عبد الرحمن بدوي ، الفيلسوف ..التائب .
أول فيلسوف وجودي في العالم العربي .
---------------------------------------------
عبد الرحمن بدوي من الفلاسفة الذين بدأوا حياتهم بالإلحاد ثم ختموها بالدفاع عن الإسلام .
كان غزير الإنتاج ، ويتقن عدة لغات أبرزها : الفرنسية والإنجليزية والألمانية والإيطالية والإسبانية والفارسية ومن اللغات الميتة اليونانية واللاتينية . كان حاد الطبع ، مشتبكا مع اغلب رموز الفكر العربي في مصر كطه حسين والعقاد وأحمد أمين . غير متزوج، ولو عاش بعده الأستاذ : عبد الفتاح أبو غدة لأرخ له في كتابه المشهور :" العلماء العزاب " ..
يتعجب أنيس منصور في كتابه " في صالون العقاد " من كونه رغم حجته في علم الفلسفة كان غير مهتم بشكله وقد حضر له عدة محاضرات في الجامعة بقميص مخطط بأثار العرق على عنقه بدون أدنى اهتمام ، كما كان يتعجب من ازدراء العقاد له ولفلسفته الوجودية .
عبد الرحمن بدوي كرس حياته كلها للكتابة الجادة ،وأضاف للمكتبة العربية أكثر من 150 كتابا ما بين التأليف والتحقيق، وقد قرأت له فيما أذكر: مذاهب الإسلاميين ، شخصيات قلقة في الإسلام ، الإنسان الكامل في الإسلام ،شهيدة العشق الإلاهي: رابعة العدوية ،موسوعة الحضارة الإسلامية .
كان في أول أمره متأثرا بالفيلسوف الألماني " مارتن هايدجر" ثم شق لنفسه طريقا مستقلا ، أشهر كتبه : مشكلة الموت في الفلسفة المعاصرة " . و " الزمان الوجودي" .
في أيامه الأخيرة تخصص في الدفاع عن الإسلام فأصدر باللغة الفرنسية كتاب : " دفاع عن القرآن ضد منتقديه ، خصصه في الرد على المستشرقين منتقدا منهجهم الغير العلمي في التعامل مع القرآن معتمدين على اكاذيب الكنيسة . ثم أتبعه بكتاب آخر اسمه : " دفاع عن محمد صلى الله عليه وسلم ضد المنتقصين من قدره " . وهو تتمة للكتاب الاول بنفس المنهج العلمي .
ذات صباح كان ماراً في احد شوارع باريز سقط مغشيا عليه ، بحثوا في جيبه فوجدوه مواطنا مصريا، اتصلوا بالسفارة المصرية فتم نقله الى مستشفى في القاهرة ثم بعدها بمدة غير طويلة انتقلت روحه الى الباري عز وجل ، رحمه الله.
يحكي د عبد الرحمن بدوي ، في مذكراته :'سيرة حياتي' ، كيف كان سقوط ورقة سببا في حياة أبيه ، ثم - رأيناه - كيف سقط في "باريز" يقول رحمه الله : متحدثا عن قدر أبيه :
"بالصدفة أتيت إلى هذا العالم، وآية ذلك أنه لو لم تتطاير ورقة وتتساقط على الأرض فينحني والدي لالتقاطها ،لكان قد ودع الحياة في ذلك اليوم ،فقد استأجر أحد خصومه قاتلا جاء الى حيث يجلس أبي ،ثم أطلق عدة رصاصات في اتجاهه ، وفي تلك اللحظة عينها تطايرت هذه الورقة التي كان يراجعها ،فانحنى لالتقاطها فلم يصب الرصاص إلا الطرف الأعلى من العمامة واستقر في باب كان خلفه وصاح :الله حي ! وصمت صمتا تاما جعل القاتل يظن انه أصاب من والدي مقتلا" "وكان ميلادي بعد ذلك باربعين شهرا في الرابع من فبراير سنة 1917. ولو فتشت تاريخ حياة اي انسان لوجدت ان نوعا من الصدفة هو الذي تسبب في ميلاده :صدفة في الزواج، صدفة في الالتقاء...وواهم إذن من يظن ان ثم ترتيباً او عناية او غاية . إنما هي اسباب عارضة يدفع بعضها فتؤدي الى ايجاد من يوجد وإعدام من يعدم" .
سيرة حياتي .ص 5