المخــــرج ســمير حســـين
أحرص على صيغة العمل الجماعي المتكامل
نعمل بشروط إنتاج غير مثاليةسمير حسين مخرج تلفزيوني قدّم مسلسلات متميزة من حيث المضمون والإخراج من أشهرها: الأمهات والواهمون، وفي السنوات الأخيرة تعاون مع السيناريست محمد العاص، في «أسير الانتقام وليل ورجال، وقاع المدينة» في رمضان العام الحالي، الذي حقّق نجاحاً كبيراً وصدىً واسعاً على المستويين السوري والعربي.
ســأبتعد عن التلفزيـون عندمــــا أجـد فرصتـي الســينمائية
يذكر سمير حسين في حديثه، انه بشيء من الحب يمكننا أن نُغيّر الواقع نحو الأفضل..
البعث التقته وتحاورت معه حول مسلسله الأخير قاع المدينة، وورشة العمل التي تجمعه مع السيناريست والممثلين والفنيين، ومحاور أخرى..
> إلامَ تعزو نجاح قاع المدينة؟؟.
>> مسألة أن قاع المدينة حقّق نجاحاً وحضوراً عَبْر الدراما السورية أو العربية في الموسم الدرامي لهذا العام مسألة تسعدني وتفرحني، وهي مسؤولية كبيرة تُلقى على عاتقي لأجتهد وأعمل على تقديم ما هو أفضل لأحافظ على ثقة المشاهدين ومحبتهم لأعمالي، وأرى أن نجاح العمل يعود إلى مجموعة عوامل ساهمت مجتمعةً في إنجاح التجربة، وجعلتها تأخذ الحيز الأكبر والخاص جداً للنص والمادة، التي اجتهد (محمد العاص) على تقديمها بصيغة متماسكة، وتهمّ الشريحة العظمى من الناس، والجهد الذي بذلته شركة عاج لتقديم ما هو مختلف وخاص وقريب من وجدان الناس ويلامس مشكلاتهم وواقع حياتهم، ولا ننسى دور (هاني العشي) مدير شركة عاج، الذي يتبنّى النهج الإنساني الاجتماعي، ويحمل رسالةً هادفةً لتقديم هكذا أعمال، ومن المعروف أنه تربوي أيضاً، والمستشار الدرامي مروان الناصح كان له دور كبير في إنجاح العمل، هذه العوامل لا تقل أهمية عن مساهمة الفنيين الفعّالة بدءاً من مدير التصوير والإضاءة وكل المؤثرات إضافةً إلى ذلك ضمّ العمل باقةً من النجوم الذين يشكّلون مساحة خاصةً، لدى الجمهور العربي والسوري.
> أغلب مشاهد قاع المدينة صُوّرت في مناطق السكن العشوائي، فهل واجهتك صعوبات أثناء التصوير؟؟.
>> في كل عمل هناك صعوبات وعوائق .. ومن يعمل بهذه المهنة.. يدرك أن كثيراً من الصعوبات ستعترضه، فكلّنا نعمل ضمن شروط إنتاج ليست بالمثالية، لكن بنسب مختلفة بين عمل وآخر... تبعاً للشركة المنتجة.. في قاع المدينة نسبة كبيرة من أحداث العمل متوضعة بمنطقة الدخول بأزقتها وأحيائها، ليس بالمسألة اليسيرة على الإطلاق.. من أجل ذلك وجود شريك حقيقي وفعّال (شركة عاج) ذلّل تلك الصعوبات، وجاء اختياري لمنطقة اللوكيشن الأساسي، الذي تمّ تصوير معظم مشاهد العمل في منطقة وادي المشاريع أو جبل الرز المقابل لمنطقة مشروع دمر منسجماً مع الأحداث الدرامية، وتصاعد الحبكة، وإغناء الصورة البصرية المتقاطعة مع مقولات العمل التي أردنا إيصالها.. وأود أن أشير إلى تعاون أهالي المنطقة الكبير، الذي كان له دور إيجابي في جعل الأمر أقل صعوبة بالنسبة لنا... وطبعاً كانت هناك صعوبات الجو الحار، والصعود إلى المناطق المرتفعة، وتجمّع الأطفال والأهالي على الأسطح، لكننا تجاوزنا الصعوبات، وحاولنا قدر الإمكان إعطاء صورة مقاربة للحقيقة والواقع المعاش في مناطق السكن العشوائي.
> هل توجد صيغة عمل مشتركة بينك وبين محمد العاص؟ وهل تقبل بتدخل أحد الممثلين بفكرة المشهد؟؟.
>> في كل أعمالي كنت حريصاً على إيجاد صيغة عمل مشتركة بيني وبين العاملين ككل، أي أن أقوم بما يُسمى بورشة عمل، وفي قاع المدينة صمّمت على إشراك جزء كبير من شخوص العمل «أي الممثلين» بقراءة العمل قبل الشروع بالتصوير، ولا يوجد لديّ مانع من مناقشة العمل مع أية شخصية، وحينما أشعر بأن هناك وجهةَ نظر تخدم العمل وتتقاطع مع الهدف المنشود، فيؤخذ الرأي بعين الاعتبار، وهذا ما حصل مع أيمن زيدان وباسم ياخور وعبد المنعم عمايري وغسان مسعود، وكان هناك مجال لتبادل وجهات النظر، وصولاً إلى نوع من التكامل.
