بقلم عبد القادر كعبان
لقد صارت الصورة اليوم تلعب دورا أساسيا في حياة الإنسانية. إذ تعتبر آداة معرفة ووسيلة لإدراك المعطيات، معرفة تمتلك اليوم أدواتها الخاصة للوصول. فابتداء من الخبر البسيط الذي تعكسه الصورة ثمة أسئلة تتعلق بالإنسان (من يكون؟) و بالمكان (أين؟) و بالزمان (متى؟).
و من هذا المنطلق تعتبر الصور تباينات مستقلة منفصلة قابلة للتطبيق على مضامين مختلفة، فالصورة منطوية على المضمون بما يحمله من معاني. فهي لا تتحقق و لا تكتمل إلا بالتتابع و توارد المعاني اللاحقة المتمثلة في اللقطات والمشاهد التي تخدم السياق السينمائي العام مثلا، فلا يفهم الشريط على أنه صورة بل هو سياق صوري دال و لكن الصورة السينمائية دالة قادرة على الاختزال الذي تتفوق فيه الكثير من الوسائل المتبعة في رؤية الواقع رؤية فنية.
إن إلتماس المعنى لا يكون إلا وفق آلية التذوق بمعنى قدرة المشاهد على فهم فحو الصورة محاولا سد الثغرات التي يتركها الفنان من خلال عمله. فمنه يمكن القول أنه عبارة عن رسالة اتصالية موجهة إلى الجمهور من المتلقين بما يشكل نسيج الشريط الذي تعكسه مرآة الصورة.
فلو تتبعنا فن السينما لوجدناه عملية ابداعية تتمثل في قيم جمالية تسهم في تحقيق الملامح التعبيرية، و لعل الوجود المجرد للصور المتتابعة لا يحقق تلك القيم الجمالية و لا يعبر عنها ما لم يرتبط بتمثل صوري يعتمد على تفكير المشاهد من خلال قيامه بعملية مزج بين ما هو فني و ماهو معاش من خلال وسيلة باتت تتكرر ألا و هي الصورة، بمعنى أنه يجد نفسه أمام ثنائية "الفن-الواقع".