هنا وحدي ؟؟
كنت ولا زلت أحلم بأن أكون شخصا طيفي الأثر ..
أريد أن أكون مثل الطيف في حياة الآخرين .. شيء خفيف يمر بسهولة ،
دون أن يترك أثرا بالغا ، أو قاسيا ، أو حتى جميلا مبالغا فيه ..
أتمنى لو استطعت أن أقوم بدور العصفور
الذي يعبر الفضاءات أعلانا دون ان يترك أثرا فيها .. ياله من محظوظ !!
أخاف من العبور المفخخ ..
أخاف منه ، وأحذره قدر استطاعتي ..
هناك من يعبر حياتنا عبورا مفخخا ، لاندري ساعة انفجاره ..
يعبرنا ، ويترك أثرا في حياتنا لا يمكن لأحد أن يمحوه ..
هؤلاء يرعبونني !!
يا ترى ما الأثر الذي نتركه حينما نعبر حياة آخر ، بغض النظر من هو هذا الآخر ؟
فربما يكون : ( أخ ، صديق ، جار ، زميل عمل ، حبيب ،
زميل سفر أو دراسة ، شخص يقف بسيارته بجانبنا عند إشارة مرور ،
من نلتقيهم عند تسوقنا ..
أي إنسان يترك أثرا فينا ، سواء علم بذلك أم لم يعلم ؟ )
هناك أناس نلتقيهم مرة في حياتنا ،
فرصة واحدة فقط تمنحنا إياها الحياة ، لنعبرهم أو ليعبرونا ،
مرة واحدة فقط ليترك كل واحد منا أثرا في الآخر ، ويا ترى أي أثر ؟
هؤلاء لا يسمح لهم أو لنا بتكرار الخطأ ..
هي مرة واحدة فقط .. وتصرخ الحياة فينا
( Time is up )
معلنة انتهاء الوقت ..
هؤلاء لا يمكننا تعديل أخطاءنا معهم ،
ولا يمكنهم أيضا هم فعل ذلك معنا ، إنها الفرصة الواحدة التي لا تتكرر .
بعض الأحيان تقف في مكان ما ، فتجد إنسانا يدخل ،
يملأ المكان بطيبته ، بخفة روحه ..
وتشعر بحق أنه ترك فيك أثرا طيبا ، ورائعا ..
ربما هذا الإنسان لم يتحدث معك ، ولا حتى مع أي أحد ،
ولكن حضوره يكون كافيا لترك أثر جميل ..
أو تدخل إلى مكان ما ،
وبنظرة عابرة (scan ) تمر على من هم قبلك في المكان ذاته ،
فتكتشف أن أحدهم ينتظرك ، رغم أنك لا تعرفه ،
ليترك فيك أثرا طيبا ، بحركته ، بإيماءاته ، بابتسامته ،
أو حتى بحديثه مع الآخرين ..
أخاف كثيرا من ترك الأثر ..
أخاف أن أترك أثرا ثقيلا على الآخرين ..
لا أدري لماذا أنا مهجوس بهذا الأمر إلى حد الجنون ..
واتساءل هل هذه حساسية تجاه الناس والأشياء ، والأفعال والتصرفات ،
أم أنها محاولة لعدم السماح للآخرين باختراقي .. ؟؟
وهل أنا بالفعل محصن ضد ذلك ؟؟
أم أن المسألة لا تعدو كونها خدعة ، أو كذبة أخرى أعيشها ؟
...
أحيانا يترك فيك أحدهم أثرا يدفعك للسعادة طيلة يومك ،
وأحيانا أخرى يترك أيضا أحدهم أثرا فيك ، فيدفعك للإحباط ، والانكفاء على نفسك ..
..
كم هو مخيف ترك الأثر هذا !!
..
أحيانا تأتيك مكالمة هاتفية ..
لا تستمر أكثر من دقيقتين ، تشعر أن أثرا جميلا تسلل إلى داخلك ،
وأحيانا تمضي مع زميل عمل أو دراسة سنة كاملة ، ولا يترك فيك أي أثر !!
أحيانا تهاتف أحدهم ،
وتعرف أن هذه المكالمة هي الأولى والأخيرة بالنسبة لك وله مع بعضكما ،
وأنت تتحدث معه تسأل نفسك أي أثر يتركه حديثك ،
وبعد المكالمة تكتـشف أنك بحاجة لتحسس داخلك
لتـفـتـش عن الأثر الذي تركه .. إن كان حقا قد فعل .. !!
..
عبور طفل بجوارك ..
سماعك لشيء جميل ..
تفتح زهرة على الرصيف ..
قراءتك لكلمة جميلة في كتاب ..
قبلة تطبعها في بطن كف أحدهم ، وتقول له ( خبـيها ) ..
كلها تترك أثرا في داخلنا ..
..
أعرف صديقا ضحكته تـفـتـنـني ،
وتترك فيّ أثرا لا يستطيع أي أحد أن يصنع أثرا مثله ..
أذكر أن أستاذة في الجامعة درستـني ،
تركت فيّ أثرا لا زلت إلى الآن أذكره ،
بالرغم من أن تصرفها ذاك كان عفويا ، ولم تكن تـقصد أي أحد بذاك التصرف ..
مرة من المرات قلت لزميل دراسة .. شكرا لك ..
فقال : لماذا ؟ قلت لأنك تذكرني بإنسانيتي ،
وتترك فيّ أثرا جميلا بأن الرهان الحقيقي هو على الإنسان الصادق ..
كل شيء حولنا يترك أثرا فينا .. ولكن أي أثر نتركه نحن ،
ونحن نعبر حياة الآخرين ؟؟
أي أثر نتركه حينما ندخل مكانا ،
أو نتحدث مع أحدهم ،
أو نكتب في منتدى ،
أو حتى حينما تأتي سيرتـنا على لسان أثـنين يتحدثان .. ؟؟
أي أثر نتركه ونحن نقف عند إشارة المرور،
أو حينما نعبر ممرا في جامعة ، أو نقف للتسوق من مكان ما ..
..
ترك الأثر هو المهمة الأصعب في الحياة ،
وخصوصا إذا لم تكن أمامنا فرصة أخرى للتعويض !!
(( تحياتي))
اختكم الجوهره