الحمد لله حمدا يمطر لي سحائب عفوه وحلمه ،
وتغشاني به يوم القيامة سكينة لطفه وظله
والصلاة والسلام على من لا سعادة يومها إلا برفقته وقربه
وعلى صحابته الأصفياء
ومن شايعهم على حبه صلى الله عليه وسلم بصدق ووفاء
أما بعد ،
ما توفي النبي صلى الله عليه وسلم إلا وأمته على البيضاء ،
ليلها كنهارها في استنارة التصور والتصرف ،
لا تكاد فتنة تطوف بعقولها ونفوسها حتى تكفها ثغور رشد ويقينها .
فأدى صلى الله عليه وسلم أمانة بعثته ورسالته
على النحو الأكمل الأمثل بسيرة الإمام الأمين العادل ، القوي الباسل ،
الحريص على ساحة أمته أن تستباح ، وعلى مهابتها أن تثلم فتزاح .
وظلت أمته صلى الله عليه وسلم قرونا لا يجرؤ على اقتحام تخومها باغ ،
ولا يجد إلى الإيقاع خلال صفها مَراغ .
ثم خلف خلف باعوا مهابتها لعدوها جملة ، فخربوا حصونها من داخلها ،
وأتلفوا شعائر الإيمان ، وجعلوا لأهل الشهوات الجاه والسلطان ،
حتى صارت كما قيل أذل من بيضة البلد ..
فهذه أبيات يسيرة سال بها خاطر مكدود مهدود حسرة وأسفا ،
بددت قراره دجى فتن قاصمة لم تزل تتوالى ،
تقلب الأمة على لظى الهوان تقليبا ، فلما ألفى مُهود احتضانه مخالبا ،
ومسالك السلامة في عرف الوقت معاطبا ، أوكل إلى مولاه كافة حاله العليل ،
وسأله الثبات ، والعون على الصبر الجميل .
أشعرت حبَّك ذاتي
أَشْعَرْتُ حُبَّكِ مِنِّي الذَّاتَ وَالنَّسَبَا = وَعُدتُ أُعْلِيهِ كَسْبِي الْيَوْمَ وَالْحَسَبَا
لاَ أَبْتَغِي عَرَضاً يَجْتَثُّ خَافِيَتِي = أَوْ مِنْحَةً مِنْ مَتَاعٍ لُبِّسَتْ ذَهَبَا
أَبْغِي رِضاً مِنْكِ يُجْلِي غَيْمَ نَاحِيَتِي = يُعْلِي لِمَقْرُبَتِي عِنْدَ الْعُلاَ سَبَبَا
يَا أُمَّتِي إِنَّ خَيْرَ الْوَصْلِ لَمْلَمَةٌ = تُؤْوِي الشُّجُونَ وَقُرْبُ الْخِلِّ قَدْ رَحُبَا
هَذِي حُرُوفِي بِهَا بَثِّي وَمَوْجِدَتِي = عَلِّي بِذِكْرِكِ أَذْرُو الْغَمَّ وَالصَّخَبَا
إِنِّي عَشِقْتُ السَّنَا للِشِّعْرِ مُغْتَسَلاً = نُوراً يُرِيهِ بِصَفْوِ الطُّهْرِ مُخْتَضِبَا
فَالْيَوْمَ نَزْفُ الْقَصِيدِ احْتَلَّ مِحْبَرَتِي = يَحْكِي انْسِيَابِي بِبَذْلِ الشَّوْقِ مُلْتَهِبَا
اليَوْمَ وَصِلِي لِمَنْ بَاتَتْ تُسَاكِنُنِي = بِطَيْفِ فَارِسَةٍ أَعْلَتْ يَدِي السُّحُبَا
