أقَفْراً تلـوحُ الـدَّارُ أقْـوَتْ كآبـةً
أَفِدْني بأخبـارٍ سألتُـكَ يـا جَـارُ
أيا دارُ بيضُ العيسِ عنكِ ترحَّلـتْ
إلى أينَ سارَ الظَّعْنُ بالإلفِ يا دارُ ؟
أُباكي سياج الدَّارِ يا غايـةَ المُنـى
حَزيناً و تبكي الصمُّ حولي و أحْجارُ
وهاهيْ حَماماتُ البراري تنوحُ بـي
ألا يا عزيزَ الرُّوحِ أخْفتـكَ أقْـدارُ
ألا يا حُداةَ الرَّكْبِ رفْقـاً و خبِّـروا
أهانَتْ دموعٌ و الشَّجيَّـاتُ أحْـوارُ
إلى أينَ يا روحاً بروحـي فداؤهـا
أ نأيٌ يُجافيني و مـا لـكِ أعـذارُ
إلى أين يا عينـاً تُنيـرُ مسالكـي
تركْتِ الفؤادَ الصَّبَّ بعـدكِ ينْهـارُ
إلى أينَ يا عطـراً لجرْحـي دواؤهُ
وَ بَعْدكِ ما فَاحَـتْ بقربـيَ أزْهـارُ
ألا يا هُبوبَ الغَرْبِ هيَّجْتَ لوعتـي
أ مِنها نُسَيمـاتٌ تهـبُّ و أخْبـارُ
و هلاّ كررْتِ الصُّبْحَ يا عِيسُ كَـرّةً
لينزلَ منهـم جانـب الـدَّارِ زُوَّارُ
لتحْظى عيوني مـنْ حبيـبٍ متيَّـمٍ
بطرْفٍ يداوي مُقْلـةً دمْعهـا نـارُ
ومنْ ثغْرها همْساً لأُطفـئَ مهجـةً
وقلباً لهيباً و اللظـى فيـهِ عَفَّـارُ
لقدْ رحلوا يـا دارُ غـادرَ بدرُهـم
فأينَ أنيسٌ كانَ منهـم و سُمَّـارُ ؟
أُحاكي نجومَ الكونِ وحدي بوحشةٍ
ألا يا ملاكي أيُّها عنـك أخْتـارُ ؟
سُهيلاً أنادي الفرقدينِ مـن السَّمـا
و كلٌّ بها لو أشْرقتْ شمْسُها غاروا
فلا القلبُ بعد الهَجْـرِ راقَ بحلمِـهِ
ولا الليل بعْدَ الشَّمْسِ تُجْليهِ أقْمـارُ
ولا العينُ بعْدَ الهَجْرِ جَفَّتْ دموعُها
فدمعي هطولٌ فوقَ خدّي و مـدْرارُ
أمرُّ الدّيارَ الصٌّبْـحَ أذكـرُ عهدَنـا
لعلِّي أرى طيْفـاً و بالـدَّارِ آثـارُ
فلولاكمُ ما شاقني الغـربُ مقفـراً
ولا جوَّبت همِّـي طلـولٌ وأقْفـارُ
أيا من تركْت الـرُّوح فـيَّ عليْلـة
ذريني أبُحْ بالسُرِّ ترويـهِ أشْعـارُ
فأنْتِ فؤادي يـا ملاكـي وجنَّتـي
وأنْتِ مُنَى روحي لعيْنـيَّ إبْصَـارُ