الباراسايكولوجي Parapsychologie([1])
ترجمة الدكتور حسيب حديد
كلية الاداب – جامعة الموصل
يمكن تعريف الباراسيكولوجيا أو مابعد علم النفس ب"الظاهرات او الظواهر التي تبدو لأول وهلة مستغلقة على التفسير أو فوق مستوى الفهم" والعمل على "تحليلها ومعرفة أسبابها قدر المستطاع. وذلك بدراسة الوسيلة التي تحدث فيه الظاهرات المشار إليها ويعيشها في داخله ظاهريا أو باطنيا، كذالك الذي يقرأ الأفكار أو يشعراو في الحقيقة يستشعر بالأحداث عن بعد زيادة على أنه لا يدري كيف تحصل لديه ولايعرف لها تفسيرا بل هو أحيانا يعجز عن القيام بها ولو إراديا كما أنه لايجيد إدارتها ولامراقبتها وإيقافها.. لأنها باطنية وليست في متناول يده.
هناك قصص كثيرة أيضا تنفي وجود تلك الظواهر. فيظل الواقع هو الحكم لإثباتها، كيف ذلك وهم يصرحون بقولهم أننا لم نكتشف حتى اليوم ماهية القوى الباطنية بأساسها ولاشروط ظهور الحاسة السادسة غير المادية ونوعيتها بشكل كامل، بل اقتربنا منها وأدركنا قسما من أسرارها. فإذا كنا على علم ببعض أو بكثير من الظروف التي تظهر فيها فهذا لا يعني أننا تحكمنا بها واصبحنا قادرين على اظهارها متى شئنا، وكيف شئنا، وأينما شئنا.
ان الظواهر الباراسيكولوجية هي مايدخل ضمن القدرة على توقع المستقبل ومعرفة الأحداث، او الاستشعار او قراءة الأفكار والتواصل عن بعد دون أجهزة الكترونية ! وتحريك الأشياء عن بعد، وقد تمتد للقيام بعمليات جراحية روحية، تحضير الأرواح والتواصل مع الكائنات الغيبية والخروج من الجسد والاقتراب من الموت وما إلى ذلك من أمور تحدث فالإعتقاد بتحريك الطاولة والأشياء دون أن تمتد اليد إليهما، أو إرسال رسائل من الموتى إلى الأحياء واستحضار ارواحهم وغير ذلك الكثير، كل ذلك يجعل ممن يعتقد بهذه الأشياء واقعا تحت استجابة الحصر القهري أي سلوك مندفع بفكر غير معقول من هنا يمكننا القول أن للحصر القهري علاقة بالسحر والشر والعقائد القديمة والتنجيم والبحث عن الأرواح الميتة والأشباح والقوة الخارقة. فالناس الذين تخيفهم الغيبيات والمجهول يشعرون بمخاطر لايدركون كنهها فيلجأون إلى تلطيف مخاوفهم واطفائها بالقيام بطقوس شعبية وبدائية تكتسب صفة الحصر القهري، الأمر الذي يجعل المعني هنا يدل على مدى تقربه من الرجل البدائي الذي يتخيل أنه في باستطاعته تغيير العالم الخارجي بأفكاره وحدها.
(ومن الناحية العلمية نقتيس الرأي العلمي الذي ينص على ان مايصفه الباراسيكولوجيين بالقدرة الخارقة للإنسان التي تظهر غالبا أثناء الانفعال الشديد كالخوف أو الغضب سببها وجود سلسلة من الأحماض الأمينية يعمل الهيبوثلايموس على تركيبها حسب العاطفة، ماينتج تفاعلات كيميائية تدفع بالغدة النخامية للعمل على تحفيز الغذة الكظرية لإفراز هرمون الأندرينالين، الهرمون الذي يضاعف قدرة الإنسان وطاقته لحدود قصوى، مايجعل الأمر يبدو كأنها قوى باطنية خفية مصدرها الروح وليست الروح سوى كلمة لتسمية شيء ما في الجسد) .
لا توجد في فرنسا اية شهادات تمنح في مجال الباراسايكولوجي كما ان مهنة الباراسايكولوجي لم تكن موضوعاً لاية حماية قانونية أي انها لا تحضى باية حماية قانونية او تشريعات قانونية. ولا يوجد في الحقيقة اي تعليم اكاديمي في هذا المجال في الجامعات الفرنسية ما عدا الجامعة الكاثوليكية في ليون حيث بدأت منذ عام 1995 تعليماً اكاديمياً في مجال الباراسايكولوجي.
