الثلاسيميا
Thalassemia


الثلاسيميا مرض وراثي من أمراض الدم الانحلالية ، ويتصف باضطراب جيني يطرأ على سلسلة أو أكثر من السلاسل السوية ( ألفا و بيتا و غاما ) المكونة للدم فينقص إنتاجها و يزداد بالمقابل إنتاج سلسلة أخرى , و بالتالي لا تعمل خلايا الدم الحمراء بالشكل الصحيح مما يؤدي إلى عجزها هذه الكريات عن حمل الأوكسجين الكافي لحاجات الجسم . فتنحل بسرعة ولا تعمر الكرية الحمراء بعمرها الطبيعي ، ويخربها الطحال لأن خضابها غير طبيعي .
و الثلاسيميا بصورة عامة لا تحتوي على هيموغلوبين شاذ (كالهيموغلوبين المنجلي ) و إنما يكمن الخلل فيها باضطراب توازن إنتاج الهيموغلوبين السوي , ومع هذا فقد تطرأ طفرات جينية على بعضها فينجم عنها هيموغلوبين شاذ و لكن بنسبة قليلة .
و الهيموغلوبين السوي على ثلاثة أنواع :
1- الهيموغلوبين (A) أو هيموغلوبين البالغين : وتقدر نسبته (97-98 )% عند الإنسان البالغ الطبيعي ، ويتركب من سلسلتين ألفا وبيتا α2β2
2- الهيموغلوبين (A2): ويشكل جزءاً بسيطاً عند كل البالغين وتقدر نسبته بـ (2-3)% ويتركب من سلسلتين من ألفا و سلسلتين من دلتا (α2δ2)
3- الهيموغلوبين (F) أو الهيموغلوبين الجنيني :و يشكل معظم الهيموغلوبين عند الولدان (newborns) وتتراوح نسبته عندهم بين (70-90)% ثم ينحل دمهم لاستبداله بالهيموغلوبين A ولذلك يقل كثيراً عند بلوغ الطفل الشهر السادس من عمره حيث تصبح نسبته عندهم كنسبته عند الكهول و يتركب من سلسلتين ألفا وسلسلتين غاما (α2γ2).
وكل سلسلة من السلاسل السابقة تتألف من عدد من الحموض الأمينية التي تتوضع إلى جانب بعضها البعض بشكل منتظم ودقيق
أنماط الثلاسيميا
أهم أنماطها هي الثلاسيميا ألفا والثلاسيميا بيتا
1- الثلاسيميا الألفائية (alpha thalassemia)
تكثر في جنوب شرق آسيا وتقل في مناطق العالم الأخرى , وسببها اضطراب جيني يطرأ على السلسلة ألفا في الهيموغلوبين السوي , وبما أن الهيموغلوبين السوي يحوي على ثلاثة أنواع هي الهيموغلوبين (A) والهيموغلوبين (A2) والهيموغلوبين (F) وبما أن السلسلة ألفا A2)) مشتركة مع جميع أنماط هذه الهيموغلوبينات , فإن اضطرابها يؤدي إلى نقص إنتاج أنماط الهيموغلوبين الثلاثة , والمدى الذي يتثبط فيه الجين ألفا تنجم عنه ثلاسيميا مختلفة الأعراض جدا".
ووفق شدتها يميز فيها أربع مجموعات:
أ-المجموعة الأولى :لا أعراض فيها ولا فقر دم فيها باستثناء انخفاض هيموغلوبين الكرية الوسطي MCH ، وحجم الكرية الوسطي MCV .
ب- المجموعة الثانية :ينجم عنها فقر دم صغير الكريات ومعتدل الشدة .
ج- داء الهيموغلوبين H: ويتظاهر بدرجة متغيرة من فقر دم انحلالي معتدل الشدة , ويتصف بوجود مشتملات inclusions من الكريات الحمر التي تنجم عن ترسب الهيموغلوبين غير الثابت.
د- مجموعة المتلازمات الشديدة : ويكون فيها الجنين مستسقياً ويموت داخل الرحم أو بالإملاص , وإذا ولد حياً فلا تدوم حياته إلاَّ بضع ساعات ويكون مستسقياً ومتوذماً وناقص الوزن مع ضخامة واضحة في الكبد والطحال.
إن تشخيص خلة الثلاسيميا ألفا ليس بالأمر السهل ولا يتم إلاَّ بدراسة حالة الأسرة الوراثية والدراسات الجينية .
2- الثلاسيميا البيتائية (beta thalassemia ): تكثر في بلاد حوض البحر الأبيض المتوسط على خلاف الألفا ثلاسيميا التي تكثر في شرق آسيا
وسببها هو الخلل الجيني الذي يصيب سلسلة البروتين بيتا فينقص انتاج الهيموغلوبين (A) ويزداد للمعاوضة انتاج السلسلتين ألفا و غاما , وبالتالي يزداد الهيموغلوبين (A2) و(F) وهذه الحالة هي المعنية في دراستنا هذه لكثرة انتشارها في بلادنا .
وهي على أنواع
أ- ثلاسيميا كبرى (متوافقة الزيجوت )
ب- ثلاسيميا صغرى (متغايرة الزيجوت )
ج- ثلاسيميا متوسطة ( مزدوجة الزيجوت ).