أَغْرَتْ بِعِطْرِكِ أَنْفَاسِي وَقَافِيَتِي = أَجْرَتْ حَنِيناً عَرَاهُ الأَسْرُ وَاكْتَأَبَا
يَا أُمَّتِي أَنْتِ شَامُ الْفَخْرِ فَتَّقَهُ = فَجْرُ الرَّبِيعِ فَطَافَ الْحُسْنُ وَاقْتَرَبَا
فَاحَتْ بِعِطْرِكِ رَوْضُ الذِّكْرِ غَامِرَةً = أُفْقَ ارْتِقَابِي فَفَاضَتْ سَلْوَتِي عَجَبَا
أَزْهُو بِبَدْرِكِ وَالْحُسْنَى الَّتِي طَلَعَتْ = بِمَجْدِكِ الْحُرِّ تَرْقَى الْعَرْشَ وَالشُّهُبَا
ثُمَّ انْكَسَرْتُ وَغَيْمُ الْحُزْنِ يَفْصِلُنِي = لَمَّا سَمِعْتُ هَدِيرَ الْخَسْفِ وَالْجَلَبَا
يَا لَيْتَ لِي شُهُبٌ مِنْ رُوحِكِ اقْتُبِسَتْ = أَرْمِي بِهَا ظُلْمَةَ الأَحْقَادِ وَالْحَرَبَا
يَا أُمَّتِي هَلْ هَوَى النَّجْمُ الَّذِي خَشَعَتْ = كُلُّ الشُّمُوسِ تُرِيهِ الذُّلَّ وَالرَّهَبَا
أَمْ دَكَّ كَسْبُ الْهَوانِ ثَغْرَ عِزَّتِنَا = فَنَالَ مِنْكِ عَدُوٌّ سَامَنَا النَّصَبَا
أَمْ خِلْتِ مَجْدَكِ يَبْقَى دُونَمَا جَلَدٍ = يُعْلِي الْقِلاَعَ مَهِيبَ الصَّرْحِ مُنْتَصِبَا ؟؟
قَدْ صَارَ رَسْماً حَشَا الأَسْفَارِ مَحْبِسُهُ = وَالْعِيسُ ضَلَّ الطَّرِيقَ السَّهْلَ وَالْقَرَبَا
سِرْتُ الْغَدَاةَ عَزِيزَ الْمُرْتَجَى ظَمِئاً = أُقْصِي مُنَايَ عَنِ الأَجْدَاثِ مُغْتَرِبَا
أَسْقِي ثَرَى رَمَقِي رَشْحَ الضَّنَا أَسَفاً = يَا أُمَّتِي قَدْ تَشَظَّى الْبَدْرُ وَانْتَحَبَا
شِمْتُ الْتِمَاعَكِ فِي أُفْقِ الْعُلاَ زَمَناً = يَرْجُو الأَنَامُ لَدَيْكِ الْقُوتَ وَالْوَهَبَا
طَالَ الْمَخَاضُ وَأَعْيَا الْحُلْمُ مَوْعِدَتِي = يَا فَجْرُ هَلْ بُدِّدَ الضِّيَاءُ أَمْ رَسَبَا ؟؟
يَا فَجْرُ أَذْكَتْ رُؤَايَ الْيَوْمَ مَأْلَمَتِي = أَبْطِلْ عِبَارَتَهَا وَاصْعَدْ بِيَ الشُّعَبَا
أَرْنُو إِلَى فَلَقِ النَّصْرِ الَّذِي صَهَرَتْ = شُمُوسُهُ حَلَكَ الْخِذْلانِ وَالنَّكَبَا
إِلَى مَتَى يَعْتَلِي صَمْتُ الأَنِينِ دَمِي = سَئِمْتُ طَوْقَ الْوَنَى وَالضَّيْمَ وَالرَّغَبَا
أَلْبَسْتُ حُبَّكِ شِعْراً شَقَّ مَحْزَنَتِي = لَوَاكِ عَرَّقَهُ فَابْتَلَّ وَانْسَكَبَا
وَرَاعَهُ دَمُكِ الْمَسْفُوكُ مِنْ رَعَنٍ = مَا أَيْسَرَ الأَمْنَ لَوْ أَنَّ الْحِجَا غَلَبَا