السلام عليكم
أشكر بداية الدكتور عبد الرزاق أبو عامر المشرف على رسائل الدكتوراه في جامعة القاضي عياض الذي أوحى لي بتلك الفكرة ,خاصة أن الأمر له تشعب كبير يهمنا جمع ما يمكن جمعه في هذا المقام.
فالمفهوم المطروح في هذا المقال, يجمع مابين عدم تقبل النقد وهي صفة سلوكية سلبية خاصة عندما يكون النقد في صالح الكاتب أو العمل, ربما يكشف هنا السلوك الفكري السالب,و الذي يجعله في منأى عن تقبل الرأي الآخر انتصارا لفكره فمقارنة ولا مقارنة هنا لكن لبعض توضيح, لم يكن الرسول الكريم ناقدا لمجتمعه بقدر ما كان هاديا مهتديا أي إيجابيا في فكره وسلوكه.
إذن نحن نمر عبر محورين للحديث:
الرسالية وهي تكريس كل القدرات والطاقات لخدمة الرسالة التي يحملها المفكر والأديب عملا ونقدا ,ومابين عدم تقبل النقد حصرا وبصورة عامة والسلوك السلبي في تأديتها هنا, إذا نحن هنا أمام محورين هامين محور تقبل الآخر مهما كان فكره يتناقض مع فكرنا, ومحور تقبل النقد ذاته كفكر ونهج.
ما هي الملامح التي تكشف العيوب الفكرية في هؤلاء؟:
أما العنصر الأول فمعروف في أي مجتمع مثقف ,نواجهه في نقدنا للأدباء مثلا وعدم تقبلهم له في أحيان كثيرة ,بينما هو عين الصواب كي يمضوا بأمان وارتفاع وتحسن للأفضل, فكيف يفكر هؤلاء هنا إذن؟.
والثاني الطريقة التي يمارسها صاحب الرسالة توصيل فكرهم وما هي طريقتهم في ذلك, حيث يكشفهم أسلوبهم العنصري غالبا ويبين الثغرات التي تتبين لكل قارئ حذق.
هي خيبة للرسالة وعنصر سلبي يؤدي إلى جعل المفكر محط نقد مقابل ورفض من قبل جمهور خاص يبحث عن العدالة الفكرية, هو متعصب لفكره كذلك.
فالعنصرية صفة مذمومة مهما كان مسرحها وميدانها,فيها ندفع برسالتنا للشط الأسوأ في رفض تقبل الطرف الآخر و تقبلنا كفكر ورأي, و من أسباب ذلك:
1- عدم السماع للرأي ووجهات الرأي المختلفة والرأي الآخر حجة وفكرا مفصلا, لأنانية فكرية لاغير.
2- النزعة العنصرية الداخلية بيئة وتربية وتركيبة اجتماعية .
3-الخوف من فقدان مكاسب خاصة عن طريق أنصار الفكر ذاته.
4-قصور في التفكير وهو أم المساوئ.
5- الخوف من فقدان ميزات الشهرة التي وصل إليها.
ولن ننسى أن هناك من يتعصب لمذهبه نسبه وو الخ...وهذا مايكرس الفرقة بيننا ويحجب الفكر الوحدوي بحال.
وبهذا الشكل يفقد أهم عنصر في التبليغ الفكري مهما كانت الوسائل...فكيف نجح بعضهم إذن؟هل هناك وسائل ما كرها لا نعرفها؟.
يقول عبد المحمود الشيخ خالد :
( ولا يهمنا تعاريج النص وتفاصيله بقدر الفكرة المطروحة فيه فقط)
مستشهدا ببيت من الشعر:
هَلمُوا الينا ايّها القوم إننا
كِرام لنا زادٌ لمن يقصد السفر *
ويتحدث بعد ذلك عن عناصر تزيد من ظلم التعصب للرأي(بتصرف):
هناك من يظلم الدين ويلبسه غير مسوحه,حيث يتضح جلياً بأنّ الأوصياء القائمين على بالأمر قد ضيقوا واسعاً متهيبين لسجية الشورى لحقه وفضيلة الحوار الأجدى.