أ – الثلاسيميا الكبرى البيتائية (beta thalassemia major):
وتسمى الثلاسيميا متوافقة الزيجوت أو فقر دم كولي (cooleys anemia) وفيها يحدث فقد جين تكوين السلسلة البيتائية ولا يتكون من سلسلتيهما شئ من الهيموغلوبين (A) , وإذا تكون مقدار منه فهو قليل ولا يعبأ به .
إن المقدار الزائد من البروتين ألفا الذي يتولد معاوضا" لسلسلة بيتا ينتهي بالترسب داخل الكريات الحمر ونتيجة لذلك يتأثر تولد الجملة الحمراء من جهة , ومن جهة أخرى يقصر عمر الكرية الحمراء .
هذا وإن تكون الدم غير الفَعَّال يسبب فرطاً خلوياً شديداً في نقي العظام إلى جانب ما يولده الدم من اتساع أعضاء خارج النقي كالكبد و الطحال .
والموجودات المختبرية تبدو :
1- في اللطاخة الدموية ( كريات حمراء صغيرة جداً و أخرى كبيرة و ثالثة هدفية و رابعة مجزأة وخامسة ذات نواة بأعداد كبيرة ) وتكون نسبة الشبكيات عالية
2- عدد الكريات البيض مرتفع
3- ينقص عدد الكريات الحمراء ، كما ينقص الهيما توكريت والهيموغلوبين (3-6) غ/ دل.
4- أما النقي فيكون زائد الخلوية و خاصةً الجملة الحمراء , وإذا لون الحديد بملوناته كان زائداً.
والتغيرات العظمية تبدو واضحة على عظام الوجنتين فيأخذ المريض سحنة المنغوليين والقحف البرجي الشكل .
بالصورة الشعاعية : اتساع المسافة بين الصفائح العظمية في الجمجمة يعطي منظر الشعر الواقف , واتساع كهوف نسيج النقي فيظهر قشر السمحاق رقيقاً وقليل الكثافة .
العلامات السريرية :
الشحوب الشديد ، ونقص النمو ، والسحنة المذكورة من ضخامة العظام والجمجمة البرجية وبروز الوجنتين ..مع بطء النمو وتأخر في البلوغ .
وبالفحص يظهر ضخامة الطحال الشديدة والتي تسبب ثقل المعدة وغثيان وقيء وغازات .. وكثرة التبول بانضغاط المثانة وألم المراق اليسرى ..
وإن عاش المصاب حتى سن البلوغ فيكون قاصراً تناسلياً.
عيار كميات الحديد مرتفعة جداً ،بسبب الانحلال واختزان حديد الكريات المنحلة ، بدون مصرف خارجي للحديد . والخطأ الكبير الذي يرتكب أن يعطى المصاب الحديد لمعالجة فقر الدم بينما المطلوب في المعالجة إعطاء الدسفيرال لإخراج الحديد الزائد .
يتطلب المصاب كل حين نقل كريات دم طبيعية لتعويض المنحل من الكريات غير الطبيعية ..
ولا يوجد علاج نوعي للمرض لأنه وراثي وإنما يجب الاحتياط باتباع النصائح الوراثية عند زواج المصابين بالثلاسيميا الصغرى . فيجب عدم الزواج بين المصابين من عوائل يظهر فيها المرض ولا زواج الأقارب ..


ب- الثلاسيميا الصغرى البيتائية (beta thalassemia minor ) :
تسمى أيضا" بالثلاسيميا متغايرة الزيجوت (heterozygous thalssemia)
أو خلة الثلاسيميا و تتصف بنقص انتاج السلسلة بيتا لذلك لا تتظاهر فيها الأعراض والعلامات الصاخبة التي وجدناها في الثلاسيميا الكبرى.
وقد يعيش الشخص حياة طبيعية ولا تشخص إلا في سن متأخرة بعد الشباب خصوصاً بعد اكتشاف حالات في العائلة من النمط الشديد (كولي) وإجراء الدراسات المختبرية وكشف الخضاب الجنيني المرتفع نسبياً .. أو بإجراء رحلان الخضاب ..
وهي تتظاهر بفقر دم معتدل الشدة لا يتناسب مع صغر الكريات الحمر بالنسبة للهيموغلوبين الذي يتراوح بين ) 10-12( غ/ د ل
- يكون الـMCV منخفضاً وغالباً مايصل إلى )60( فمتولتر .
- بليروبين المصل زائد قليلا بسبب الانحلال.

ج- الثلاسيميا بيتا المتوسطة ( thalassemia intermedia ):
هي النوع المتغير (varlable) من الثلاسيميا و يعتقد بأنها مزدوجة الزيجوت لطفرتين متغايرتين من الثلاسيميا , و المظاهر السريرية لها وسط بين التلاسيميا الكبرى والصغرى، ويمكن للمصاب بها أن يحافظ على هيموغلوبين يتراوح بين (8-10) غ/ د ل دون أن ينقل له دم ويكون النمو سوي والنضوج الجنسي أحسن منه عند المصاب بالثلاسيميا الكبرى ويمكن أن تمتد حياة المصاب بها إلى أواسط الكهولة ولو أن مستويات الحديد تكون مرتفعة , ولكن التعرض للعدوى و هشاشة العظام وخلل وظائف الأعضاء قد تحدث مع مرور الزمن

ملاحظة قد تترافق الثلاسيميا مع أمراض خضاب أخرى كفقر الدم المنجلي .

عافانا الله وذريتنا من هذه الأمراض


الدكتور ضياء الدين الجماس