كتاب: البوصلة القرآنية
المؤلف: أحمد خيري العمري
الطبعة: الرابعة ٢٠١١
عدد الصفحات: ٤٧٧صفحة
الناشر: دار الفكر
يقدّم المؤلف لكتابه بقوله : (هذا الكتاب هو بحث عن الخطوط القرآنية والثوابت المفقودة ومن ثم في كيفية فقدانها،وفي الظروف والملابسات التي أدت إلى فقدانها وأتت بخطوط أخرى مختلفة بل مضادة للخطوط القرآنية)
عناصر الكتاب :-
الباب الأول:عناصر الخطاب الإسلامي،أساسية،لكن مفقودة
في مدخل هذا الباب يتحدث المؤلف عن معجزة القرآن وأن إعجاز القرآن ممتد يتشارك فيه كل شخص يستطيع فهم الخطاب القرآني،والعمل بمقتضاه،ومما يذكره المؤلف في هذا الجانب (القرآن عند التفاعل معه يورث لا أفكاراً فحسب، بل يطبع العقل بطريقة معينة للتفكير،طريقة تسبر أغوار الكون والنفس والوجود،بطريقة تساهم في تفسير العالم على درب تغييره،طريقة تتفاهم مع الآخر-مهما كان-وتبني جسوراً للتواصل).أما فصول هذا الباب ماهي إلا إجابة عن التساؤل” بماذا بدأ الخطاب القرآني عندما بدأ تشكيل أرضية العقل المسلم وأساسه ،وطريقة التفكير الإسلامية-القرآنية؟”
أولاً:التساؤل
تمهيد لأهمية السؤال في استثارة الأجوبة والتفكير بعيداً عن الأطر التقليدية،يطرح أنموذجاً متمثلاً في التجربة الإبراهيمية وثالوث الحوار التاريخي،الحوار بين إبراهيم عليه السلام وأبيه،ثم حواره مع الكون،وبينه وبين نفسه ثالثاً،والمحصلة بحث مباشر عن إله الكون.
ويذكر المؤلف أن لفظة سأل ومشتقاتها وردت حوالي ١٢٦مرة في مواقع مختلفة من الخطاب القرآني وكأنها دلالة على أن العلاقة وطيدة بين إثارة التساؤلات والوصول إلى الأجوبة،وثمة تساؤلات أخرى في الخطاب القرآني تدعو للتفكر منها قوله تعالى (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت), وقوله تعالى( أفرءيتم ماتحرثون,ءأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون), وقوله تعالى (أليس الصبح بقريب).
وعن أهمية التساؤل يقول المؤلف: (فالتساؤل في درجة من درجاته يمثل انفتاحاً مدروساً على الآخر واستعداداً لقبول الرأي المضاد بل وللاعتراف بالخطأ وبإعادة التقييم والنظر والاعتبار)وخلافاً للفكر التقليدي الذي يحرم السؤال وكأنما قمع الأسئلة هو الحجر الأساسي لهذا الفكر وعلى ضوء ذلك أغلقت أبواب التساؤل.
ثانياً:البحث عن الأسباب
الخطوة المنطقية بعد التساؤل التي اتبعها الخطاب القرآني لبناء النفوس, ويمكن تلخيصه في النقاط التالية
١-يرتكز موضوع السببية في الخطاب القرآني على مثال قصصي عريق وهو ذو القرنين
٢-يتأصل موضوع السببية أكثر وأكثر مع طرح جديد لمصطلح العقل عبر الخطاب القرآني
٣-إذا كان العقل حسب المفهوم القرآني قد تأسس في مجال الطبيعة وعلاقاتها فإن فاعليته تمتد لتشمل مجالات أخرى :المجتمع والفرد
ولفظ البحث عن الأسباب ورد في القصة بـ اتباع الاسباب “وهو أكثرعمقاً من البحث عنها فالاتباع يوحي بالغوص العميق في جوهر الأشياء بحثاً عن اسرارها ومكوناتها”وقد يكون ارتقاء لقوله تعالى ( أم لهم ملك السموات والأرض ومابينهما فليرتقوا في الأسباب) ووفق رأي المؤلف فإن: ( الارتقاء عبارة محملة بالمعاني حبلى إلى أقصى حد بالإيحاءات).
ثالثاً:الإيجابية
يستشهد بقصة يونس عليه السلام والشاهد قوله تعالى : ( فاصبر لحكم ربك ولاتكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم, لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم), والنتيجة الحتمية للإيمان حينما بزغ النور فكان الخروج من بطن الحوت ومن ذروة اليأس ولهذه القصة دلالة تلخصها النقاط التالية..
١-أن اليأس والخوف من المواجهة وعدم القدرة على التغيير ليس نهاية العالم،فقد مر بها حتى الأنبياء والرسل
٢-إن المهم هو العبور ،عبور اليأس والخروج من بطن الحوت بمفاهيم جديدة ورؤية جديدة وإيمان جديد كما فعل يونس.