ويذكر بان الذين يمارسون الباراسايكولوجي يخضعون الى ميثاق خاص باداب المهنة واستخدامها ويتضمن ذلك معايير مشدّدة تتعلق بالمريض وبالابحاث والنشر والجوانب الاخلاقية. ويجب ان نؤكد هنا بان الجانب العلمي يتحذر نوعاً ما من الباراسايكولوجي لانه يعد اصطلاحاً يرتبط بظواهر مختلفة وظواهر غامضة في الوقت نفسه. وفي الغالب هنالك اعتقاد بان الباراسايكولوجي يرتبط نوعاً ما بالدعاية والاعلام ويرتبط ايضاً بعمل السحرة الا ان هذا التمييز ليس معروفاً على نطاق واسع وثمة طريقة تعرف بالتخاطر(La télépathie) وهي عبارة عن اتصال عقلي بآخر بطريقة ما خارجة عن العادي او السوي ويعرف هذا بمبحث التخاطر. ومن جهة اخر يعتبر الباراسايكولوجي دراسة متعددة الاتجاهات تقوم على اساس تجريبي أي المنهج التجريبي للظواهر التي تدخل ضمن هذا الاطار وتفاعلها مع البيئة وغالباً ما تعرف هذه بالظواهر اما مؤسس هذا المنهج فهو جوزيف بانكس راين. ولابد من الاشارة الى ان الباراسايكولوجي حاول ان يؤسس له وجوداً علمياً ولذلك تم تقسيم الظواهر العقلية الى مجموعتين رئيسيتين الاولى هو ادراك ما فوق الحسي وهذا بدوره يتضمن الاستبصار(La précognition) والاستبصار يعني معرفة الاحداث قبل وقوعها والقدرة على رؤية كل ما هو واقع وراء نطاق البصر ومن ضمنها ايضاً هنالك مبدأ التخاطر اما القسم الثاني فهو ما يتعلق بالظواهر العقلية.
ويعتبر الباراسايكولوجي بصورة عامة في الاوساط العلمية بانه العلم (الكاذب) بسبب عجزه عن اثبات وجود موضوعه للدراسة أي انه لا تتم دراسته بصورة اكاديمية ولذلك يوجد مأخذ اخر على الباراسايكولوجي هو عدم وجود اية مبادئ علمية يستند اليها. وفي الوقت نفسه خضع الباراسايكولوجي الى مناقشات مستفيضة في الاوساط العلمية وتم توجيه نقاط عديدة من الاعتراض على الباراسايكولوجي واهم هذه النقاط هي:
1- عدم قدرته على اثبات طريقة علمية بوجوده وعدم وجود أي مسار علمي له.
2- هنالك مأخذ اخر يتمثل في ضعفه وضعف التجارب التي يقوم عليها وفي الوقت نفسه لا توجد هنالك ثوابت معينة بحيث انها تعتبر قابلة للقياس على حالات اخرى.
3- هنالك نقطة اساسية من النقد الموجّه الى الباراسايكولوجي تتمثل في عدم نجاحه في التوصل الى تجربة قابلة للانطباق أي يمكن تطبيقها على الجميع وبنفس النتائج الثابتة.
4- اما النقطة الاخرى فتتمثل بنقد كلاسيكي قديم يتعلق بالتحايل والتدليس ولربما (الدجل) حيث كما ذكرنا لم ينجح الباراسايكولوجي في التوصل الى خبرة يمكن ان تستجيب للجميع وبنتائج ثابتة.
5- هنالك نقطة اخرى توجّه اليه هي عدم قدرة الباحث في هذا المجال من نشر تجاربه التي تم التوصل اليها او ان يقوم فقط بنشر الجوانب الايجابية أي يقوم باعلان النتائج الايجابية دون ذكر النتائج السلبية المترتبة على استعمال الباراسايكولوجي.
6- يتصف الباراسايكولوجي بعدد قليل جداً من الباحثين حيث اننا عندما نراجع موضوع الباراسايكولوجي لا نجد الا عدد قليل ومحدود من الباحثين في هذا المجال. وكما ذكرنا فان الباراسايكولوجي غالباً ما يعرف بالعلم الكاذب للاسباب المختلفة التي ورد ذكرها انفاً. اما بالنسبة لانصار الباراسايكولوجي فانهم يعتبرونه حقيقة علمية. وفي الحقيقة فان الباراسايكولوجي يدرس الظواهر التي ليس لها الا مظهراً يتعذر وصفه وتوضيحه ويقوم عادة المتخصص في الباراسايكولوجي بتفحّص الظواهر التي تهمّه ويقوم بذلك من اجل تقليل القوانين المعروفة والمسوح بها.