يقول محفوط بشرى:
إن ما يمكن ملاحظته – كتشخيص أوَّلي – في كلمات مثل (رسالي) و(أعداء) و(تدابير) و(يغفلون) إضافة إلى الهاء في (أبنائه) الراجعة إلى الكيان الافتراضي (البلد = الوطن)؛ هو أن عناصر هذا الخطاب ليست جديدة، ولكن الجديد أن تخرج من فمٍ يطرح نفسه كـ(أمل الأمة) معادلاً لـ(المنقذ) ضد (منقذين) أتى بهم ذات الخطاب من قبل.[1]
ولدى مقارنة بسيطة مابين الشخصية الغربية والعربية نجد الثغرة التي أدت بالشخصية العربية لذلك:
يقول الأستاذ عبد محمد بركو في بحث :دور علم النفس في الحوار مع الغرب.
المطلوب منا كعرب فهم السيكولوجية للإنسان الغربي فذلك يستلزم معرفة بأساسيات علم النفس العام.
قد قدم الباحث الفلسطيني عقيل هاشم في كتابه:تخطيط الإعلام الغربي حيث قسم أنماط الشخصية الغربية لنقارنها هنا مع العربية [2]:
1- المثقف الواعي:أنيس متواضع منظم ملتزم لا يهتم بالمجاملة يتقبل النقد.
2- نصف المثقف:هادي عنيد منصت يطيل الحوار ليغطي قصور معرفته غير انعزالي مادي ومنصرف لأموره الحياتية.
3-الإنسان العادي:بريء طيب , وفي بكل شيء يأخذ الأمور على علاتها’لا يقرر شيئا حتى يسمع صوتها مدويا ايجابي اذا اطلع على الحقائق التي تجري في العالم.
اتجاهها بالنسبة للعرب:
1-عدائية/تحمل ثقافة مغلوطة
2-متعاطف/هم من أوساط المثقفين واليساريين عموما وذوي النزعات الإنسانية.
3-محايد/يمكن كسبها للحفاظ على حصيلة أصدقاء هامين.
*****
مقارنة بالعربية ماذا نجد لدينا؟
1- شخصيات عادية:تشكل 99% اجتماعية غالبيتها غير مثقفة, معتدة بمفاهيمها التراثية,ليس لها اهتمام ايجابي بنهضة المجتمع إلا بعض شبابها ولا تعنيها ,تحمل الكثير من خصال المجتمع العربي الأولي, إلى جانب شخصيات استثنائية غير سوية.
2- 1% مثقفة سلبية السلوك, تحمل خصال محسوبية كثيرة,متسلقة على معظمها,الإعلام يؤثر فيها لأنها مصلحية المسار,أنانية مادية.
وعشرها يعتبر النخبة المعول عليها وهي غير مؤثرة لأنها مهمشة.
وإذن؟
ما هو الترياق الناجح لتلافي تأثير الطبقية غير الإيجابية؟هل في مواجهتها صراحة؟ هل في تجنبها ومعظم هؤلاء يتسلمون قياد زوايا هامة في مرافق الحياة؟هل في دراسة نفسية لتلك النفوس الخاصة حتى نعرف كيف نمر بأمان؟ وهل هناك من يملك الصبر والشجاعة لذلك؟
المسألة المطروحة كبيرة كما نرى ,و تظهر أنها بالنسبة للشخصيات السلبية , قضية مخربة فكريا بامتياز لذا سيبقى موضوعنا مفتوحا للمداولة وشكرا لسعة الصدر.
الخميس 21/6/2012
[1] راجع الرابط:
http://www.hurriyatsudan.com/?p=43730
[2] انظر العدد 573 من مجلة المعرفة عدد حزيران 2011 ص 321