بكتاب حقق رواجا: خبير عالمي يضع سبع عادات لتطوير الذات
بكتاب حقق رواجا: خبير عالمي يضع سبع عادات لتطوير الذات
رانيـا صالح
لا يمكن تجاهل كتاب في تطوير الذات بحجم وقيمة "العادات السبع للناس الأكثر فعالية" أو "The 7 Habits of Highly Effective People" لستيفن كوفي والذي يتربع على عرش الكتب الأكثر مبيعا منذ صدور أول طبعة له. وقد بيع منه حتى الآن أكثر من 15 مليون نسخة.
يحظى دكتور ستيفن كوفي باحترام دولي كبير ، فهو خبير استشاري للعديد من الشركات والمنظمات, كما انه نائب رئيس وأحد مؤسسي شركة فرانكلين كوفي, الشركة العالمية الرائدة في الخدمات المهنية. و كوفي حاصل على شهادة الماجستير في ادارة الأعمال من جامعة هارفارد وعلى الدكتوراه من جامعة بريجهام يونج حيث عمل بها كأستاذ السلوك التنظيمي وادارة الأعمال وكذلك شغل منصب مدير العلاقات بها ومساعدا لرئيسها.
الكتاب يأتينا في 378 صفحة من القطع الصغير أو الجيب ويتكون من أربعة أبواب. يقدم الباب الأول مدخلا للعادات السبع. ثم يتم سرد تلك العادات بالتفصيل مع اقتراح تطبيقات لكل منها في الأبواب الثلاثة الأخرى ؛ حيث يقدم الباب الثاني العادات الثلاثة الأولى التي تحقق نصرا شخصيا ، ثم يقدم الباب الثالث العادات الثلاث التالية التي تقدم نصرا جماعيا ، أما الباب الأخير فهو عن العادة السابعة والتي تعتبر فاكهة العادات الست الأخرى.
يرى كوفي بأننا قد انتقلنا من العصر الصناعي الى ما يسمى بعصر المعرفة أو Information / Knowledge Worker Age. كما يرى أنه كلما كثرت صعوبات تحدياتنا كلما كانت العادات السبع مناسبة أكثر. ويؤكد أن مشاكلنا كونية ليست من صناعة البشر وحلولها بديهية تصلح لأي فرد حول العالم ، وكل ما يفعله المؤلف هو مساعدتنا في التعرف عليها وتنظيمها بشكل يسهل فهمه .
يأخذنا كوفي في رحلة مهمة للتعرف على النماذج أوparadigms الخاصة بنا ، موضحا أن كلمة نموذج يونانية الأصل وتعني الطريقة التي نرى بها العالم, ليس طبقا لحاستنا البصرية, ولكن بناءا على تفسيرنا وفهمنا وادراكنا. ويقول بأن كل واحد منا لديه خرائط في رأسه للمشكلات التي تصادفه والتحديات والتي يمكن تصنيفها الى فئتين رئيسيتين: خرائط للأمور كما هي في الواقع وخرائط لأمور كما ينبغي أن تكون. وتكمن اهمية العادات السبع التي يتحدث الكتاب عنها في أنها تمكننا من وضع خرائط صحيحة إلى حد بعيد ، وبالتالي إدراك مشكلاتنا وحلولها بصورة أفضل . وسوف نستعرض مع الكاتب أبرز تلك العادات ..
العادة الأولى: لتكن سباقا
تعني تلك العادة أننا كبشر يجب أن نكون مسئولين عن حياتنا وأن مواقفنا يجب أن توظف تبعا لقراراتنا وليس تبعا لظروفنا ، فلابد أن تبادر لجعل الأمور تحدث ، فالشخص السباق هو الذي لا يلوم ظروفه ولا حاله ولا يبرر طبيعة موقفة تبعا لذلك. والشخص السباق تكون مواقفه نابعة من اختيار واعى وعلى أساس قيمه وليس نتاج ظروفه ومشاعره ، وهذا بعكس الشخص ذو التفاعل الارتكاسي أو Reactive والذي تتأثر مواقفه بالبيئة المحيطة به أو بحالة الطقس أو بطريقة معاملة الناس له.
