يوسف الطفل العراقي .. الذي أحرقه شر الإرهابيين
10 عمليات جراحية لترقيع الوجه في انتظاره .. وعلاج نفسي لمساعدته على التكيف
يوسف الطفل العراقي قبل تعرضه للحرق .. ثم في انتظار عدد من عمليات التجميل
كاليفورنيا: شيرمان اوكس
فحص يوسف غرفة الفحص الطبي، وكانت عيناه البنيتان تنتقلان من الارضية الى الحائط الى السقف. وربتت امه على شعره ثم على جبهته لإشعاره بالراحة قبل ان يدخل الدكتور الغرفة.
وقبل اسبوع، استقل الطفل العراقي في الخامسة من عمره والمصاب بحروق بالغة الطائرة من عمان مع اسرته، في اول رحلة له في طائرة. والان بعد اكثر من 7500 ميل، كانت امه وابوه وشقيقته البالغة من العمر 14 سنة معه في مركز غروسمان للحروق في قلب كاليفورنيا.
ودخل الدكتور بيتر غروسمان الى غرفة الفحص تعتلي وجه ابتسامة دافئة. وامسك بيد يوسف. وادار الطفل وجهه خجلا ووضع رأسه في بين ساقي والده.
وقال الدكتور غروسمان وهو جراح تجميل يملك 12 سنة من الخبرة من بينها مساعدة طفلة صغيرة ذاب وجهها على كتفيها بعد حادثة فظيعة «هذا ليس بالشيء غير العادي». وتحدث الدكتور غروسمان وهو اب لطفلين، بهدوء وطمأن يوسف انهما سيتصادقان.
وقال لوالديه «نبذل كل ما يمكننا لجعله في وضع افضل». وربما تحت تأثير الألم الذي عاناه في مستشفيات بغداد بدأ يوسف يبكي ووالده يحمله الى سرير الفحص. ولكن الطفل توقف عن البكاء عندما قال له والده ان يترك الطبيب يؤدي عمله. وهمس والده «من هو الشجاع؟ يوسف» واضاف «أتعهد لك بأنه لن يصيبك بأذي».
واخرج غروسمان شريط قياس واخذ مقاييس الجروح تحت ذقن الولد وحول انفه. كما فحص حروق في يد يوسف وجبهته واذنه اليمنى. وخلال الفحص رفع يوسف رأسه للخلف وفتح فمه بقدر الامكان لكي يفحصه الدكتور. ولكن شفتيه انفصلت بالكاد بسبب الاورام الجلدية. وقال غروسمان «ما نريده في النهاية ان يتمكن من فتح فمه الى اقصى درجة بقدر الامكان».
ويواجه يوسف «ما بين 8 الى 10 عمليات، وربما اكثر، في فترة تتراوح ما بين 6 الى 8 شهور. كما سيتلقى علاجا سيكولوجيا لمساعدته على التكيف. وكانت مجموعة من الرجال الملثمين قد خطفوا يوسف في 15 يناير الماضي من امام منزله في وسط بغداد، وألقى عليه بنزين واشعلوا فيه النار.
واوضح غروسمان انه لن يتمكن من ازالة كل التشويهات. ولكنه على ثقة من اننا «يمكننا جعله في وضع افضل. سنبذل كل ما في وسعنا لتحقيق تقديم».
وأومأت ام الولد برأسها وقالت للطبيب «اريد ان يتمكن ابني من الابتسام مرة اخرى».
وجرى تقديم يوسف الى الأطباء الاخرين طبيب اطفال وطبيب تخدير. وكان الولد يحتضن والده. وعيناه السودوان تراقب كل ما يدور حوله.
ويمكن ان تجري اول عملية له في الاسبوع المقبل وتشمل عدة اجراءات. فسيقطع غروسمان الانسجة المشوهة حول انه ويضع جلدا مؤقتا من جثة مكانه.
وقال غروسمان «سنضع بالونا ايضا تحت الجلد الجيد تحت رقبته وعلى وجهه. والغرض من ذلك هو مد الجلد الطبيعي، بحيث نتمكن خلال ثلاثة شهور من اجراء جراحات اخرى، لإزالة الانسجة المشوهة وجذب الجلد الجيد محلها».
وفي النهاية سيعمل غروسمان على اصلاح الشفة العليا ليوسف. «سنجعلك افضل بكثير».
وانهى الدكتور تلك الجلسة الاولى. وصافح يده. وحاول تعليم يوسف حركة اميركية تقليدية لمس قبضتيك بعضهما البعض دليلا على الموافقة.
وشاهد يوسف واستمع. ومد قبضته ثم سحبها. ونظر لوالده ثم ضرب قبضته بقبضة والده. الشخص الوحيد الذي يثق به الطفل. وربت أبوه على شعره وقبله على رأسه. لقد خاطر الأب بالكثير لهذه اللحظة. لقد كانت هذه اكثر من مجرد رحلة من العراق لأميركا. وقال والده «أنا مرهق عاطفيا. لقد انتقلنا من الموت الى حياة جديدة».
الصور