كما يذكر المؤلف شذرات أخرى من قصة يوسف وتفاعله عليه الصلاة والسلام مع الخطاب القرآني.
رابعاً: الحس المقاصدي
يبتدئ هذا الفصل بالحديث عن افتقاد العرب في الجاهلية إلى قيم اجتماعية موّحدة وماالوثنية وتعدد الآلهة إلا انعكاس لتفتت العرب, ويسترسل في الحديث عن دور الإنسان إلى أن يصل للدور الأهم والمهمة الأساسية”الاستخلاف في الأرض”وشرطاها المتلازمان الإيمان والعمل الصالح, كما يتحدث عن المقصد في العبادة ويناقش هل يمكن أن يحل القياس بديلاً عن المقاصد؟, ثم يورد مقارنات عدة وأمثلة فقهية يتباين الحكم فيها بعد استخدام المقاصد ليصل إلى نتيجة مفادها (أي نهضة تتجاوز المقصد الأساسي من الدين كله وتتجاوز تجديد فهم الدين واعتباره أساساً لهذه النهضة لن يكتب لها النجاح بل ستكون مجرد نهضة مجهضة أخرى).
الباب الثاني:أمس واليوم وغداً؟
الفصل الأول /الأمس المستمر
ثمة لحظات مفصلية يتجاوز تأثيرها حدود الزمان والمكان, وعن السبب الداعي لاستمرار تأثير أحداث تاريخية بعينها يذكر المؤلف السبب : (عندما لا تعارضها لحظات أخرى تلغي تأثيراتها وتنفيها عن الوجود) , ويتحدث عن تقاطع السياسة مع العقيدة في ثلاثة اتجاهات،ويذكر أمثلة لمناسبات تاريخية مؤثرة مثل لحظة الفتح وموقف الرسول عليه الصلاة والسلام مع الطلقاء ،لحظة اغتيال عمر رضي الله عنه،ومدى تعامل المؤرخين مع هذه الحوادث وغيرها واختلاف تفسيرهم لهذه الأحداث, ويختم هذا الفصل بالحديث عن تأثير سلبيات التجربتين الأموية والعباسية مثل تكريس مظاهر الاستبداد وتنحية البعد المقاصدي.
الفصل الثاني/ مشروع النهضة من البذرة إلى التمكين
رغم السلبيات التي ذكرها المؤلف في تاريخنا إلا أن المعالجة ممكنة بالاستفادة من تشخيص الوضع, ولايمكن التقليل من تأثير الأفكار طالما كانت صادقة حتى لو كانت بسيطة لذا يقول المؤلف : ( تمر الأفكار بأطوار هي أشبه بأطوار الاستحالة تلج فيها من عالم هو أشبه بعالم العدم ثم تنمو وتزدهر بالتدريج إلى أن تبلغ قمة نضجها واكتمالها)
ثم يستشهد بسورة الكهف التي يعتبرها بمثابة مراجعة أسبوعية لمشروع النهضة, وتتسلسل فيها أطوار مختلفة ابتداء من الفتية الذين آمنوا بربهم فناضلوا من أجل الحفاظ على الفكرة , ومروراً بقصة أصحاب الجنتين والمقارنة التي قادت إلى تحديد الثوابت،و قصة موسى والعبد الصالح وتكريس فقه الانطلاق إلى الواقع, ثم ختام السورة بقصة ذو القرنين وسر التمكين.
الخاتمة:
يتضح في نهاية الكتاب سبب تسمية البوصلة القرآنية بهذا الاسم، حيث تتضمن الخاتمة مؤشرات زمانية ومكانية ومناسبة هي بمثابة فرصة للبشرية للتغيير، وتذكير بالبداية الأولى للتغيير التي انطلقت من الغار, ويشدد في الختام على أن لانهضة إلا بالقرآن بقوله ( أي مشروع نهضوي يحاول أن ينهض بالأمة متجاوزاً القرآن الكريم هو مشروع مكتوب عليه الإخفاق سلفاً!).
ملاحظات
- يتضمن الكتاب تأريخ لأحداث اعتدنا على عدم الاقتراب منها فضلاً عن قراءتها بطريقة مختلفة , ولايلزم من قراءة الكتاب موافقة المؤلف على قراءته الخاصة لها.
- تقييمي للكتاب 3 من 5 والسبب أن قراءتي لسلسلة كيمياء الصلاة للمؤلف نفسه سبقت قراءتي لهذا الكتاب ( خلافاً لتسلسل الإصدارات), وبالتالي وجدت بعض التكرار الذي لايعيب الإصدار بالنسبة لقاريء لم يطلع على نتاج مسبق له.
- اقتباسات الكتاب تم طرحها في تدوينة مستقلة
http://www.h-alamal.com/?p=1079
منقول .