من السهل تمييز ما اذا كنا سباقين أم لا من خلال التمعن في المفردات اللغوية التي نستخدمها ويستخدمها من حولنا. فمثلا الشخص الارتكاسي يقول "لا أستطيع عمل شئ" مقابل السباق الذي يقول "دعونا ننظر في البدائل" و"هو من جعلني أخرج عن شعوري" مقابل "أستطيع السيطرة على مشاعري" و"أنا مضطر لعمل هذا" مقابل "أنا ساختار الاستجابة المناسبة" و"لا استطيع" مقابل "أختار" و"لابد لي" مقابل "أفضل" و"لو" مقابل "سأقوم".
كل منا له ما يعرف بدائرة الاهتمام أو the Circle of Concern والتي قد تشمل صحتنا وأسرتنا ومشاكلنا في العمل, الخ. وداخل دائرة الاهتمام نستطيع أن نرى بوضوح بعض الأشياء التي ليس لدينا عليها أي رقابة حقيقة وأشياء أخرى تعتبر تحت سيطرتنا. نستطيع تحديد هذه المجموعة الأخيرة داخل دائرة صغيرة للنفوذ أو the Circle of Influence.
يركز الشخص السباق مجهوداته وطاقاته الايجابية داخل دائرة النفوذ مما يترتب عليه زيادة هذه الدائرة. والعكس صحيح، يركز الشخص ذو التفاعل الارتكاسي مجهوداته داخل دائرة الاهتمام مما يترتب عليه تقلص في هذه الدائرة.
العادة الثانية: أبدأ وأنت تفكر في النهاية
علينا أن نبدأ اليوم ومعنا تصور أو نموذج لشكل حياتنا كاطار مرجعي نختبر فيه كل خطوة حتى نكون متأكدين أن ما نفعله في يوم معين لا يتعارض مع المعايير التي حددناها بما هو مهم, وانه في كل يوم من حياتنا نساهم بطريقة مجدية في الرؤية لدينا لحياتنا ككل. المشكلة التي تواجهنا هي أننا أحيانا يتم تشكيل الكثير من حياتنا بشكل افتراضي عن طريق أناس آخرين. ومن هنا علينا اعادة كتابة السيناريو الخاص بنا.
العادة الثالثة: رتب أولوياتك
يعتبر تطبيق العادة الأولى والثانية تمهيدا للعادة الثالثة. فلو العادة الأولى تقول "انت المبرمج" والعادة الثانية تقول "اقرا البرنامج" فالعادة الثالثة تقول "شغل البرنامج" و "عيش البرنامج". تعتمد هذه العادة على تفعيل ثقتك في قدراتك كدافع لتحقيق ما تريده .
يرى كوفي أننا نقضي وقتنا في واحدة من أربعة طرق ؛ إما في أمور مهمة وملحة أو في أمور مهمة ولكنها ليست ملحة أو أمور غير مهمة ولكنها ملحة أو أمور غير مهمة وغير ملحة. والمشكلة في الطريقة الثانية هي أن كثير من الأمور المهمة لا نفعلها لأنها فقط غير ملحة .
ومع تطبيق العادات السابقة نكون بذلك استشعرنا حالة النصر الشخصي حيث تصبح شخصيتنا سباقة ولها تصور نهائي لأهدافها وتعلم كيف تتعامل مع أولوياتها.
العادة الرابعة: الجميع رابحون
أيا كنت رئيسا لشركة أو حارسا فان اللحظة التي تخطوها من الاستقلالية الى الترابط في أي مقياس هي الخطوة للقيام بدور قيادي وبالتالي تكون في وضع يمكنك التأثير على الآخرين.
"مفهوم يربح فيه الجميع" هو حالة ذهنية تسعى باستمرار للمنفعة المتبادلة ، فمع "مفهوم يربح فيه الجميع", كل الفئات تشعر بارتياح للقرار وتشعر بالتزامها للخطة الموضوعة. هذه العادة ترى الحياة كتعاون وليس كمنافسة ، يتطلب هذا المفهوم تحولا نموذجيا لان ثقافتنا في الأساس مبنية على المنافسة، فلابد من التحول من الاستقلالية الى المشاركة أو من "أفوز وأنت لا" الى "كلنا نفوز".
