَدَّثَنَا اَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا اَبُو اُسَامَةَ،
عَنْ هِشَامٍ، عَنْ اَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ،
قَالَتْ مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ اَمْرَيْنِ
اَحَدُهُمَا اَيْسَرُ مِنَ الاخَرِ
اِلاَّ اخْتَارَ اَيْسَرَهُمَا
مَا لَمْ يَكُنْ اِثْمًا فَاِنْ كَانَ اِثْمًا كَانَ اَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ .
الـمسـألة الخـامـســة : -
{ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ
مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ
سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ }
سورة القصص - سورة 28 - آية 68
وفيه تنبيه على كونه قادراً على كل الممكنات،
وعالماً بكل المعلومات،
منزهاً عن النقائص والآفات
يجازي المحسنين على طاعتهم
ويعاقب العصاة على عصيانهم
وفيه نهاية الزجر والردع للعصاة
ونهاية تقوية القلب للمطيعين،
المـسـألـة السـادســة : -
{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ
إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا
أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ
وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُّبِينًا }
سورة الأحزاب - سورة 33 - آية 36
يُستفاد من هذه الآية
أن لا ينبغي أن يظن ظان أن هوى نفسه متبعه
وأن زمام الإختيار بيد الإنسان كما في الزوجات ،
بل ليس لمؤمن ولا مؤمنة أن يكون له إختيار
عند حكم الله ورسوله
فما أمر الله هو المتبع
وما أراد النبـي هو الحق
ومن خالفهما في شيء فقد ضل ضلالاً مبيناً،
لأن الله هو المقصد والنبـي هو الهادي الموصل،
فمن ترك المقصد ولم يسمع قول الهادي فهو ضال قطعاً.
الــمـسـألة السـابـعـة : -
إختار سيدنا موسى سبعين رجلاً
فما خرج منهم رشيد ،
وإختار سيدنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم
إبن أبي السرح كاتباً للوحي
فلحق بالمُشركين مرتداً ،
وإختار سيدنا علي إبن أبي طالب
أبو موسى الأشعري حكماً ،
فحكم علية ،
*******************
هذه في عجالة شديدة نقاط يجب التوقف عندها ،
في فعل الإختيار، والأوجب ترك وتفويض الأمور كلية لله
تبارك وتعالى بعد الأخذ بالأسباب كلها .
والله تعالى أعلى وأعلم ،
وبه الهداية ومنه التوفيق .
كتبه :
راجي عفو الله تعالى ورضاه ،
محمد هشام إبن محمد نور الدين .
نأمل ذكر المصدر ( منتديات أم فراس الثقافية ) عند نقل المُشاركة .