طلبت من صاحبي أن يسرع في الخطى كانت الساعة تقترب من الثانية ظهرا والطقس حارا، لكن صوتي لم يصل إلى سمعه بسبب أصوات السيارات المتزاحمة ، مسحت العرق من أعلى جبهتي ثم اطلقت نداء آخر وبصوت مرتفع وهو غير مكترث يرسل بصره في كل اتجاه ، يده قد ملئت بالمكسرات التي تملأ جيوبه يصوبها نحو فمه بحركة بطيئة .
ايه الجمل تحرك ... نظرا الي بعبوس ثم أطبق بعينيه إلى اﻻرض وواصل السير ، وبعدها توقف ....
وأشار بيده التي راحت بعض المكسرات تتساقط منها ..
وقال : انظر الى تلك اللوحة انها تشير إلى قبره صوبت بصري نحوها ، حقا انها تشير المكان الذي نقصده , لقد تغيرت معالم الشارع كثيرا عندما زرته آخر مرة قبل خمس سنوات مضت ، لقد كنت في شغف لتكرار الزيارة للبحث عن بلسم لما يساورني من هم مؤلم غائر في داخلي .
أثناء السير كان هناك مقهى جديد في نهاية الشارع يغص بالزبائن أصواتهم تتعالى كلما اقتربنا منه ، توجه صاحبي إليه , وادركت انه سوف يجلس فيه بدون شك ، فهو من مرتاديها وله عراقة معها ، فهو في حيه يقضي أكثر وقته في مقهى حارته ، زرته مره في مقهى حارته الذي كان قديما في بناءه وأثاثه عتيق طاولات متسخة وكراسيه مختلفة الأحجام أغلبية المتواجدين فيه هم على شاكلت صاحبي كانت تنتشر على أرضيته بقايا مكسرات وقشورها لقد أدخلها صاحب المقهى لكي يزيد من عدد رواده ، لم يقتصر اﻻمر على ذلك بل كان هناك حكواتي يجلس في داخل المقهى لم يكن يقرا من كتاب بل يرسل النكت السمجة .
التفت الي صاحبي وقال : لقد تعبنا من السير دعنا نرتاح قليلا ، اذعنت له بعدما تسربت رائحة القهوة إلى أنفي ، وجلسنا في مقدمة المقهى الذي كان حديثا ونظيفا .
راح صاحبي يرتشف القهوة على مهل مع تناول بعض من المكسرات بشراهة ، أما انا فرحت افحص جنبات المقهى ، وبينما اجول ببصري ، وصل إلى سمعي حوار من خلفي ولكن كان بشكل خافت إلى حدما ، سمعت الرجل الذي يجلس خلفي يقول وبلغته اﻻجنبية التي ﻻول مره اسمعها في بلدي والتي درست فصلا عنها في الجامعة .
قال الرجل : إننا قريبون من قبر قائدهم الذي يفتخرون به ، رد اﻻخر باستخفاف وبسخرية، لن يتكرر فالزمن لنا ولن تقوم لهم قائمة أن الجنرال هنري غورو قال ( ياصلاح الدين أنت قلت لنا إبان حروبك الصليبية أنكم خرجتم من الشرق ولن تعود إليه وها نحن عدنا فإنهاض لترانا في سوريا ) .
تدفق الدم لوجهي بعدما استفزتني تلك العبارات ، ونظرت إلى صاحبي وقلت دعنا نغادر المكان ، فقال صاحبي : أننا لم نكمل قهوتنا
بعد ، امعنت النظر إليه بشدة فأصبت بعدوى البلادة ، وقلت في داخلي رحمك الله يا صلاح الدين ، وطلبت من صاحبي أن يناولني بعض من المكسرات التي أقبلت عليها بنهم .