عجبا للبشر ... يحترفون سوء استخدام معطيات الله
ويتألهون على الله .. وكأنهم أعلم ممن خلقهم .. وأدرى منه سبحانه بأنفسهم
عجبا لابن آدم فعله ظلما … تريد دوما سوى ما ابتغاه ربك
رزقت الرضا قدرة للنفس أدبا … فما رضيت إلاه .. عن جهلك
وما المراد إلاه .. دوما شاكرا … ترضى لرب حكمة .. في رزقك
وحباك أملا.. في طلب المزيد … لتبتغي بيديك .. عمار سكنك
فما طلبت المراد .. بما وهب … بل للمزيد دوما .. ساخطا قدرك
وأنزل العلم .. قرآنا وتبيانا … فتهجر الحق .. وتجتري عقلك
وما النساء حباك إلا رحمة ودا … فلا تراهن .. إلا فتنة غيك
فقد وهب الله البشر خصلتان متناقضتان ولكل منهما حكمة وسببا
فوهبه القدرة على الرضا والقناعة .... ووهبه القدرة على التطلع للمزيد
وما وهبه الله هاتان الخصلتان والقدرتان .. إلا ليستخدمهما ابن آدم كما أمره ربه
فقد رزقه الله قدرته على التطلع للمزيد ....
حتى لا يرضى ويعجبه عمله ويقنع به .. فيمتنع عن العمل ويركن للكسل والتواكل ...
فيهمل مهمته في الدنيا وهي الإعمار للأرض التي استخلف فيها
وذلك حتى يستمر ابن آدم في آداء مهمته بإعمار الأرض ..
ورزقه القدرة على الرضا والقناعة ........
ليكون قادرا على الرضا برزقه فتقنع نفسه ... ولا تتمرد فتحاول اغتصاب ... ما ليس لها ... حراما
وحتى لا يحقد ... ولا يحسد ... ولا يتباغض
ولكنه الظلوم الجهول ... استخدم كل قدرة وهبها الله له فيما لا يجوز استخدامها فيه
فأساء استخدام هبات الله له في نفسه وجسده
فنجده دوما غير راض .. عن رزقه ... ودائما يحلم بالمزيد ...
يرى أنه يستحق أكثر مما رزقه الله به ... ودائما يرى رزق ربه دليل رضا من الله على عباده
وهو ما خالف حقيقة الحكمة من خلق الدنيا وما عليها ...
فالله يرزق ابن آدم .. برزقه في الدنيا ... وناظر ما يعمل فيه ابن آدم ومحاسبه عليه
بل ويرزقه بما يتوافق معه ... وما هو في صالحه
حتى أن الله لما تضرع بعض الملائكة لله أن يوسع أرزاق بعض البشر وأرادوا
قال لهم رب العزة ...
إن من عبادي من لو أغنيته لصلح حاله ... وإن منهم من لو افقرته لصلح حاله ...
فخلوا بيني وبين عبادي ...
فالرزق حجة إما لك .. أو عليك ...
والرزق ليس المال فقط ... بل هو أقل أنواعه ... بل هو .. كل ما وهبك الله من الدنيا لك ... وما ملكك الله ...
من اسم .. ورسم .. وكسم .. وصحة .. وقوة .. وعقلا .. وسلطانا .. وجاها ونسبا .. وزوجة .. وولدا .. ومالا ... وصحبة .. وسكنا ... وحب الناس ...
ولكن ... كل هذا العطاء المادي الملموس لا يريح ابن آدم ... وقد لا يجعله سعيدا ..
لآن هذا العطاء المادي لا يعادل أكثر من ربع الرزق في الدنيا ...
أما معظم الرزق في الدنيا ... فهو عطاء رباني للنفوس ... بالرضا والقناعة لترضى وتهنأ وتقر عينا ...
فالقناعة رداء الأمان لرزق الله ...
والصبر دواءه ...
وراحة البال بلسمه ...
وطيبة النفس عطره ...
وانشراح الصدر ثوابه الأكبر والدائم لما بعد الدنيا
ولست اقول كلاما غريبا ... ولا كلاما مجازيا ... ولا ضرب من الخيال والأحلام
والدليل أن الإنسان عندما يفشل في تحقيق ما يتمنى في الدنيا .... فقمة جهله ويأسه .. أن ينهي حياته بيده
والعجيب في البشر ..
أن أعلى معدلات الانتحار في العالم ... لا توجد إلا في أغنى الدول .. وبين أغنى الشعوب ... حيث البشر يعيشون رغد العيش... ولا يقلقهم رغيف العيش ..
ولكن يقلقهم الهمسة والكلمة وأي شائبة تشوب الرفاهية والتمتع بالحياة ...
فسبحان من خلق ورزق ... وعلم فأكرم ... ورحم فغفر
ولا حول ولا قوة إلا بالله
والله غالب على أمره ..... قد جعل الله لكل شيء قدرا
د . جمال عمر