العادة الخامسة: افهم أولاً
يستلزم "السعي لتفهم أولا" تحول عميق جدا داخلك ؛ فمعظم الناس لا يصغون بقصد الفهم, انما بقصد الرد. هم اما يتكلمون بالفعل أو يستعدون للكلام. يجب أن يكون الاستماع بقصد الفهم. الاستماع الجاد يجعلك تدخل الى الاطار المرجعي الداخلي للمتحدث فترى العالم كما يراه وتفهم نموذجه وكيف يشعر.
ولكن ينبه كوفي أن الاستماع الجاد له أيضا مخاطره ، فعندما تدخل في استماع عميق, فانت بذلك تكون عرضة للتأثر وتصبح ضعيفا. وهذه هي المفارقة. لكي يكون لك تأثير على شخص ما, عليك أن تتأثر. أما السعي لتكون مفهوما, النصف الآخر من العادة الخامسة, يتطلب أن تكون شجاعا. فعندما تعرض أفكارك بوضوح فتكون محددة ومرئية و داخل السياق, فانت بذلك تزيد من مصداقية أفكارك عند الناس.
العادة السادسة: التآزر
يمكن تعريفها بأن الكل يكون أكبر من مجموع أجزائه. يرى كوفي أن وزن قطعتين من الخشب أكبر من مجموع وزن كل قطعة منهما على حدا. فاذا قمنا بزراعة شجرتين متلاصقتين, يؤدي هذا الى التحام جذورهما لتصبحا أقوى من زراعتهما كل على حدا. أي أن واحد زائد واحد يساوي ثلاثة أو أكثر. ويرى كوفي أن قيمة الاختلاف بيننا هو جوهر التآزر. وعليه فعلينا أن نمتلك الشجاعة في أن نفتح أنفسنا للناس ونعبر عن أفكارنا ومشاعرنا وخبراتنا وتجاربنا بطريقة تشجع غيرنا لينفتحوا هم أيضا. نحن لا نحتاج أن نوافقه عندما يختلف معنا أحدهم، لكننا نحتاج ببساطة أن نؤكد له على أن الاختلاف يعني أن كل منا يرى بطريقة مختلفة.
العادة السابعة: سن المنشار
وتقوم على مبدأ التجديد الذاتي المتوازن والتي تشمل تجديد لأبعاد طبيعتنا: البعد المادي والروحي والعقلي والعاطفي\الاجتماعي. حيث يهتم البعد المادي بكل ما يتعلق باحتياجات الجسد مثل تناول أطعمه صحية والحصول على قدر كافي من الراحة والاسترخاء. نحن في حاجة الى تجديد البعد الروحي لتحقيق القيادة في حياتنا وأيضا التجديد في البعد العقلي بتوسيع مداركنا الفكرية من قراءة وكتابة. فبعد الانتهاء من فترة المدرسة، كثير منا يترك عقله في ضمور بعد أن اختفت القراءة الجادة أو التفكير المبني على التحليل أو حتى الكتابة على أساس نقدي أو القدرة على التعبير عن أنفسنا أو محاولة استكشاف مواضيع جديدة خارج نطاق نشاطاتنا. والبعد العاطفي والاجتماعي في حياتنا مترابطين معا لأن حياتنا العاطفية تتطور مع علاقاتنا بالآخرين.
فمن خلال العادة السابعة, يتم تجديد منتظم ومتوازن للأربعة أبعاد الاساسية في الحياة. فهي عادة التحسين المتواصل التي تخلق نموا متصاعدا يتركنا في مستويات جديدة من الفهم وبالتالي نعيش كل واحدة من العادات كما آمنا بها تدريجيا على مستوى أعلى.
تمكنا العادات السبع من الخرائط الصحيحة والتي يمكن للفرد من خلالها حل المشاكل بفاعلية لتحقيق الحد الأقصى من الفرص ومواصلة التعلم ودمج المبادئ الأخرى في نمو متصاعد.
منقول