يا إلهي لقد رأيتهم للتو في الممر الأمامي للمنزل. إنها صديقتك المقربة وابنها ,ذلك الطفل المدمر! الذي يسقط المربي فوق الأريكة !ويكتب على الستائر!ويخيف الحيوانات الأليفة ...هل ستفتحين لها الباب؟ أم آن وقت الاختباء منها؟
إن التهذيب من الأشياء المثيرة للمرح ! فأنت لا تلاحظه بوضوح إلا عندما يغيب . كلنا يعرف شخصا على الأقل خارج نطاق السيطرة قد يتحول الحصول على العون إلى مشكلة في بعض الأحيان بالنسبة لكل أب تقريبا,فمعظم الأسر الأسترالية اليوم تشعر بالتخبط حيال مفهوم التهذيب.
غير أن هناك عدد صغير من الأسر في المقابل يبدو أنها قد وجدت طريقها . مالسر؟
إن مثل هؤلاء الآباء ينادون أبناءهم الصغار(تعال هنا الآن )فيلبي الطفل نداء أبويه في الحال ! تزورهم في المنزل فيعتريك الذهول, حيث تجد طفل العاشرة يعد الشاي للأسرة , ويتصل الابن المراهق على الهاتف كي يخبرهم بأنه سيعود إلى المنزل مبكرا .
إن هؤلاء الأطفال لا يشعرون بالخوف بل هم سعداء مفعمون بالتفاؤل والاسترخاء . كيف نجح مثل هؤلاء الآباء في تقيق ذلك ؟
كلنا يتوق إلى أبناء مهذبين لسبب واحد بسيط وهو أنه من شأنه أن يجعل الحياة أكثر يسرا . إن الاستسلام للأطفال لا يجعل الحياة أكثر سهولة , فالأب الذي يخشى أن يضع حدودا يجد حالة أبنائه تزداد سوءا يوما بعد يوم.فبدون قواعد واضحة قد تقضي يومك كله في نزاع مع ابنك دون أن يشعر أي منكما أنه في حالة طيبة في نهاية المطاف, غير أنك إذا كنت تملك أسلوبا تهذيبيا ناجحا , فسوف تستطيع حل المشكلات على الفور , كما أنك سوف تشعر بالسعادة .
غير أن الأمر يتخطى هذا المفهوم , فنحن لا نحقق التهذيب من أجل سلامتنا فقط , أي أن الوضع لا يقتصر على وضع قوانين ونظم. إن الأبناء هم السبب في الحياة المضطربة , لذا فإن الهدف الحقيقي من وراء التهذيب هو تعليم أبنائك كيفية التفاعل مع العالم من حولهم بسعادة وسهولة.
بدون بعض الحزم من جانب الآباء لا يستطيع الطفل تنمية قدرته الداخلية على السيطرة على نفسه , ويظل يتصرف كأنه ابن في الثانية من عمره , حتى عندما يبلغ الخامسة , أو الخامسة عشرة , أو الخامسة والعشرين , فبدون ذلك الانظباط الداخلي , سوف تتحول حياة الطفل إلى فوضى , إن الأب والأم اللذين يسمحان لأبنائهما أن يتصرفوا كما يحلو لهم , إنما يجعلانهم عاجزين في واقع الأمر عن العيش في العالم الحقيقي .
وقد ينتهي بهم المطاف إلى الشعور بالتعاسة والإخفاق : في العمل والزواج , ويعانون من مشاعر الوحدة والغضب , بل قد يودعون السجون , أما الطفل الذي تعلم من أبويه كيف يهذب نفسه , فسوف يعرف كيف يتفاوض مع العالم , ويبقى بمنأى عن الالمشكلات ويصبح حرا بالفعل .
إن التهذيب يعني أن تتواءم مع نفسك ومع غيرك . .. ليس هناك –بعد الحب – ماهو أهم من التهذيب كي تمنحهم إياه , ولكن ليس ذلك النوع من التهذيب الذي اعتدنا أن توحي به هذه الكلمة .
إن الوسيلة التي تستطيع بها تحقيق هذا التهذيبالذي نوصي به هي ما يسمى ب (الحب الحازم) أي أنه ينبع من حب الآباء لأبنائهم .
إن الأب اللذي يطبق مفهوم الحب الحازم يقول لابنه ( أنا أحبك , و لذلك سوف أمنعك من التصرف على هذا النحو )
إن مثل هؤلاء الآباء يجمعون بين الحب والحزم معا أي أن الأب لا يضرب ولا يؤذي المشاعر , أو يلوم , ولكنه مع ذلك يبقى حازما .