التباكي على زمان عمر
كثير من الخطباء والناس يحلو لهمالترحم على زمان عمر ولوم الذات لأنها لم تخرج حاكماً بتقوى عمر وزهده ويطالبونباستنساخ قصص عمر مثل ثوبه المرقع وتعسسه بالليل وحمله الدقيق على ظهره في واقعاليوم..
هذه القصص الراسخة في الذاكرةالجماعية للأمة عن نزاهة عمر بن الخطاب وعدالته تؤخذ منها الروح وليس بالضرورةالشكل والتفاصيل..
ليس واقعياً في عصر المؤسساتوترامي أطراف الدولة وتشابك الحياة وتعقيدها أن يحمل رئيس كيس دقيق على ظهره ويذهببه إلى بيت فقراء أو أن يتعسس تفقداً لأحوال الأمة أو أن يرتدي ثوباً مرقعاً أو أنيجمع الناس في المسجد ليشاورهم في أمر من الأمور..
حتى لو فعل رئيس مثل هذه الأفعالفي زماننا هذا فسيكون واضحاً فيها التكلف ولن تكون لها نفس دلالات أفعال عمر.
المطلوب اليوم ليس تعسس رئيس في الليل بل إنشاءأجهزة رصد لحاجات الناس، وليس المطلوب أن يغيث الرئيس أسرةً محتاجةً ويحمل لهاالدقيق على ظهره بل أن يعد برامج للقضاء على البطالة وتشغيل ملايين العاطلين، وأن تكون هناك ضمانات اجتماعية، وليسالمطلوب أن يلبس الرئيس ثوباً مرقعاً بل إنشاء أجهزة رقابة على أداء كبارالمسئولين لضمان الشفافية..
نستفيد من الروح التي كان يتحلىبها عمر بن الخطاب ونترجم هذه الروح وفق آليات عملية معاصرة لتحقيق العدل بينالناس ضمن إطار مؤسسي..