الوجه الشاب
> عامر علي.. أخذ مساحةً واسعةً من العمل، وحقّق حضوراً لافتاً، فهل أنت مع تقديم الوجوه الشابة؟؟.
>> كل عمل فني مرتبط بمجموعة من المعطيات الضرورية لإنتاج العمل، قاع المدينة يزخر بأسماء هامة، لها تاريخ فني كبير، فيصبح من البساطة أن يقدّم بعض الوجوه، ليست بالضرورة أن تكون جديدة على الساحة الفنية، لكنها لم تأخذ فرصها الحقيقية من قبل.. ضمن هذه المعطيات تصبح إمكانية إدخالهم بعيداً عما يُسمى مغامرة، حينما نشاهد لهم تجارب قدموها في دور ثانٍ أو ثالث، يغدو إسناد دور أساسي لهم، يتميز بمساحة واسعة مسألة ضرورية، ومن واجب أي مخرج وأية شركة أن تُقدّم مجموعة من الشباب والشابات، لجعل العمل أكثر اختلافاً.
> كيف تختار التقنيات الإخراجية التي تستخدمها؟؟.
>> كل عمل ينفذ وفق طبيعة المادة (الحكاية) من خلال الشخصيات الموجودة فيها، وأنا كمخرج أختار الشكل الفني، الذي من خلاله أستخدم مجموعة من العناصر التقنية، التي تجسّد هيكلية العمل بموضوعية ومنطقية... وبادىء ذي بدء ما يهمني بالدرجة الأولى إيقاع العمل، أن يكون متواتراً ومرتبطاً بصورة أساسية بطبيعة شخصيات الحكاية، التي أُقدمها ضمن هذا المنطق أنا حريص جداً على أن يكون هناك تكامل ما بين الشكل الفني للعمل والمضمون.
الشكل الفني بكل عناصره ابتداءً من الإضاءة إلى حركة الكاميرا والمؤثرات البصرية أو السمعية بكلّ مدلولاتها، التي تحقّق فرجة بصرية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً ولصيقاً بنوع وخصوصية مضمون العمل، ومن العوامل الأساسية العمل مع الممثل كشريك حقيقي من أجل الوصول بصورة منطقية إلى المضمون الحقيقي للعمل، وللمخرج دور كبير في اختيار التقنيات والأشكال الفنية، كما شاهدنا (الفلاش باك) في المشهد الأول، الذي اجتمع فيه أغلب الأبطال في مشهد تفجّر المياه الآسنة ومشهد الاختتام، الذي أيضاً يُظهر تفجّر المياه الآسنة، لكن في كلّ منزل على حدة، إشارة إلى إسدال الستار على نهاية كل شخصية مشاركة، وعملتُ على الابتعاد عن تنفيذ أي مشهد بصورة فجّة، ومراعاة أن العمل مشاهد من قِبل الأسرة، وأنه عمل له علاقة ببنية المجتمع أكثر من الأفراد.
> لماذا تكرر ظهور أيمن زيدان (أبو ماهر) وهو يشاهد فيلم العرّاب؟؟.
>> امتلك أيمن زيدان (أبو ماهر) كاريزما استثنائية في تجسيد تلك الشخصية، وتزامن ظهوره في بعض المشاهد، وهو يشاهد فيلم العرّاب مقاربة مهمة جداً لتركيبة هذا الشخص، فجوهر فيلم العرّاب قائم على تصفية حسابات ما بين عصابات تمركزت في الولايات المتحدة، مرتبطة بشخصيات لها وضع اجتماعي وسياسي، وكأن هذا الفيلم يعبّر عن منطق شخصية (أبو ماهر) ومقاربة أن تكون نهايته مشابهة لنهاية بطل العرّاب، إذ يسدل الستار على الفيلم، ويخفض أبو ماهر رأسه إلى الأسفل، ويتصاعد الدخان الأسود إلى الأعلى دلالة على مصير هذا النوع من الشخصيات السوداوي في المراحل الأخيرة، فبطل العرّاب يفقد ابنته وأبو ماهر يتركه ابنه محصلة لسلوكياته.
وأشير إلى نجاح وإتقان كل الممثلين للشخصيات، التي جسّدوها ولا سيما غسان مسعود الذي أضفى سمةً رومانسيةً خاصةً على العمل.
>درس سمير حسين الإخراج السينمائي في بريطانيا، لكنه يعمل حالياً في الإخراج التلفزيوني.
هل تفكر بإخراج فيلم سينمائي؟؟.
>> أحلم بأن أُقدّم تجربةً سينمائيةً متميزةً، ولا سيما أنني درست السينما في بريطانيا، وحصلت على الدراسات العليا، لكنني وجدت فرصتي في التلفزيون لعدم وجود فرصة سينمائية لي، وحينما أجد تلك الفرصة سأبتعد عن التلفزيون وأتفرّغ للعمل السينمائي بصورة دائمة، باختصار أحلم بفيلم سينمائي يقودني للعمل بالسينما دائماً.
> ماذا عن مشاريعك القادمة؟؟.
>> اِطلعت على عدة نصوص لم أقتنع بها، وتوجد تجربة رابعة تجمعني بمحمد العاص عبر عمل جديد اجتماعي واقعي، تتضمن خطوطه مواضيع حياتية واقعية، تهمّ الناس، وستكون أكثر جاذبية للمشاهد وأكثر اختلافاً.
حوار: مِلده شويكاني
http://www.albaath.news.sy/user/?id=675&a=62318